وقبيل الانتخابات المقررة يوم الأحد المقبل، تعصف أزمة تكلفة المعيشة الآن بشعبية أردوغان في كردستان المحتلة من الأتراك مثل بقية البلاد، مما يهدد فرصته في معركة صعبة يخوضها للاحتفاظ بالسلطة.

ويقول محللون إن النهج القومي المتزايد للحكومة قوّض شعبية أردوغان بين الأكراد الذين يشكلون 20 بالمئة من السكان ويُنظر لهم على أنهم يلعبون دور “صانع الملوك” في الانتخابات.

وقال دالجيتش من موقع لا يزال العمل فيه جاريا لرفع أنقاض مركز تسوق منهار قرب مقر محطته التلفزيونية في ديار بكر، أكبر مدينة في المنطقة، “الآن أقول لتركيا إن التغيير ضروري … الشباب بلا أمل ولا مستقبل”.

وأظهر استطلاع للرأي نُشر هذا الأسبوع أن 76.3 بالمئة من الناخبين في ديار بكر يؤيدون مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية كمال قليجدار أوغلو مقابل 20.5 بالمئة يؤيدون أردوغان.

ولم يكن لحزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري، شعبية تُذكر في جنوب شرق تركيا في الماضي لكنه تمكن بزعامة قليجدار أوغلو من الوصول إلى الأكراد وإلى حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد والمهيمن في أنحاء المنطقة الذي حصل على 67 بالمئة من الأصوات في ديار بكر في انتخابات 2018.

* “مشكلة كردية”

تشير استطلاعات الرأي إلى تراجع شعبية أردوغان في المنطقة لكنه ما زال يحتفظ بقاعدة من المؤيدين مثل التاجر عادل أيدين، الذي يربط حزب الشعب الجمهوري بقمع الدولة للأكراد لفترة طويلة قبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة.

وقال أيدين في متجر الأجبان الخاص به في المنطقة التاريخية وسط المدينة “بمجرد أن قال أردوغان ’مشكلة الأكراد هي مشكلتي’، حل السلام في هذه المنطقة”، في إشارة إلى محاولة أنقرة لإنهاء صراع مستمر منذ عقود في المنطقة.

ورفع حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا وحلفاء غربيون كجماعة إرهابية، السلاح في مواجهة الحكومة عام 1984. وأودت المواجهات بحياة أكثر من 40 ألفا.

وأشار أردوغان في حملته الانتخابية مرارا إلى وجود روابط بين حزب العمال الكردستاني وتحالف المعارضة، دون تقديم دليل، سعيا على ما يبدو إلى الاستفادة من العداء القومي العميق تجاه الحزب المسلح.

وكان أردوغان قد بدأ منذ عقد من الزمان عملية سلام مع حزب العمال الكردستاني. وانهارت المحادثات عام 2015 لتبدأ فترة من الحرب الشرسة في مدن جنوب شرق تركيا، بما في ذلك في شوارع بالقرب من متجر أيدين. لكن التاجر لا يزال يأمل في انتهاء الصراع الذي يتركز الآن في شمال العراق.

وقال أيدين “يرغب الأكراد في العودة إلى عملية السلام. إنهم يتوقون للسلام”، مؤكدا ثقته في الرئيس. وأضاف “مثلما يقول الناس، إذا كان هناك من يمكنه إنجاز ذلك، فإنه أردوغان”.

وكان لدى دالجيتش مثل هذه الثقة ذات يوم، إذ يتذكر مدى تأثره الشديد عندما رأى أردوغان يتحدث لأول مرة منذ عقدين من الزمن وعندما كان يعتبر أن حزب العدالة والتنمية هو من لديه “الخلاص”.

وقال “بكيت. شعرت باختناق. كانت هذه المرة الأولى التي أرى فيها قائدا مهيبا بمثل هذا الحماس”.

لكنه يقول إنه بعد مرور عشرين عاما، سيمنح صوته لقليجدار أوغلو الذي أظهرت بعض الاستطلاعات تقدمه في المنافسة على الرئاسة.

* تغيُّر أردوغان

أعلن حزب الشعوب الديمقراطي، ثالث أكبر حزب في البرلمان، دعمه لقليجدار أوغلو. وسيخوض الحزب الانتخابات باسم حزب اليسار الأخضر الصغير للتحايل على محاولة لحظره بحُكم قضائي بتهمة صلته بحزب العمال الكردستاني، وهو ما ينفيه.

ومن محبسه أدار زعيم حزب الشعوب الديمقراطي السابق السجين صلاح الدين دمرداش حملة انتخابية رفيعة المستوى، كما نشرت زوجته هذا الأسبوع مقطع فيديو وجهت فيه أنصار الحزب بمنح أصواتهم لزعيم حزب الشعب الجمهوري.

وفي مقر حزب الشعوب الديمقراطي في ديار بكر، قال المرشح البرلماني محمد أمين أكتار إن الرئيس قد تغير على مر السنين.

وقال أكتار “أردوغان، في لهجته وسلوكياته، مختلف جدا اليوم عنه قبل 20 عاما”، وعزا التغيير إلى انهيار عملية السلام في 2015.

وأعقب ذلك حملة إجراءات صارمة استمرت سنوات على حزب الشعوب الديمقراطي، حيث تم اعتقال ألوف من مسؤولي الحزب وأعضائه والإطاحة بالعشرات من النواب ورؤساء البلديات المنتخبين من مقاعدهم ومنحها لمسؤولين حكوميين غير منتخبين.

وقال أكتار، الرئيس السابق لنقابة المحامين في ديار بكر، إن “هذا الضغط الحكومي … ينتهك ويقمع جميع الحقوق مثل حرية التعبير والحق في التنظيم والتظاهر”.

وتلقي الصعوبات الاقتصادية والبطالة بظلال على اختيارات من سيدلون بأصواتهم لأول مرة في ديار بكر، ويقول البعض إنهم يحتمل أن يمنحوا أصواتهم لحزب الشعب الجمهوري، وهو ما لم يكن احتمالا قائما في الماضي.

وقال فرقان  جولر (21 عاما)، وهو عامل في محل تبغ “أعتقد أنه من المرجح جدا أن أصوت لحزب الشعب الجمهوري لأنه يقدم وعودا بشأن التعليم والاقتصاد والصحة. كما أنه مناسب للتغيير أيضا”.

وأشار أحد زبائنه، وهو طالب عمره 19 عاما، إلى أنه يفكر أيضا في التصويت للمعارضة، لكنه يفكر كذلك في ما هو أبعد من ذلك إذا لم تتحسن الأمور في تركيا.