نوسوسيال

عادل القليعي يكتب : موقف عبد الحليم محمود من الفكر الاستشراقي .

289

 

                                                  القاهرة – نوس سوسيال الدولية

 

 

 

 

 

حقيق علينا وعلى كل من هو مهتم بالفكر الفلسفي أن يبرز دور هؤلاء الأساتذة العظماء ومواقفهم المشرفة التي نصروا فيها وبها الفكر الإسلامي في شتى مجالاته متصدين بكل ما أوتو من حكمة

ورصانة وموضوعية للهجمات الشرسة التي دوما ما كان ولا يزال يتعرض لها الفكر الإسلامي من بعض المغرضين الذين لا هم لهم اللهم إلا التشكيك في فكرنا العربي والإسلامي. إنه عبد الحليم محمود قطب من أقطاب الفكر العربي والاسلامي ، فما جهوده في مواجهة بعض المستشرقين غير المنصفين.
مولد نابغة عصره وزمانه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ووزير الاوقاف الأسبق وقطب من أقطاب التصوف الحديث و المعاصر، ورائد من رواد المدرسة الشاذلية التى من خلالها أقام التصوف على الكتاب والسنة.

                                    الشيخ الد كتور عبد الحليم  محمود


فضيلة الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود فلا يعرف قدر الرجال إلا الرجال ، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، وعلى قدر أهل الكرام تأتي المكارم.ولد الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود، فى ٢ من شهر جمادى الأولى عام ١٣٢٨ ه‍ الموافق ١٩١٠ م فى مركز بلبيس فى محافظة الشرقية حفظ القرآن الكريم في صغره

والتحق بالأزهر الشريف عام ١٩٢٣م ، حصل علي إجازة العالمية عام ١٩٣٢مسافر إلى فرنسا وحصل على درجة الدكتوراة فى الفلسفه الاسلامية (تصوف) عن الحارس المحاسبى عام ١٩٤٠م .تدرجه الوظيفى ، عمل مدرسا لعلم النفس بكلية اللغة العربيه بجامعة الأزهر، ثم عميدا لكلية أصول الدين عام ١٩٦٤م ،ثم أمينا عاما لمجمع البحوث الإسلامية، ثم وكيلا للأزهر الشريف فوزيرا للأوقاف، ثم شيخا للجامع الأزهر.

له العديد من المؤلفات نذكر منها ، أوروبا و الإسلام، التوحيد الخالص ، الإسلام و العقل ، التفكير الفلسفى في الإسلام ، المدرسة الشاذلية الحديثة و إمامها أبو الحسن الشاذلي.وافته المنيه فى السابع عشر من أكتوبر عام ١٩٧٨م.تصدى الدكتور عبد الحليم محمود لكثير من الشبهات التى أثارها بعض المستشرقين ضد الفكر الفلسفى الإسلامي ومنها القول بأن الإسلام فى جوهره وتعاليمه وتوجهاته يحارب العقل فى نشاطه الخلاق

ويحول دون حرية النظر والتفكير في مجال العلم و الفلسفة، وأن الإسلام يدعو أصحابه إلى الجمود والتبعية

والإنقياد الأعمى لأوامر الله ونواهيه .فرد الدكتور عبد الحليم محمود ردا منطقيا على هذه الفرية متسلحا بثقافته الموسوعة وعقلانيته المستنيرة مدعوما بومضات إيمانية وهبات صفائية ونفحات لدنية من لدن حكيم عليم، مؤكدا على أهمية إهتمام الإسلام بالعقل فى ممارسة نشاطاته الفكرية قائلا : لقد جاء الإسلام هاديا للعقل فى

مسائل معينة، هى قضايا ما وراء الطبيعة، العقائد الخاصة بالله تعالى وملائكته ورسله واليوم الآخر وبالغيبات على العموم.أما فى مسائل الأخلاق، أى الخير والفضيلة وما ينبغي أن يكون عليه سلوك الإنسان وكيف أقر الإسلام مبدأ الوسطية دونما إفراط أو تفريط فالعقل هو صمام الأمان الذي يضبط منظومة القيم الخلقية ويحفظ لها هيبتها

وبقائها.كذلك فى مسائل التشريع الذي ينظم به المجتمع وتسعد به الإنسانية فجاء الدين هاديا فى هذه المسائل بالذات، لأن العقل إذا بحث فيها مستقلا بنفسه فإنه لايصل فيها إلى نتيجة يتفق عليها المجتمع .أما الطبيعة وظواهرها ، والكون و موجوداته ، والمادة في شتى صورها وأشكالها ، فإن الإسلام قد ترك ذلك كله

للإنسان يدرسه ويعمل فيه عقله ما إستطاع إلى ذلك سبيلا حتى يكتشف سنن الله الكونية ونواميسه الطبيعية ويرى صنع الله الذى أتقن كل شئ فالبحث العلمى له أهميته القصوى إذ يتيح للإنسان أن يدرك أن هناك علة قصوى تقف خلف هذا الكون مدبرة إياه.نعم إنه شيخنا الجليل الدكتور عبد الحليم محمود رائد من رواد التجديد

في العصر الحديث والمعاصر، ترك لنا قرابة 60مؤلفا، لو أعدنا قراءتها من جديد لوجدنا فيها ضآلتنا المنشودة من إصلاحات فكرية وثقافية ودعوية تزهو وتزدهر بها الأوطان.لا يكفي مقال أو مائة مقال لنوفي هذا الرجل الموسوعي حقه، لكن تناولت جانبا من جهوده الفكرية ضد محاولة بعض المستشرقين للنيل من الإسلام والفكر الإسلامي، وكيف تصدى لأمثال هؤلاء شأنه شأن المصلحون الخلص الذين يحبون دينهم ويحبون أوطانهم.

أستاذ الفلسفة الإسلامية بآداب حلوان ورئيس قسم الفلسفة السابق.