نوسوسيال

بقلم:الصحفي دجوار أحمد أغا/ زمن التحولات الثورية

385

 

الزمن الذي نعيشه الآن, هو زمن البحث عن الحقيقة, زمن الأسئلة الصعبة, زمن الأشياء الخارجة عن المألوف, زمن التغيرات والتحولات الجذرية في بنية الانسان والمجتمعات . عادة ما تكون الأسئلة

الصعبة  بحاجة الى أجوبة صعبة, ومن بين تلك الاسئلة الصعبة؛ يمكننا أن نتساءل, ترى ما مدى إحساس الجماهير الكردية بالإرهاق والتعب من واقعها الحالي  وبأزمتها مع العصر وتحدياته في ظل

هذه المتغيرات على الساحة المحلية والاقليمية والدولية ؟. وما السبب الذي جعلها تعيش في خوف دائم سواء من الحالة السيئة التي تعيشها, أو الحالة الأسوأ التي تخشى أن تبلغها؟ .

اتسعت الهوة بين الجماهير وكتابها و مثقفيها الى درجة أصبح من الصعب على الكتاب و الأدباء و المثقفون الكرد من استنباط اسلوب يستطيعون من خلاله أن يوصلوا الأفكار والآراء التي يتبنوها

ويطرحونها الى هذه الجماهير بطريقة تكون قادرة على استيعابها. فشلت جميع الاطروحات الفكرية بمختلف تلاوينها واتجاهاتها في ان تؤصل الدعوة الى الديمقراطية و تجذرها بين الجماهير والسبب

الرئيس في ذلك, أنها هي ذات نفسها صاحبة هذه الاطروحات الفكرية, بعيدة كل البعد عن الديمقراطية الحقيقية . أضف الى ذلك أن الجماهير الكردية في بحثها الطويل عن حقيقة

الديمقراطية – والذي ما زالت تعيش فيه باحثة عنها-, أصبحت عديمة الثقة بنفسها وتشكك بكل شيء حولها حتى بقدرتها على ممارسة الديمقراطية إن وجدت .

إن عملية معرفة المستقبل الكردي في سائر اجزاء الوطن المقسم والمجزئ, لا تحتاج الى عقل تآمري ( يملكه الكرد بامتياز), فهم دوما ينعتون بعضهم البعض بالخيانة و التآمر, علما بأنهم في

حقيقة الأمر يستندون بظهورهم الى الطغم الحاكمة والمغتصبة لكردستان . رغم كل ذلك, لا زال هناك الكثير من الكرد يعتقدون بأن المستقبل الكردي مرتبط بشكل وثيق بالدول الغربية و الولايات المتحدة الاميركية على وجه الخصوص, وأنها لا بد و ان تحقق شيئا لنا ككرد, دونما حساب أي قيمة

 

حقيقية لوجودنا ككرد و كقوة اجتماعية و اقتصادية وعسكرية لا يستهان بها, ومتناسين في الوقت نفسه, بأن هذه الدول نفسها, هي التي قسمت وطنهم وجعلته مستعمرة دولية ليس لها أي صفة قانونية, وفق المعاهدات الدولية التي تم توقيعها مع السلطنة العثمانية, ومن بعدها وريثتها

الدولة التركية . وهناك قسم آخر يعول على روسيا و كأنها لا زالت الاتحاد السوفيتي داعمة لحقوق الشعوب في تقرير مصيرها, علما بأن السوفييت نفسهم هم من تخلوا عن جمهورية كردستان الديمقراطية التي أقيمت في شرقي كردستان في مهاباد بتاريخ 22 /1 / 1946, كما أنه في زمنهم

قضى مصطفى كمال أتاتورك و خلفائه على ثورات و انتفاضات الكرد بوحشية منقطعة النظير وقصف صدام حسين بطائراتهم الميغ قرى وبلدات و جبال كردستان مدمرا الحجر والبشر, ولم يحركوا ساكنا, بالإضافة الى أن روسيا أضحت الآن دولة مافيات ودولة رأسمالية تحاول أن تنافس الولايات المتحدة الاميركية و الدول الاوروبية في مصالحها .

ليس خافيا على أحد, أنه هناك دوائر ومراكز استراتيجية خاصة تعقد بانتظام ندوات تشاركية و مؤتمرات وحلقات في الجامعات أبحاث خاصة حول أية قضية تتعلق بمصلحة الأمن القومي والاستراتيجي للدول العظمى ومن خلال هذه المراكز و الدوائر تضع كافة الاحتمالات والخطط للتدخل

سواء العسكري أو الاقتصادي أو السياسي وهو ما يسمى ب “علم التخطيط السياسي ” و الذين يقومون بهذه الدراسات و يضعون الخطط  ليسوا بمتآمرين بل هم من أصحاب العقول النيرة و الفكر الحر والخبرة الكبيرة, كل في مجاله, يفكرون و يدرسون و يرسمون الخطط البديلة في حال فشل الخطة الأصلية لأي سبب كان, يناقشون كافة الاحتمالات الى ان يصلوا الى الخطة المناسبة للنجاح التام .

بينما نحن في عموم الشرق الأوسط وخاصة هنا في  ( روجافاي كردستان  ) وشمال وشرق سوريا, لا زلنا بعيدين كل البعد عن هكذا مراكز و دراسات و خطط استراتيجية لكي نجري أبحاثا و دراسات لنبني

عليها علمنا في التخطيط السياسي . لذا, نرى دوما سياستنا تتخبط يمينا و يسارا وتعقد الكثير من اللقاءات والاجتماعات مع العديد من الجهات الرسمية و الغير رسمية دونما نتيجة ملموسة تعود

بالفائدة على شعبنا, فحتى الآن لم تتمثل ادارتنا ضمن وفد المعارضة في محادثات دولية بخصوص سوريا وأعني هنا “محادثات جنيف”,- فيما عدا توقيع اتفاقية التعاون مع حزب الارادة الشعبية صاحب منصة موسكو في الآونة الأخيرة طبعا -, بالإضافة الى عدم تقدم وتطور حل الخلاف الكردي الكردي في الداخل .

لذلك, لا بد لنا ككرد أولا أن نسرع في توحيد رؤيتنا و موقفنا من قضيتنا القومية و ضرورة إدراجها في جدول أعمال أية مفاوضات بين المعارضة و النظام بصورة مستقلة لأهميتها المصيرية لشعبنا, بحيث نرسم سياستنا وفق هذا المنظور. و من جهة أخرى, علينا أن نخلق توافقا بين الممكن و المستحيل

وان ننطلق من أرض الواقع, فنحن نعيش هنا في روجافا و شمال وشرق سوريا معا, كردا وعربا وسريانا و آشورا وسائر المكونات وكذلك جميع الطوائف و الاديان مسلمين و مسيحيين و ايزيديين, قدرنا أن نعيش و نحيا جنبا الى جنب, دماؤنا اختلطت على سائر بقاع الوطن, لذا لا بد لنا جميعا أن نتحرك معا

وفق هذه الرؤية وهذا الواقع المعاش وأن نسعى لطرح قضايانا بشكل مشترك في أية مفاوضات جارية أو تجرى بحيث يكون لنا بصمة واضحة في أي اتفاق قادم وفق القرار الأممي 2254 القاضي

بانتقال سياسي سلمي, واجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بإشراف اممي, اضافة الى صياغة دستور جديد للجمهورية السورية؛ يتضمن حقوق و واجبات كل مكونات الشعب السوري و بمختلف قومياته و طوائفه, وفي مقدمتها القضية الكردية .