نوسوسيال

بقلم الدكتور صابرعبد الدايم:الرؤية السردية فى كوتشينة للروائي نشأت المصري

429

 

 

 

 

              /بقلم / أ. د . صابر عبد الدايم . عميد كلية اللغة العربية الأسبق. /

,

 

 

مدخل [شذرات من السيرة الذاتية للمؤلف

إن المبدع نشأت المصري، يعد من جيل الوسط، أو كما يقول المصطلح التراثي ’’ من المخضرمين’’ الذين عاصروا التيارات الكلاسيكية في فنون الإبداع، وأشرقت ملكات السردية والشعرية مع تباشير مدارس التجديد والتحديث، فهو ينزع إلى الأصالة في رؤاه وتجاربه، وإلى الحداثة  في معمار بنائه الإبداعي في الأعمال السردية الروائية.. والشعرية، ونتاجه الروائي يتفوق على نتاجه الشعرى كما وكيفا،

والروائي نشأت المصري لم يفتن بموجات التمرد والعبث، ولم يُخدع بأى وافد يستعلي على هويتنا، ويحاول التسلل من خلال أقنعة فنية تجيد التخفي والمخادعة وتتفنن في زلزلة ما نتمسك به من ثقة في قدرتنا على التجاوز والأضافة والتحديث والتجديد، ونحن بمنأى عن الانشطار أو الانكسار، والإحساس بالدونية، والشعور بالسكونية والعجز والاغتراب

                   الصورة تكريم الكاتب والروائي نشأت المصري

* وتتوالى إبداعات نِشأت المصري السردية ، فيقدم أعمالا روائية للكبار ومنها [ نفرتيتي – تاوسرت – بلباى – خاص جدا – المهزوز – دماء جائعة – ملائكة فى الجحيم – الكلاب لاتنبح عبثا وغيرها ]

* وقدم للمكتبة العربية أكثر من مائة كتاب للكبار والأطفال في الشعر والقصة والرواية والمسرح والتراجم.

* وقوله، بعض الأعمال الروائية للكبار، يشع بشفرة نصية تؤكد وعيه الجمالي بضرورة مشاركة المتلقي، أو القارىء العمدة في استكمال زوايا التجربة الإبداعية حيث ترسخت أسس نظرية التلقي ، وظهر مصطلح القارىء العادى، والقارىء العمدة.. وهو الناقد الخبير المتمرس، فالناقد لا يقل أهمية عن دور المبدع.. وقد أكد ذلك قول الناقد هانس روبارت على نحو جلى :

إن القارىء ضمن الثالوث المتكون من المؤلف والعمل والجمهور  ليس مجرد عنصرسلبي يقتصر دوره على الانفعال بالأدب، بل يتعداه إلى تنمية طاقة تسهم فى صنع التاريخ، لذلك لا يعقل أن يحيا العمل الأدبي فى التاريخ من دون الإسهام الفعلي للذين يُتوجه إليهم، ذلك أن تدخلهم هو الذى يدرج العمل ضمن الاستمرار المتحرك للتجربة الأدبية[ٌ عالم الفكر العدد 186 – الرواية العربية الجديدة ].

* والناقد ’’ ريفاتير،، في سياق تفصيله لمعايير  تحليل الأسلوب يقدم هذه الأطر المنظمة للتلقي :

أ. الكاتب أو المبدع ينقل إلى القارىء دلالة الرسالة وموقفه منها.

ب. القارىء يصنع مع النص الإبداعي مثلما يصنع السامع مع الحديث.

ج. عملية الاستقبال تكون خاضعة لمزاج القارىء، وتكون تفسيراته أكثرتحررا وأغراض المؤلف أكثر عرضة للتحريف.. والتأويل.

د. يختلف تفسير النص من ناقد لآخر، حسب المثيرات الأسلوبية.

