نوسوسيال

الكاتب الصحفي دلشاد مراد: فن وأدب المقاومة

607

 

 

عند تعرض أي شعب أو بلد ما للعدوان والاحتلال الخارجي، يستنفر ذلك الشعب أو البلد بكامل طاقاته لرد العدوان، وتلعب كافة القطاعات المتواجدة بدورها ووظائفها في مهمة الحفاظ على الأرض ورد العدوان. والأدب والفن هما جزآن لا يقل أهمية عن أي قطاع آخر لتلبية نداء الواجب في المراحل المصيرية لشعوبهم وبلدانهم. ويعتبر فن وأدب المقاومة من أبرز الآداب تناولاً وتأثيراً في الذاكرة الجمعية للشعوب، ولاسيما إن كانت ذو قيمة عالية مضموناً وأسلوباً.

فن وأدب المقاومة تعريفاً، هو النتاجات الكتابية في مختلف الأشكال الأدبية “الرواية، القصة، الشعر، المقال…الخ”، والنتاجات الفنية “الموسيقا، السينما، الرسم، المسرح …الخ”، المعبرة عن فكرة الدفاع الذاتي (ضد الهيمنة على المجتمع والوطن) ومقاومة العدو، ويعتبر مصطلح “المقاومة” أكثر شمولاً ودقة من المصطلحات الأخرى التي يطرحها البعض، للتعريف بهذا النوع من الأدب والفن، كمصطلح “أدب الحرب” على سبيل المثال، وتحتل “فن وأدب المقاومة” الجزء الأكبر من “أدب الثورة”، بل ويعتبر الكثيرون أنهما يعبران عن ذات الأفكار والمواضيع.

يقوم فن وأدب المقاومة، بدراسة تحليلية لواقع المجتمعات بدقة، وإظهار محاسن الشعوب وتمجيد بطولاتها على مر التاريخ، وإذكاء حالة الأنفة والكبرياء لدى الشعوب، وصنع وتعظيم رموز المقاومة والشجاعة، ورفع المعنويات والحماسة لدى الجمهور، وفضح أساليب ومساوئ العدو، وهذا كله يجعل منه قطاعاً له أهميته الكبرى في بث روح المقاومة لدى الشعوب والأمم. وبذلك يأتي أهمية فن وأدب المقاومة من التأثيرات المعنوية الإيجابية التي تتلقفها الرأي العام أو الجمهور من النتاجات الأدبية والفنية، والتي تشكل الدور الأكبر – إلى جانب الإعلام وقطاعات أخرى- في البنيان الفكري والثقافي لدى الفرد، أي بناء الجانب الروحي والمعنوي لدى الفرد والمجتمع عموماً. وهذا بدوره له الدور الأساسي في ربط الفرد بمجتمعه ووطنه، وبالتالي في إذكاء وتعظيم وتمتين حالة المقاومة والدفاع الذاتي لأي شعب ما.

ومن أبرز النماذج الأدبية المقاومة في العالم، شاعر نيكاراغوا الأكبر “أرنستو كاردينال”، ومن أبرز دواوينه، “صلاة الهندي الأحمر”، ويتضمن قصائد ديوانه أغاني الطقوس الهندية القديمة المقدسة، وذلك في سياق إحياء ثقافة الشعوب الأصلية في أمريكا الوسطى، ودعوتهم للمقاومة والثورة على مستعمريهم وعلى الاستغلال.

وفي العالم العربي ظهر العديد من الأدباء الذين انتقدوا السياسة الاستعمارية لبلدانهم، داعين الجماهير إلى المقاومة والعصيان، نذكر منهم عبد الرحمن الكواكبي، خير الدين الزركلي، خليل مطران، غسان كنفاني وهو أول من استخدم مصطلح أدب المقاومة عربياً، ومحمود درويش، وفي الفن لمع اسم مارسيل خليفة وسميح شقير.

وفي كردستان كان الأدب والفن الكردي بمعظمه تعبيراً عن الآلام الكردية وفضحٌ لسياسات الاستعمار والاحتلال، ودعوةٌ لأبناء الشعب الكردي إلى اليقظة والمقاومة والثورة ومن أبرز الأسماء جكر خوين، شيركوه بيكس، آرام ديكران… وغيرهم كثيرون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* كاتب وصحفي كردي، مواليد منطقة ديريك (1984م)، درس الاقتصاد في جامعة دمشق، محرر سياسي ورئيس تحرير صحيفة روناهي (2013-2018م)، رئيس اللجنة الثقافية بالمجلس التشريعي لإقليم الجزيرة (2014- 2016م)، المدير العام ورئيس تحرير مجلة شرمولا الأدبية منذ تأسيسها في 2018م، مؤلف كتاب “أيديولوجيا الإبادة العرقية في الشرق الأوسط” في 2019م.