نوسوسيال

تقرير : سيدار رشيد / ماذا ينتظر نساء أفغانستان بعد عودة طالبان؟

298

كانت حياة النساء والفتيات في ظل حكم طالبان بين عامي 1996 و2001 حياة قاسية وصعبة. واليوم، تخشى العديد من الأفغانيات من أن يعيد التاريخ نفسه، في الوقت الذي تسعى فيه الدول الغربية جاهدة، بما في ذلك سويسرا، للتصدي لتداعيات عودة حركة طالبان إلى السلطة.

منذ جيل مضى، كانت النساء في أفغانستان مجبرات على ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، وتم منعهنّ من ارتياد المدارس والجامعات وممارسة الوظائف، وتعرّضنَ للعقاب البدني أو حتى الموت بدعوى انتهاك “قوانين الشريعة الإسلامية”، وتحمّلن وطأة السياسات القمعية لطالبان.

المتحدثون باسم طالبان أعربوا عن إرادتهم في جعل الأمور مختلفة هذه المرة، وصرّحوا لوسائل الإعلام بأن المرأة ستتمكن من الدراسة والعمل، وحتى تولّي مناصب حكومية.

ولكن رغم ذلك، وحسب قريبات نادية قادر المولودة في سويسرا، واللاتي يعشن في كابول، ليس هناك شك فيما يخبئه لهن لمستقبل.

                                      الوجه المُتحوّل لجنيف الدولية

نيويورك ونيروبي وفيينا وجنيف: في عالم الحوكمة العالمية، تظل المنافسة شرسة بين المدن المُضيفة التي تُصارع من أجل الإسهام بقسط ما في الحراك الكوني.

تتواصل نادية طالبة الماجستير في جامعة برن مع عماتها وبنات عمومتها كل يوم، وتعلق على وضعهن وكونهن أصبحن لا يبرحن المنازل وغير قادرات على الذهاب إلى المدرسة أو العمل وتقول: ” الأمر واضح بالنسبة لهن – لقد عايشن هذا قبل 20 عاماً”.

وتقول قدير، التي قامت خلال فصل الصيف الأخير بزيارة أفغانستان، البلد الأصلي لوالديها، إن “النساء والفتيات الأفغانيات متعلمات وعصريّات وذوات تصميم وعزيمة – وهنّ يرتَدْن المدارس والجامعات، ومنهنّ من يعملن كطبيبات أو كصحفيّات أو معلّمات، لا سيما في مدن مثل كابول”. “لذلك [في الأيام الأخيرة] تغيرت حياتهن تماماً.”

يتزايد القلق من عدم احترام حركة طالبان لحقوق الإنسان – وخاصة حقوق النساء والفتيات – في فترة استيلاء الحركة على السلطة في أجزاء كثيرة من البلاد. لكن من غير الواضح ما إذا كان المجتمع الدولي سيكون قادراً على منع تحوّل انتهاكات الحقوق إلى عرف سائد، ومحاسبة حركة طالبان على أفعالها.

                    حملة لجمع التبرعات من أجل أفغانستان

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، وفي جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، لبحث الوضع في أفغانستان، قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت إن فريقها تلقى “تقارير موثوقة” عن حصول انتهاكات، تتضمّن فرض القيود على حق النساء والفتيات في التنقل بحرية، والحق في الالتحاق بالمدارس.

وأضافت: “هناك مخاوف كبيرة على أوضاع النساء والصحفيين وقادة المجتمع المدني من الجيل الجديد، الذين برزوا في السنوات الماضية”، واصفة حقوق المرأة بأنها “خط أحمر أساسي”.

من جهة أخرى، تقول وزارة اللاجئين والعائدين الأفغانية إنها تلقت تقارير – وإن لم تكن مؤكدة – عن مقتل رجال مدنيين، وكذلك عن إجبار نساء وفتيات على الزواج من مقاتلي طالبان. وبحسب رويترزرابط خارجي، لقيت صحفيات وعاملات في مجال الرعاية الصحية وموظفون مكلفات بتنفيذ القانون مصرعهن، في سلسلة من الهجمات على أثر بدء محادثات السلام العام الماضي بين طالبان والحكومة الأفغانية

                                     تأكيدات جوفاء؟

ورداً على سؤال حول ما إذا كان من الممكن الوثوق بتأكيدات طالبان بشأن السماح للنساء بالدراسة والعمل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية السويسرية، بيير آلان إلتشينغر، إن وزارة الخارجية لا يمكنها تقديم تقييم بشأن ذلك، في ظل الظروف الحالية.

تعتبر المساواة بين الجنسين ركيزة أساسيةرابط خارجي للسياسة الخارجية السويسرية منذ عام 2017. وتطبق الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون SDC، قرار الأمم المتحدة رقم 1325رابط خارجي المتعلّق بشؤون المرأة والسلام والأمن، مع التركيز بشكل خاص على منع ممارسة العنف القائم على النوع الاجتماعي في حالات الصراع. والجدير بالذكر هنا، أن سويسرا استثمرت إلى حدّ كبير في مجال تعليم المرأة في أفغانستان (انظر الإطار).

عقدان من الاستثمار السويسري في أفغانستان

وخلال الاجتماع الأخير لمجلس حقوق الإنسان، أعربترابط خارجي سويسرا عن قلقها العميق إزاء الهجمات التي يتعرّض لها المدافعون عن حقوق الإنسان والأقليات، وأشارت إلى وجوب التحقيق في أي انتهاكات بصورة مستقلة.

وعلى الرغم من الوضع الأمني الصعب والتهديدات التي يتعرض لها السكان المحليون فيما يتعلق بالنضال من أجل حقوق المرأة، أكدت الأمم المتحدة، بأنها هي واللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تتّخذ من جنيف مقرّاً لها، تنويان متابعة مهامهما في أفغانستانرابط خارجي.

كما صرّحت منظمة “نداء جنيف” Geneva Call ، وهي منظمة إنسانية تعمل أيضا لمساعدة النساء في أفغانستان من أجل إيجاد الآليات للحد مما يتعرّضن له من العنف ، لـ SWI swissinfo.ch بأن النساء اللاتي يعملْن ضمن الطاقم الصغير لموظفيها المحليين يواصلْن العمل. وتحاول المنظمة غير الحكومية ضمان قدرتها على القيام بذلك بأمان من خلال الاعتماد على شبكة من المجتمع المدني والفاعلين الدينيين في المناطق التي ينشط فيها الفريق.