* وبعد، فهذه مقدمة تقودنا إلى اكتشاف جماليات السرد فى رواية كوتشينة.. في ضوء سيميائية العتبات النصية، وتقنيات الرؤية السردية.

والقارىء العمدة لهذه الرواية لابد أن يمهد لهذه القراءة السيميائية للإبانة عن مصطلح’’ الرؤية السردية’’ والعتبات النصية، وهى مصطلحات تداولها النقاد كثيرا ومنهم الناقد الفرنسي جون يويد في كتابه زمن الرواية حيث طرح عدة أبعاد لمصطلح الرؤية السردية اعتمادا على علم النفس وهى :

  1. الرؤية من الخلف.. حيث يعلم السارد أكثر مما تعلمه الشخصية عن نفسها.

  2. الرؤية مع، حين تتساوى معرفة السارد مع معرفة الشخصية

  3. الرؤية من الخارج، حيث تكون معرفة السارد أقل من معرفة الشخصية والرؤية السردية – من المفاهيم الأكثر أهمية في رصد جماليات النص السردى لأننا لا ندرك المتن الحكائى إدراكا مباشرا وأوليا كما فى المسرح مثلا، وإنما من خلال إدراك سابق وهو إدراك يتغير بدوره بتغير تموضعاته، واختلاف أنواع العلاقات التى يقيمها مع شخصيات عالمه التخيلى مما يكون له دون شك انعكاسات بالغة على تلقينا له.

  4. * وعتبات النص في هذه الرواية تتعدد شفراتها وتأويلاتها، وهى تعد من تكوينات هذا العمل الروائى المؤسسة،والتى من خلالها يفك المتلقى شفرات النص السردى، وتتنوع العتبات.. وقد تجتمع كلها في نص واحد ومنها

ا. عتبات ذاتية، وهى العتبات التى يضعها المؤلف كالعناوين والمقدمات والإهداءات، والعناوين الفرعية، وتوزيعات البياض والسواد، ورواية كوتشينة مشحونة بكل هذه العتبات التى تثرى النص، وتفك شفراته.

  1. عتبات غيرية : وتقع مسئوليتها على الناشر، كالجوانب المادية والفنية للعمل.

  2. تفويضية. كالتصميم والإخراج ولوحة الغلاف والهوامش.

  3. صوتية لغوية . وهى من أهم العتبات التى تكمن فى ثناياها براعة الكاتب وإيقاع أسلوبه وقدرته اللغوية، والابتكارات الأسلوبية .

  4. عتبات لغوية كتابية [ خطية وطباعية ورقمية ]

  5. عتبات أيقونية . كالصورة التشكيلية والفوتوغرافية.

  6. عتبات سياقية، فكثير من المعانى والقيم الجمالية للنص مرتبطة جوهريا بالسياق.

والكاتب نشأت المصرى تشع روايته من خلال تجسيد المواقف، وإبراز الصراع والمفارقات – تشع الرواية بكثير من هذه العتبات السياقية كما ستوضحه هذه الدراسة.

  1. عتبات ذهنية معنوية [ انظر عتبات النص الشعرى الحديث، د. صادق القاضي] .

 * وفي ضوء ما تقدم وبعد القراءة الكاشفة للرواية..ستكون هذه الدراسة النقدية من خلال المحاور الآتية:

أولا : العتبات النصية، ودورها في تشكيل الرؤية السردية.

ثانيا : دلالة المكان في السرد والتحامه بالزمان[ تداخل الأزمنة والأمكنة] .

ثالثا. من سمات الشخصية وأبعادها.

رابعا : المستوى البيانى المصور للأحداث والمواقف والشخصيات.

خامسا : من أبعاد الرؤية السردية [ البعد الفلسفي، البعد الصوفى ، البعد السياسى.

** أولا : سيميائية العتبات النصية

* سيميائية العنوان .. وفلسفة الحياة.

