نوسوسيال

الكويت/ بقلم الدكتورة غدير أسيري : الكوتا وإسعاف المرأة!

264

 

 

 

 

 

للأسف تمر الكويت بفترة تعد من أسوأ مراحل عزل المرأة سياسياً عن اتخاذ القرار، فنجد المجتمع السياسي ينفرها من المشاركة النسائية في الترشح للانتخابات، وعدم ترشحها للبلدي في انتخابات 2022 يعد انتحارها سياسياً، فهناك امرأة واحدة فقط تقدمت للمشاركة في الترشح للانتخابات الأخيرة بالبلدي ولم تنجح، مما يشير الى الإحباط العام والعودة إلى التفكير الجدي للتدخل الحقيقي الذي يحتاجه المجتمع، بعد غيابها عن الفوز في انتخابات مجلس الأمة 2020، وانتخابات مجالس الجمعيات التعاونية، وعزوفها عنها، بالرغم من تسابق الرجال في الإقبال إلى المشاركة، والذين تعدادهم أقل من نصف المجتمع.
وفي وسط تسابق الدول المحيطة والتطورات الهائلة التي تشهدها المنطقة والخليج ودول العالم، والتي من أهمها مكانة وتقدم المرأة بصنعها للقرار السياسي والتشريعي، وحل ملفاتها العالقة والمؤجلة وتردي التشريعات المتعلقة بشؤونها، وفي ظل إغلاق اللجان المتعلقة بالمرأة وقوانينها بمجلس الأمة، نجد أن هناك أحد الحلول التي تم اقتراحها في المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين عام 1995، وتم تطبيقه في أكثر من 100 دولة في العالم، هو نظام الكوتا الذي يعد حلاً مرحلياً، يعاد تقييمه بعد سنوات لحل مشكلة ضعف التمثيل والمشاركة للمرأة.

«الكوتا» Quota هي كلمة لاتينية تعني نصيب أو حصة، وطبّق للمرة الأولى في الولايات المتحدة الأميركية لتعويض الجماعات المحرومة أو الأقليات، بإلزام الجهات بتخصيص نسبة معينة من الطلاب المقبولين فيها، الذين ينتمون إلى أقليات عرقية وأصول وأديان، فطالبت به جماعات أخرى، مثل الحركات النسائية، كما طبق في بلدان أخرى كانت تشعر فيها الأقليات بأنها محرومة من الحقوق.

وبعض علماء القانون الاجتماعي أكدوا أن «الكوتا» هي تكافؤ الفرص لتحقيق المساواة، وهي المرحلة التي تسبق المساواة، وتحمي الأقليات من الظلم في المشاركة وقمع حقوقهم، والكوتا النسائية هي تخصيص نسبة معينة أو عددٍ من المقاعد في المجالس المحلية أو البرلمانية لتأخذ المرأة دورها في صناعة القرار، وهو نظام عالمي وحل طارئ، ليس اختراعاً خاصاً للكويت فقط، بل العديد من الدول تطبقه، وتقوم بتخصيص مقاعد للنساء في البرلمان، تمارس دورها التشريعي والرقابي أسوة بالرجل، وبلا شك أن المشاركة من الجنسين تنتج قوانين وتشريعات أفضل للمجتمع والمواطنين.

ومن ضمن المعاهدات التي تمت المصادقة عليها الاتفاقية الدولية لإلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة في 1979، وفي المادة 7 «أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد»، وأيضاً أوصت لجنة القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة عام 1988 بأن تزيد الدول الأطراف من استخدامها تدابير خاصة مؤقتة، مثل إجراءات إيجابية أو معاملة تفضيلية أو نظم للحصص من أجل تعزيز إدماج المرأة.

ومن خلال النتائج فإن الكويت تحتاج إلى تدخل قانوني وعملية إنقاذ لمشاركة النساء في عملية صنع القرار، وضرورة الإسراع في عملية المساواة في الاتفاقية الدولية لإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة، إذ جاء فيها لا يعتبر اتخاذ الدول تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل في المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة، بما جاء في وثيقة بكين بضرورة اتخاذ تدابير في النظم الانتخابية تشجّع على إشراك المرأة في المناصب العامة الانتخابية أو غير الانتخابية بالنسب والمستويات نفسها المتاحة للرجل، سيسهم في خلق مشاركة سياسية حقيقية للنساء اللاتي صعب وصولهن في نظام يطلق عليه ديموقراطي كما في الكويت، وهو أبعد ما يكون عن العملية السياسية، لأن تطبيقه يتماشى مع الفئوية والعرقية والتشاورية والتزكيات، ويمارس بالخفاء وغير معلن لتشويه النظام الانتخابي.

الكاتبة في سطور
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
غدير محمد محمود غلوم رضا أسيري، ناشطة وأكاديمية وسياسية كويتية، خاضت انتخابات مجلس الأمة عام 2016، تخرجت من جامعة الكويت بعد حصولها على درجة الليسانس في الفلسفة من كلية الآداب، حصلت على الماجستير من جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية في مجال الخدمة العامة، حصلت على درجة الدكتوراة من جامعة سوانزي المملكة المتحدة في مجال السياسة الاجتماعية، وهي سياسية ليبرالية مستقلة، بخصوص الحالة الاجتماعية فهي متزوجة ولديها ابن يدعى جبريل[3]، اختيرت وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة الكويتية برئاسة سمو الشيخ صباح الخالد بتاريخ 17 ديسمبر 2019.