نوسوسيال

بقلم:دجوار أحمد أغا/ حرب آرتساخ (كاراباغ) … وحقيقة النزاع في القفقاس

366

 

مضى إسبوع على اندلاع الاشتباكات مجددا في اقليم آرتساخ ( ناغورني كاراباغ) بين القوات الآذرية والقوات الارمنية وتصدرت هذه الاشتباكات نشرات الاخبار والصفحات الاولى في معظم وسائل الاعلام الاقليمية والعالمية , ونحن بدورنا سنلقي الضوء على حقيقة النزاع و دوافع كلا من روسيا وتركيا

وايران اللاعبين الرئيسين في المنطقة على خلفية النزاع ومدى تشابك المصالح بينهم بحيث يدفع بتركيا السنية ورئيسها أردوغان الى دعم الجمهورية الآذرية الشيعية التي تقع على حدود ايران زعيمة المذهب الشيعي بلا منازع, وبالمقابل تتوجه ايران الى دعم وتقديم المساعدة والوقوف الى جانب

أرمينيا المسيحية والتي ينظر نظام الملالي في ايران اليهم ككفار  دعونا في البداية نتعرف على موقع جمهورية آرتساخ وعملية نشوئها و استقلالها. تقع جمهورية آرتساخ ( ناغورني كاراباغ) والتي هي بالأساس أراضي أرمنية وسكانها غالبيتهم من الارمن في شرق أرمينيا وكانت قد دخلت ضمن

آراضي روسيا القيصرية في بداية القرن التاسع عشر, اسم آرتساخ معناه بالأرمنية “غابة الاله” فكلمة آر نسبة الى اله الشمس لدى الارمن آرا وتساخ تعني الغابة, أما كلمة ناغورني كلمة روسية تعني مرتفعات و قره باغ تعني بالتركية الحديقة السوداء وهذه الجمهورية ذات الحكم الذاتي تشكلت في

العهد السوفيتي وتم ضمها بداية لأرمينيا ولكن فيما بعد وفي زمن ستالين تم فصلها عن ارمينيا والحاقها بأذربيجان. بعد تفكك الاتحاد السوفيتي اعلنت آرتساخ استقلالها عن آذربيجان ورغبتها في الانضمام الى ارمينيا مما دفع بأذربيجان الى شن حرب شعواء عليها بهدف استعادة السيطرة عليها,

هذه الحرب التي أسفرت المعارك فيها عن مقتل أكثر من 30 ألف شخص بين عامي 1988 و1994.
يدور الصراع على هذا الاقليم الواقع في قلب “القوقاز” والقريب من منابع النفط في بحر قزوين حيث تتشابك وتتضارب المصالح الإقليمية والدولية بين الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا فضلا عن

اللاعبين الأساسيين في الأزمة أرمينيا وأذربيجان.ولمعرفة وفهم التطورات المتسارعة بين آذربيجان وأرمينيا والصراع الدائر في إقليم آرتساخ “ناغورني كاراباخ” والتحالفات القائمة في هذه المنطقة علينا معرفة التركيبة الديمغرافية القوقازية، فالتحالف الارمني-الروسي يرتكز على الانتماء “الديني

المسيحي والطائفي الأرثوذكسي ، اما التحالف الأذربيجاني-التركي قائم على أساس الأصل واللغة المشتركة للشعبين فهم من قبائل الاوغوز “الغز” التي قدمت من الاورال في اسيا الوسطى بينما الانتماء الديني واحد والطائفي مختلف تركيا سنية و آذربيجان شيعية . أما ازمة الايرانيين تكمن في

عدم قدرتهم على استيعاب أن هناك دولة شيعية ليست تحت زعامتهم الدينية للطائفة , لا بل على العكس من ذلك تماما تروج لمشروع “الجامعة الطورانية” النقيض لمشروع “ولاية الفقيه”، مما دفع بإيران الى التحالف مع المحور المسيحي (روسيا وارمينيا) لمواجهة “الكفار” الشيعة في أذربيجان

المتحالفين مع تركيا.من هذا المنطلق نرى بأن الصراع قائم ما بين القوى الكبرى والاقليمية حيث نرى بأن تركيا تسعى من خلال تدخلها المباشر الى جانب آذربيجان توجيه عدة رسائل أولها الى روسيا التي تقف في صف أرمينيا مفادها بأن تركيا لها مصالح هامة وحيوية في المنطقة وهي تنافس

روسيا عليها مسألة النفط وغيرها , ورسالة اخرى الى ايران المنافس لها في المنطقة وعلى اكثر من صعيد, وهو ما تسعى من خلاله تركيا الى ابراز نفسها كقوة كبرى ورئيسية في المنطقة خاصة بعد دورها المؤثر في تطور الاحداث في الازمة السورية واحتلالها لمناطق سورية وكذلك تدخلها في ليبيا

و اليمن والسودان والآن في آذربيجان التي رفدتها بمئات المرتزقة السوريين الذين أصبحوا عبيدا لتركيا و للمال. سقط حتى الان في معارك آرتساخ العشرات من هؤلاء المرتزقة .
ختاما نستطيع القول بأن المعارك والاشتباكات الدائرة في اقليم آرتساخ لن تدوم طويلا فهي لعبة

مصالح وتركيا لم تتدخل لمساعدة اذربيجان من اجل الشعب الاذري انما من اجل مصالحها ومن اجل تغطية الفشل الذي مني به أردوغان سواء في الداخل من خلال تفكيكه للديمقراطية في البلاد والزج بمئات السياسيين والبرلمانيين المنتخبين ديمقراطيا في السجون والمعتقلات لمجرد معارضتهم للسياسات التدميرية التي يسيرعليها بالنسبة للدولة التركية سواء السياسية او الاقتصادية وحتى العسكرية .
دجوار احمد اغا تشرين الاول 2020