إن الكاتب نشأت المصرى حينما وضع هذ العنوان الغريب المثير للتساؤل.. كوتشينة.. أراد من خلال عتبة العنوان الذاتية والسياقية أن يعلن عن فلسفته الحياتية وعن رؤيته للواقع بكل نتوءاته وتفاصيله، ولعنوان في منظور النقد الحديث يعد أول تجليات الخطاب التى يقابلها القارىء قبل أن يشرع فى قراءة النص، ومع أن وظيفة العنوان هى التحديد والتسمية ، ولعل اسوأ العناوين في الكتابة الفتية – كما يقول النقاد – الذي يأتي علامته ناجزة، لأنه يلغي الاحتمالين الأخيرين، ولأنه بهذا الإلغاء يهمش دور القارىء في إعادة إنتاج النص، وتأويل دلالته النهائية، ولأن العنوان وشم من جهة وضعه ورسم من جهة تفسيره، فإنه ينفتح بالضرورة على آلتين متكاملتين ترتبط الأولى بتصدية العنوان، بينما تؤسس الثانية دلالة العنوان,, انظر الرواية العربية. ممكنات السرد. الكويت  2008 م’’.

وقد أكد المؤلف هذا التوجه لرؤيته السردية، وفلسفته في الحياة حين قدم غلاف الرواية من خلال العتبة التفويضية، وظهرت على وجه الغلاف بعض أوراق هذه الكوتشينة، وركز المؤلف على شخوصها – الشايب – الولد – البنت – الرقم 10- الرفم صفر . – فالحياة في تناقضاتها وصراعها، وملابساتها أشبه بهذه اللعبة الورقية الساحرة، الماكرة الخادعة، وكل أحداث الرواية وشخوصها تعلن عن الصراع الخفى والمعلن بين كائنات بشرية متناقضة تركض وراء رغبات محمومة، بمنأى عن إيقاع الحياة المتزن حتى على مستوى الأفراد والشعوب، ولقد أصاب هذا التشوه الإيقاع العالمي، ومهما تجمل العالم لمن هذا التجمل كما يقول الكاتب في الفصل الأخير أكذوبة.

* ومن شفرات هذا العنوان أو لوحة الغلاف أن الكاتب لم يجعل الرؤية معتمة ولكنه وضع قرص الشمس على جانب سماء الغلاف وهو فى حالة الشروق أو الغروب وهى رؤية تشكيلية تفتح المجال لتأويل الفصل الأخير.. لكنه أكذوبة.. وهو سطر ونصف السطر، مكثف تكثيفا دلاليا وسرديا يعلن أن الشروق هو القادم بعد فتك وباء كورونا بالعالم ’’ قيل سيكون العالم مختلفا بعد كورونا، وتتغير الفصول، وتختفي أكذوبة الفصل الأخير’’ فى حضور الحياة’’. وفي الفصل الرابع عشر وعنوانه.. لكن المبشرات جائعة ..يسرد على لسان أحد الشخصيات الرئيسة.. صفوت.. الأحداث، والمؤلف فى هذا الصنيع ويقدم روايات متعددة داخل الرواية الواحدة، وكلها خلايا تصنع كائن الرواية الحى بكل شخوصه وتفاصيله في هذا الفصل، وعلى لسان صفوت يفسر المؤلف ويفك شفرة العنوان.. كوتشينة.. وهو تفسير مغلف بقناع البعد البعد الثقافي والرؤية الإيجابية التى يتبناها الكاتب وذلك في سياق تحليله للبعد الأسطوري في بطولة ياسين لاعب السيرك في الريف ، يقول الكاتب مصورا الذكريات والتداعيات على لسان صفوت في تساؤلات مثيرة كاشفة وهو على سرير المرض، قفز إلى خاطره مشهد الروائي الأمريكي صاحب رواية العجوز والبحر، والحائز على جائزةنوبل أرنست هبمنجواى ، هل كان شخصا شجاعا لأنه أعاد ترتيب كوتشينة الأيام والحوادث بزواجه أربع مرات، وهل حقق ذلك توازنا أكثر، وإن يكن لماذاإذن تخلص من جسده بطلقة رصاص في رأسه كأبيه ، وهل هذه شجاعة من نوع مختلف؟ وأية شجاعة تلك فى الهروب من الحياة.؟.

