نوسوسيال

بقلم- ايلول : كوابيس في ظلال مشرعنة

352

 

 

 

 

كنت مجبرة على ذاك الزواج اللعين، اللعين بكل تفاصيله، كنت اكره مجرد التفكير بانني في يوم ساكون زوجة، كانت نظرتي عن تلك الليلة قاصرة، فقد ظننتها عابرة وستمر،  كنت اعتقد اني اسبق عمري باجيال لذا ساجيد التعامل مع كل ماسيحدث، و لم اكن ادري ان النهايات ليست دائما سعيدة ـ كما يقال ـ لم أشأ يوما ان اساوم على جمال الاشياء في روحي ولاعلى الاحلام التي اخذت كل عمري …في تلك الليلة كنت ابلغ من العمر الثامنةعشر لعلكم تعتقدون  الان انني لست بقاصر .. هل صدقتم؟  لست بقاصر.

لكنني مازلت ارى نفسي غير كاملة، وليس هناك من يجدر به لأكون زوجة له، تلك الزوجة التي تستطيع تقبل حياة كهذه، حياة بائسة، وجافة، حياة تقام على الجنس كواجب عائلي، وتكاثر يضيف بضع بؤساء الى كل هذا البؤس في الأرض.

كنت ابكي بحرقة، ابكي بكل اسف، وألم، وسؤال حاد كشفرة يقطع مخيلتي: هل هذه كذبة ام كابوس ام ماذا؟ ماالذي يحدث لي؟  لم اكن حينها سوى فتاة مغفلة حكمتها ظروف العائلة وعاداتها الرصينة، وقيمها التي كما لو اقتطعت من كتاب مقدس، فتاة لاتمتلك  من حرياتها ابسطها،  واولها حق الرفض لما يحدث او قد سيحدث.

بعد مقاومة يائسة، وتمرد ساذج لساعات، اذ بدت تصرفات الطرف الاخر كتصرف اي مغتصب حقود، كنت انظرر يااااا كم انت قاسٍ ياهذا، اي قلب لك وانت تنظر الى من تدعى زوجتك تتوسل اليك بأن تبتعد اذ كنت  ارى طفولتي التي تنذبح، وجمالي يهدر، وروحي تتمزق كخرقة بيد رجل جلف،  بعد بكاء طويل  ..وبعد ساعات في تلك الغرفة اللعينة دخلت السيدة ام الزوج ـ ونبرة صوتها بعد كل هذه الاعوام مازال يرن كجرس يخدش أذنيّ: “اتريدن ان تشككي الناس برجولة ابني .؟”

كم بدا لي مهما هذا الامر: رجولة ابنها: الرجولة التي تنتصب على دم يراق في بارزا الأم وهي تنشد  فحولة أبنها، فحولة تشبه تماما فحولة الحيوان في قيظ العفونة.

 

ياااااا اتذكر حينها وانا راكعة استجدي الوقت ليسرع و يمضي هذا اليوم فقط ، لكنني و بعدها بدقائق وجدت نفسي مستسلمة مكرهة بعد ان خرجت تلك السيدة وهي تنتظر علامة عذريتي، التي سيحاجج ابنها عالما أقرب الى الهمجية، والرعونة والغباء.

كنت في كل تلك التفاصيل العن العادات والتقاليد، ولكن روحي كانت تتكسر، وأكاد اسمع صوت تكسرها كزجاج رمي بحجر.

يااااا اية اهانة هذه؟ اية انسانية هذه ؟واية قلوب كنتم وملكتم.؟ اراك مجرد عاهرة كم ايتها الحياة، ويلسعني السؤال: هل جئت لهذه الدنيا، وكل حياتي محكومة بدم تلك الليلة.؟  اي عار هذا  واي ظلم يرافقني، منذ ان قررت آلهة الكون لتكون هويتي الجنسية انثى.؟

دم، انه الدم، دم تلك الليلة لم يكن فقط دليل عذريتي،  بل كانت شهادة وفاتي مختومة بحبر الأضاليل، و وفاة روحي واحلامي التي كانت تسع الدنيا من قبل،  بات جسدي بعد تلك الليلة يشكل قرفا بالنسبة الي، أنظر اليه فاشعر بالتقزز، كرهت انوثتي وكرهت اي شيء سيجمعني بذاتي بعد اليوم.

ومن ثم عرفت الكره، والغضب واليأس، وكان كرهي الاكبر حينها لعائلتي، هل كنت استحق كل هذا

سنوات مرت على روحي القاحلة وانا لم ازهر سوسنة، او حتى شوكة صيف،  سنوات وكأنها الامس

مازلت اجلد نفسي مرارا، وأدخل الى أعماق روحي، وتبدأ لهب التحسر والامنيات تعضني، ولعلي لوامتلكت قوتي هذه في الامس لما حدث كل هذا، في ليلة الدم تلك، الليلة التي سحقت روحا، سيصعب تجبيرها بعد اليوم.

اما ذلك الرجل الفحل، عزيز أمه وفخرها بين العالمين ، فانني لا أراه الا مجرد شبح يشبه البشر، و مغتصب حاقد، داس برجله النتنة حديقة كاملة ولوث أزاهيرها، كم كنت مذبوحة، وكم كنت مستسلمة ليأس أمام شبه انسان يقيس رجولته بعدد قطرات دم تنزفها الروح قبل غشاء البكارة.