نوسوسيال

مصر تقترح تشكيل قوة أفريقية مشتركة لمكافحة الإرهاب..

453

وصف خبراء سياسون دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته بالقمة الأفريقية لعقد قمة لتشكيل قوة أفريقية مشتركة لمكافحة الإرهاب بأنها تعكس الدور المصري وجاءت في وقت حاسم في ظل خطورة تفشي الإرهاب في كافة أنحاء القارة، موضحين أن تشكيل مثل هذه القوة يصب في اتجاه حل أزمات القارة داخليا.

وأعلن السيسي استعداد مصر لاستضافة قمة أفريقية تخصص لبحث تشكيل قوة أفريقية مشتركة لمكافحة الإرهاب، داعيا الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي للتشاور المستفيض حول كل الأبعاد التنظيمية والموضوعية لتلك القمة، وهذه القوة المقترحة بمعرفة مجلس السلم والأمن الأفريقي واللجنة الفنية للدفاع، على أن يعرض الأمر على هيئة مكتب القمة في أقرب وقت.

وجاءت هذه الدعوة في ظل مناقشة القمة الأفريقية العادية الـ33، بأديس أبابا لملف “إسكات البنادق وتهيئة الظروف للتنمية في أفريقيا”، وهي المبادرة التي يحمل الاتحاد الأفريقي شعارها العام الجاري برئاسة جنوب أفريقيا، بهدف إنهاء الصراعات الداخلية وكل أشكال الاقتتال في القارة.

 

في وقت حاسم

ومن جانبه، قال السفير علي الحفني، نائب وزير الخارجية السابق للشؤون الإفريقية، إن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام القمة الأفريقية لتشكيل قوة أفريقية مشتركة لمكافحة الإرهاب هي مبادرة جاءت في وقت حاسم للقارة الأفريقية وخاصة منطقة الساحل الأفريقي، مضيفا إن هذه الدعوة تنم عن إدراك مصر لخطورة تفشي ظاهرة الإرهاب في القارة.

وأوضح الحفني، في تصريح لـ”الهلال اليوم”، أنه رغم العديد من الآليات التي تم إنشائها في إطار الاتحاد الأفريقي وبالرغم مما تم إعداده من تدابير مع الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، فإن الإرهاب في الآونة الأخيرة تفشى في القارة، مؤكدا أن الجميع يدرك أن نشاط المنظمات الإرهابية يتسع وتزداد كثافته وتزهق بفعله الكثير من الأرواح في القارة.

وأكد أن الإرهاب أصبح ظاهرة ممتدة من شرق إلى غرب القارة مرورا بوسط أفريقيا، فضلا عن الوضع في الشمال الأفريقي وخاصة ليبيا، والتي تشهد في الآونة الراهنة عملية تجري على نطاق واسع، لجلب المرتزقة والعناصر الإرهابية بأعداد كبيرة من سوريا والعراق إلى ليبيا بما يهدد القارة فضلا عن تدفق العتاد العسكري.

وأشار إلى أن ذلك كله إلى جانب تعطيل التسوية السياسية في ليبيا رغم محاولات الزاعامات التي اجتمعت في برلين وتوافقت على ضرورة الحفاظ على الهدنة وتحويلها إلى وقف لإطلاق النار دائم، وإعادة إحياء دور الأمم المتحدة للتسوية السياسية هناك، مضيفا إن المبادرة المصرية تعكس تصورا استراتيجيا للأمن القومي المصري وارتباطه بالأمن الأفريقي.

وأضاف الدبلوماسي السابق إن الميليشيات والعناصر المتطرفة وتفشي الإرهاب في القارة يؤثر على نهوض اقتصاديات الدول الأفريقية وتحقيق التنمية فيها، موضحا أن مؤتمر وزراء الدفاع لتجمع الساحل والصحراء في 2016 في شرم الشيخ توصل إلى ضرورة تكثيف عملية التبادل المعلوماتي والتنسيق والتعاون بين الدول المشاركة لمواجهة الجرائم العابرة للحدود ومحاصرة الإرهاب.

ولفت إلى أن هذا الاجتماع قرر إنشاء مركزا لمكافحة الإرهاب والذي أنشئ في مصر، ومنحت ألف منحة لتأهيل الكوادر الأمنية الأفريقية في المجالات الأمنية والعسكرية وما يتصل بها، كذلك استضافت مصر اجتماع لجنة الأمن والدفاع التي عقدت مستوى الخبراء ورؤساء الأركان في ديسمبر 2019 في العاصمة الإدارية والذي خرج بعدد من التوصيات رفعت إلى القمة الأفريقية أمس بأديس أبابا.

وتابع إن الرئيس بطرحه لهذه الدعوة فإنه يؤكد أن دور مصر مستمر لا ينتهي بنهاية فترة رئاسته للاتحاد الأفريقي، وخاصة وأن التحديات التي تواجهها القارة جسيمة، مؤكدا أن السيسي دق ناقوس الخطر ليستدعي انتباه القادة الأفارقة لضرورة التحرك العاجل لمواجهة استفحال هذه الظاهرة التي سيؤدي استمرارها لتدمير الأزهر واليابس.