من الغريب كذلك أن يكون الكثيرين من المنتحرين من العظماء والفقراء، لكن المتأملين والعباقرة يثابرون مثل جون هوبكنز العالم المذهل,, الرواية ص 92,,, .

وفي الفصل السادس عشر وعنوانه ( لكنه يأتي كل يوم. وهذا الفصل ترويه سما ) على لسانها في إطار البوح النفسى، وتيار الوعى وتجسيد الرغبات الحسية، وفيه ما يفسر العنوان ويفك شفرته، إنها تصور قلقها وشوقها لصفوت، وهو الذى عشقته في سياق العواصف التى أطاحت بما بينها وبين خايل زوجها المتبلد تقول :

’’ ألقيت المحمول إلى جوار الأباجورة الأورجوانية، ودارت عيناى في الحجرة التى ازدادت اتساعا كأنني أراها الآن فقط.  ثم تصور سماح المكان تصويرا مجسدا لفلسفة الحياة ومفسرا لنفسيتها المشتت ولحياتها  وهى اشبه، السجادة ذات المثلثات البيضاء والبنية والخضراء، كرقعة اللعب، تتأهب المثلثات لاستقبال زهرتى النرد وهما أنا وخليل، حيث نهدر أصول اللعب وكثيرا ما تندفع زهرة خليل خارج رقعة اللعب.. تأمل دلالات هذا التصوير  ’’ آه كم تمنيت أن أرقص في جنون، على هذه المثلثات لمن أحبه.

* وفي الفصل الخامس والعشرين تتجسد شفرة العنوان وسيماه وتتأكد فلسفة المؤلف التى يتبناها على لسان شخصيات الرواية .. على الرغم من أنه في ختام الرواية يؤكد ويقسم أنه مجرد مصور يحمل كاميرا الكلمات، فيسجل ما يجرى دون تدخل منه، لكنها لم تصدقه، ونحن كذلك، لكن الإبداع الروائى إنتاج آخر للحياة ، وصناعة متجددة لأحوال الكائنات، إنه الراوى العليم.

* وتأمل كيف يصور الكاتب رؤيته لصراع الأجيال في رؤية واقعية .. ضبطت سماح المحمول في بيتها على أغنية بعيد عنك لأم كلثوم، وكأنها تناجي صفوت، ولم يعجب الأم هذا الصنيع من سماح، لأن الأم صار عشقها الوحيد هو صوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وتأمل اختيار الفعل ’’صار’’ وهو يحمل دلالة التحول في سياق تحول الاهتمامات وتغير مناخ الشخصيات.

* وتقفز عتبة العنوان مرة أخرى.. جهزت سماح الكوتشينة ، وتحلقت هى وأمها وأنيسة حول منضدة حائلة اللون.. وأطالت سماح تفنيط الكوتشينة، لوحت أمها بيدها متعجبة  ، قالت سماح: كثرة التفنيط تقصر الطريق إلى العدل والسعادة.

* ألقت الأم أوراقها على المنضدة ، إنها تحمل صورة ال آس، تمهلت سماح،  اقترحت الأم تأجيل اللعب لوقت آخر، تداركت سماح: لا لا لم يعجبنى ترتيب الأوراق وها أنا ذا أرتبه من جديد: تصورى يا أمي الكوتشينة كلها ليس فيها رقم الصفر، هذا الرقم الحيادى، وتبدأ من رقم 1  كأنها صوت الحياة.

فمن لا يجعل نفسه رقما تنساه الحياة.

