نوسوسيال

الابتزاز  الذكوري  “لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى…”

245

حين يختلط الظلم بالجهل بقهر النساء في مجتمعات تختزل الشرف في أجسادهن، نجد أنفسنا أمام حكاية الشابة المصرية بسنت.لم تتجاوز ربيعها السابع عشر… قام مجرم بفبركة صور لها بهدف الابتزاز. انتشرت الصور ووصلت لأهل قريتها ولأسرتها.

بسبب الجهل الرقمي، وبسبب السعار الذي يصيب أغلب الأهالي عندما يتعلق الأمر بأجساد بناتهن، وبسبب استعداد المجتمع لتصديق أي شيء حين يتعلق الأمر بسمعة الفتاة…انتحرت بسنت.

تركت رسالة موجعة تقسم فيها لأمها بأن الصور مفبركة وأنها أحست بالقهر وأصيبت بالاكتئاب…. ثم وضعت حدا لحياتها!

للأسف، في وقائع كهذه، يميل الجميع لعدم تصديق الفتاة ولاتهامها في أخلاقها وفي شرفها.

لنفترض أن الصور حقيقية وليست مفبركة. ألا يفترض في الأسرة دعم الفتاة لحمايتها من المبتزين والمستغلين؟ إلى متى سنستمر في توجيه اللوم للضحايا، لمجرد أن هناك بذرةَ شك حول سمعة الفتاة، رغم أن المجرم الحقيقي هو من يبتزها  وهو أيضا كل من يساهم في نشر الصور على نطاق واسع؟

نحن هنا أمام حقيقتين إحداهما أكثر إيلاما من الأخرى:

أولا، فالأسر والشباب والمؤسسات التعليمية تفتقر لمواكبة حقيقية وتوعية بالتحولات الرقمية. تصديق الكثيرين للأخبار الزائفة ونشرهم للصور والمعطيات الشخصية، ينبئ بكوارث كثيرة في القادم من الأيام. يحتاج الإعلام وتحتاج البرامج التعليمية للتركيز بشكل جيد على تحديات العالم الرقمي لكي نغير تعاملنا مع ما نتوصل به، ولكي نفهم أن الصور والفيديوهات قد تركب أو تخرج من سياقها، وبأن تزييف الوقائع سهل، ولكي نفهم آثار التنمر والابتزاز الرقمي.

ثانيا، علينا أيضا أن نعي أننا، سواء كانت الصور حقيقية أو مفبركة، لا يمكن أن نستمر في إلقاء اللوم على النساء. بسبب ملابسهن. بسبب صور حقيقية أو مفبركة. بسبب رسائل أخرجت من سياقها… وإلا، فهذا يعني أننا نتعاطف مع بسنت فقط لأن الصور مفبركة. فهل، لو كانت حقيقية واستعملها ضدها شخص آخر، سنعتبر أنها تستحق التشهير وتستحق الضغط النفسي الذي أدى بها للانتحار؟ أم أنها ضحية للابتزاز والتشهير سواء كانت الصور حقيقية أو مفبركة؟ وأنها ضحية مجتمع يختزل كل همومه في جسد وشرف النساء، حتى حين يكون هناك مجرم حقيقي في مكان ما من اللعبة؟

للآباء والأمهات، تواصلوا مع أبنائكم وبناتكم قبل فوات الأوان. التنمر والعنف الرقمي والابتزاز واقع حقيقي قد تعيشه بناتكم وقد يعيشه أبناؤكم الذكور أيضا. أبناؤكم وبناتكم أهم بكثير مما قد يقوله الآخرون!