 

حل أزمات القارة داخليا

وقال الدكتور رمضان قرني، خبير الشئون الأفريقية، إن الطرح الذي عرضه الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس أمام القمة الأفريقية بأديس أبابا والدعوة إلى عقد قمة أفريقية وإنشاء قوة مشتركة لمكافحة الإرهاب هي أحد أشكال العطاء المصري للقارة الأفريقية انطلاقا من رؤية مصر لأزمات وقضايا القارة.وأوضح في تصريح لـ”الهلال اليوم”، أن هذه الدعوة تصب في اتجاه الحلول الأفريقية للأزمات الأفريقية، فظاهرة الإرهاب تهدد أفريقيا، فأصبحت القارة يحيط بها حزاما من الجماعات الإرهابية شرقا جماعة شباب المجاهدين في الصومال وجماعة جيش الرب في أوغندا وبوكو حرام في الغرب والقاعدة شمال غرب القارة وداعش في الشمال.

 

 

 

 

 

وأكد أن منطقة الساحل والصحراء أصبحت ملتهبة أيضا، فأصبح هناك حاجة ملحة لمواجهة هذه الظاهرة التي بطبيعتها تؤثر تأثيرا سلبيا على قضايا التنمية وخاصة التنمية المستدامة، مضيفا إن الطرح المصري يتماشى مع الرؤية المصرية لمكافحة الإرهاب والتي ترتكز على مقاربة شاملة لظاهرة الإرهاب، وألا يقتصر مكافحته على البعد الأمني فقط وإنما سياسيا وثقافيا ودينيا.

 

 

 

وأضاف إنه منذ 2014 حتى اليوم كانت كافة خطب الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك أمام القمم الدولية المشتركة مع أفريقيا خلال رئاسته الاتحاد الأفريقي في 2019، كان هناك سمة ثابتة للخطاب السياسي المصري وهي المقاربة الشاملة لمكافحة الإرهاب باعتباره أحد التحديات الأساسية لعملية التنمية في أفريقيا.

 

 

 

 

 

وأشار إلى أن مصر على مدار رئاستها للاتحاد الأفريقي قدمت مصر العديد من الآليات لمكافحة الإرهاب في أفريقيا، أبرزها ثلاث آليات رئيسية، أولها مركز الاتحاد الأفريقي لمكافحة الإرهاب في دول الساحل والصحراء والذي تم تدشينه في 2018 واستضافت قاعدة محمد نجيب العديد من التدريبات العسكرية المشتركة.

 

 

 

ولفت الخبير السياسي إلى أن الآلية الثانية هي انطلاق منتدى أسوان للسلم والتنمية المستدامة باعتباره مركز تفكير حقيقي لقضايا الإرهاب والتنمية والسلم والأمن، مضيفا إن الخطوة الثالثة هي تدشين مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة إعمار الدول في مرحلة ما بعد النزاعات، حيث تعول مصر على أهمية الحفاظ على الدولة الوطنية والسيادة.

 

 

 

وأكد أن هذه الآليات إلى جانب مشاركة مصر في قوات حفظ السلام، فمصر هي الدولة الثانية على مستوى القارة من حيث المشاركة بواقع ثماني بعثات، تجعل مصر مهيئة للعب دور كبير في قيادة قوات إفريقية لمكافحة الإرهاب ويجعل استضافة قمة لبحث مكافحة الإرهاب في متناول القارة الأفريقية انطلاقا من الحلول الأفريقية للأزمات القارية.

 

 

استمرار لدور مصر

ومن جانبه، قال اللواء حمدي بخيت، عضو لجنة الشئون الأفريقية، إن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتشكيل قوة أفريقية مشتركة لمكافحة الإرهاب تأتي في إطار قراءة مصر للتهديدات الراهنة في ظل انتشار عناصر الإرهاب في القارة الأفريقية، والتي تتواجد في شمال ووسط وشرق وغرب القارة مثل بوكو حرام وداعش والقاعدة وشباب المجاهدين في الصومال وتنظيمات أخرى.

 

وأوضح في تصريح لـ”الهلال اليوم”، أن القارة الأفريقية واعدة في قدراتها وإمكانياتها والمواد الخام بها، وتتزايد التهديدات للاستقرار والصراعات الداخلية والعناصر الإرهابية بما يؤدي لحالة من الفوضى في القارة، مشيرا إلى أن هذه الدعوة هي استمرار للدور المصري، حيث كانت مصر هي رئيس الاتحاد الأفريقي 2019 وخلال رئاستها له نجحت في استشعار هذه التهديدات.

 

 

 

وأضاف إن المقترح المصري أن تكون هذه القوى أحد أدوات الاتحاد الأفريقي، كما أن هذا المقترح هو أحد الأدوار التي تقوم بها مصر بعد انتخابها في عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي، مؤكدا أن مصر يمكنها أن تلعب هذا الدور أيضا عبر عضويتها في “الترويكا” التي تضم رؤساء الاتحاد الأفريقي السابق والحالي والمقبل.