لم تتوفع سماح تعليقا، وزعت الورق، وألقت أمها ورقة بنت ،حصدت سماح البنت ببنت أخرى معها، ضمتهما معا، قالت البنات معا قوة، واصلتا اللعب، انتهت بتفوق الأم ربما لأن سماح تهاونت لتفرح الأم بالفوز. ص 160 ..

 وفي الفصل نفسه’’ ولكن العالم مجرد حجرة، يحرص المؤلف على سيمياء الرمز وعلى تجذير فلسفة العنوان لتأسيس فلسفة حياتية  يطمح إليها التائهون، ولكنهم لا يهتدون ولا ييأسون.

* وبصور من خلال الرمزأبعاد العلاقة بين سماح وصفوت، وهى تصاب بوباء أشبه بالكورونا، وعلى المنضدة المجاورة لسماح ورق كوتشينة مبعثر  سحبته وعبثت  به .، عرضت اللعب على صفوت، رحب بالفكرة، شمر قميصه كأنه سيبارزها …………………….قال: هاهو الورق طوع إرادتك. ثم لجأت سماح إلى حيلة أنثوية واقعية. وهى تفرد الورق اقترحت أن بجددا اللعبة، فيكشف كل منهما أوراقه للآخر وهو يلعب ، حدث صفوت نفسه في صمت ’’ ليست هذه هى سماح التى يعرفها، فهى تترنح فى جلد نمرة  رغم رايات القوة التى تشهرها ’’ .

 ويستمر تصوير الموقف لهذه اللعبة الفلسفية الرمزية.

** ثانيا :عناوين الفصول ،وبنية الاستدراك.

* إن عناوين الفصل من العتبات الذاتية والسياقية ، والكاتب وضع عناوين فصول روايته في قالب سردي لغوى موحد الصيغة وهى صيغة دالة، على المسكوت في النص من خلال المنطوق، حيث أصر المؤلف على صيغة الاستدراك ، وأداته اللغوية – لكن ’’ من الفصل الأول وهو.. لكن قيثارة الماضي تثرثر- إلى الفصل السادس والعشرين وعنوانه.. لكنها تباشير القيامة..، ثم الفصل الأخير وهو سطر ونصف فقط ، وعنوانه.. لكنه أكذوبة .  وصيغة الاستدراك تكاد تكون الشفرة الرئيسة في تماسك هذا العمل الروائي، ومن خلالها يبث الكاتب أبعاد رؤيته السردية الفلسفية والسياسية، والاجتماعية،والصوفية، وتكاد تنفرد هذه الرواية بهذا الصنيع السردى ، وذلك لأن الاستدراك في مدلوله اللغوى والاصطلاحي هو إثبات ما يتوهم نفيه، أونفى ما يتوهم ثبوته . والرواية كلها من خلال علاقات الشخصيات، وتحركات الأحداث، وتحولات الأمكنة، وتصادم الرؤى، فالرواية كلها منسوجة من هذه النقائض والمصادمات ، فكل ما تُوهم الأحداث ثبوته تنفيه تناقضات الشخصيات، وكل ما تسعى المواقف إلى إزاحته ونفيه يقفز إلى ساحات الصراع وميادين النزال ليجسد الصدام الأبدى بين الرغباث والمعوقات والطموحات والاحتياطات ..!!!. وعلى سبيل المثال: الفصل الأول لكن قيثارة الماضى تثرثر، عنوان يحطم تشظى الواقع، وشحوب الحاضر البائس لأسرة خليل وسماح… خليل الذي لم يكمل تعليمه مثل أخيه عوض، واكنفى بالإعدادية لكراهيته مادتى الحساب والعربي.

والكاتب لديه مهارة فنية في تصوير مظاهر البؤس، وهو ليس بؤسا رومانسيا، ولكنه صورة الواقع المطحون الذي يثور عليه أصحابه ويرفعون شعار الغاية تبرر الوسيلة. وهكذا خليل ومن على شاكلته في عصر الانفتاح ، وغسيل الأموال ، إن هذه الصورة تعيد الأصداء وكأنها ثرثرة، لكنها تسعى إلى استعادة مجد العائلة وثرائها القديم بعد وصولهم إلى مصر قادمين من تركيا، وتتوزع نشوة الثراء الموعود فى عيونهم السارحة.

ومقابل هذا الحلم كانت قدما خليل تضغطان دواستى الدراجة 32 الصدئة. وكاد خليل يحفر بدراجته ممرا دائما فى الطريق، وكل تفكيره ينحصر فيما سيطحنه اليوم من السمسم للحصول على الزيت والكسبة.

والفصل الثاني’’ضربة معلم’’ وهى من مفردات اللغة الشعبية المصرية تجسد الإحساس بنشوة الإنجاز، ولكن هذا الواقع المأمول تنفيه وقائع الحياة، وتعقيداتها وأزماتها.

وعنوان الفصل الثالث، لكن سماح كالبحر ..وهى وزوجها خليل بينهما تناقض في الشخصية، والرغبات والسمات والطموحات، لكن ربطت بينهما المنفعة والحاجة ، وليس بينهما أى رباط عاطفى، أو تقارب نفسي، وسماح كما يصورها لنا الكاتب كالبحر تقول: اننى سيدة الأسباب، بينما خليل سيد النتائج، وهو اختلاف لو تعلمون عظيم، وهى تؤكد أنها كالبحر قوة ورهبة، غير مأمون الجانب.

 ثالثا: دلالة المكان في السرد والتحامه بالزمان: إن النظرة الحديثة للمكان وعلاقته بالقصة والأحداث وبالعمل الروائى كله تطورت وهى تركز على العلاقة بين البيئة أو المحيط وعناصر العمل الفنى، وتطور الأمر إلى كيفية تصوير المكان، ولغة النصوير، وعلاقة الوصف بالسرد ، والحركة التصويرية [ بناء الرواية: سيزا قاسم ] . وكذلك اتجه النقاد إلى رصد علاقة المكان بالزمان تحت مسمى الزمكانية،

* وفي هذه الرواية.. يأتي الزمان متغلغلا في نسيج أحداثها وشخوصها، ويعمدالمؤلف إلى تحديدالتواريخ ، ولنتأمل الدلالة الزمنية في الفصل التاسع، وعنوانه:لكنها مجرد إأيام، وحدد المؤلف هذا العام بأنه 2008 و 2009 م.

* ويأتي على لسان سماح موقفه من الزمن بصفة عامة وهو يتداخل مع الأمكنة.

* تقول سماح’’مر العامان 2008 و 2009م/ في سياق تراتبى تراكبى، لا يضيف ولا يخصم شيئا، عرفت لماذا أعمارنا في الحقيقة أقل بكثير مما هو مسجل في الأوراق الرسمية، فاليوم الخامل يسقط من أجندة العمر والتاريخ’’.

وفي الفصل العاشر يتداخل المكان مع الزمان، وعنوان الفصل يجىء في صيغة الاستدراك مثل كل الفصول لكنه استدراك زمانى [ولكنه عام 2010] وهو مرتبطبأحداث سياسية خطيرة، ومن المفارقة السردية أن يبدأ هذا  الفصل الزماني بتحديد المكان، وبتحديد الزمن.. في المكان نفسه من النادي.. في عصر يوم الخميس المعهود التقت الأسرتان تجمعهما مظلة وارفة بديعة مزركشة بنقوش الذكريات الصغيرة والأحاسيس الخفية التى تنبت في الصدور.

* وفي الفصل الثالث والعشرين وعنوانه ’’ لكنه القلق’’ يحدد المؤلف الزمن الحقيقي 2016ويربط هذا التاريخ بأحداث تدور في مصر وفرنسا، ولكنها أحداث خاصة تفصل نكوينات وملامح القلق الذي يسيطر على رولا وهى تحاول ترصد حركات صديقها ’’كارلوس’’ ليلا ونهارا لا تفارق رولا المحمول أو التابلت، وبالأحرى لا تفارق كارلوس الذي اعترف لرولا بأنه فى فرنسا  يشعر بالوحدة الشديدة حتى مع أهله ويحلم بعالم آخر. بينما هى تحدث نفسها وحبيبها: سأنتظرك في المطار.

* ومن شواهد تداخل الأمكنة والأزمنة ما يفصله المؤلف وهو يروى بعض مشاهد رحلة خليل إلى بكين هذا المكان القصى، ولكنه مرتبط بالزمن 2010 وما قبله وما بعده، فرجال الأعمال في مصر ، صارت الصين وبكين خاصة سوقا كبيرا لهم، ولعل في تحديد بكين وهرولة خليل إليها وهو من زعماء السوق السوداء، ومن القطط السمان فى عصر الانفتاح، هذا التصوير يحمل رسالة غير مباشرة من المؤلف لهذه الظواهر الانتهازية التي تسببت في تجميد الصناعة المصرية وتخلفها عن ركب التكنولوجيا، وقد نجح المؤلف في تشريح نفسية خليل حين سرد أوجه المقارنة بين ماضيه الفقير البائس، وواقعه المزيف المصنوع، وكذلك بين المكان الريفي المتواضع في منية النصر وبين مهارة لاعبي السيرك في بكين.

* والتداخل بين الأزمنة والأمكنة يصوره الكاتب وهو يحلل نفسية خليل واستدعاء ماضيه، ومواجهته بحاضره، من خلال مشاهدة السيرك في بكين، وهذا التصوير الاستدعائى النفسي ، يتسق مع عنوان الفصل الاستدراكى’’ ولكنهم يحلمون’’.’’ في اليوم التالى عرضوا على خليل زيارة أهم متحف في بكين فلم يبد حماسا بينما قبل دعوة للسيرك ، وهذا الاختيار من خليل هو إدانة من المؤلف لهذه الشريحة من أثرياء الانفتاح والسوق السوداء، إنهم لا يدركون قيمة المتاحف ودورها في حضارة الشعوب، ولكنهم يلهثون وراء الملاهي وألعاب السيرك، لأن هذا هو منهجهم الحياتي من الفهلوة والكسب غير المشروع وصناعةالأوهام والأزمات.

* ويمعن المؤلف في رسم صورة درامية حائرة لهذه الشخصية فيصوره وهو يشاهد مهارة لاعبى السيرك،[ وهناك تكرر وقوفه من دون بقية المتفرجين، وكاد يقضى الوقت كله واقفا، تخيل أن مهندا [ ابنه] كهؤلاء اللاعبين يصفقون له بلا توقف، وعادت به آلة الزمن إلى طفولته البائسة في منية النصر ’’ تحسس نفسه ليتبين أنه ليس نائما يحلم، ثم كركر ضاحكا بصوت متصاعد، ارتاب جاره في قواه العقلية، وهذا التصوير الساخر أيضا يعلن عن رفض المؤلف لهذا النموذج الحياتى، واختياره لمادة الطفل كركر، وتحديد الصوت بأنه متصاعد يجمل بلاغة التوصيل واتساق الأسلوب.. واللغة والحروف مع ملامح الشخصية وتكوينها الاجتماعي والنفسى.. وأنه يكاد يهذى.. حتى ارتاب جاره في قواه العقلية !!!

* وتداعي الخواطر، واستعادة الماضى قسرا يبدع الكاتب في تجسيده وتشخيصه، ’’وكان المشهد خارقا ، ففي قفص حديدى كروى كقفص ياسين بطل سيرك منية النصر القديم، تحركت فى مسارات متقاطعة مبهرة ست دراجات بخارية في وقت واحد، تكاد تتصادم في كل لحظة كما يبدو للمشاهد، حتى أن خليل قال بصوت خفيض.. يحتاج هذا القفص إلى ضابط مرور بداخله .

* أيضا، في منية النصر كان خليل يظن أن امتطاء حجارة الطريق، والانعتاق من المطبات تدعو إلى الانبهار [ أفاق من خدر بلدته على ابتعاد جاره الآخر عنه].

* ودائما كل تعليقات المؤلف السردية تدين هذا النموذج.. حتى عندما يقول ’’ ما أروع الجديد’’ ينطقه بما يدينه أيضا إذ يقول ’’ وهل سماح أصبحت قديمة’’ استحيا من هذا الخلط الزمانى والمكانى، إنه مشغول بهذه الحسناء التى برزت على المسرح ورقصت كل خلاياها .

* والكاتب لديه قدرة إبداعية على مزج الزمان بالمكان وتقديم ما يسمى بالزمكانية، فالزمان والمكان لهما دور في تحريك الأجداث وتلوين ملامح الشخصيات، فالزمان في النص السردى الروائى لا يخضع لصرامة البناء المتسلسل، وإنما يخرج عن نطاق تلك المنطقة ليشكل جمالات حكائية وتشويقية من خلال رؤية السارد فى هذا البناء الروائي[ جيرالد برنس ، ترجمة عايد خازندار . المصطلح السردى/ معجم المصطلحات ].

* ويميل كثير من المعاصرين إلى كسر سياق الزمن التاريخي في الرواية ويلجأون إلى ما يسمى بالزمن النفسي، ومن آليات توظيف الزمن في النص السردى:

(أ) المفارقة الزمنية التى يحدثها السارد في سرده، وتتعلق بنسق ترتيب الأحداث فى النص، إذ قد يخضع لبعض التحريفات الزمنية التى من شأنها كسر الزمن المتصاعد، ووقف استرسال الحكى المتنامى فى سبيل العودة إلى الماضى ، واسترجاع بعض الأحداث السابقة التى وصل إليها السرد، أو القفز في اللحظة الحاضرة باستشراف المستقبل .

(ب) التحكم فى وتيرة سرد الأحداث،في الرواية من حيث درجة سرغتهاأو بطئها، وفى حال التسؤيع يكون السرد اختصارا لكثافة الأحداث، واختزالا لموضوعها فى توظيف تقنية الملخص ، وتقنية الحذف، بينما قى حالالإبطاء يجرى تعليق زمن الحكاية مؤقتا لتحديد الرقعة النصية عبر توظيف تقنية المشهد وتقنية الوقت ’’.

* وكل هذه التقنيات السردية، استطاع الكاتب أن يوظفها توظيفا نابعا من سياق السرد، ومناخ الرواية وليس امتثالا للتقعيد النقدى  لأن الإبداع يسبق المقاييس النقدية.. وفى الفصل الرابع والعشرين وعنوانه .. لكنها أنا .. والعنوان الفرعى سماح .’’ يمتزج المكان بالزمان بالشخصيات فى توحد نفسى وسياقى، وشوق إلى براءة الماضى، وفطرة الحياة الريفية، وعقد مقارنات  بين شواهد المدينة الصماء الخرساء، وبين معالم الريف الفطرية الناطقة بالحياة، وأنفاس الوجود الجميل.

* وتفوم سماح بدور الراوى السارد، وتصور المكان في الزمن الحاضر مقارنا به في ماضيه الذى غاب .

’’ اشتقت لرؤية السرجة التى شاهدى نبت احلامى الأولى، هل انطمست أم أننى تهت عنها، البيوت غير البيةت، والدكاكين تبدلت أو اختفت.

* إنها ترصد فى تداعيات نفسية وأسى على اغتيال براءة القرية، كل ملامح التغيير السلبى، فقد توارت السرجة واختفت تحت أقدام عمارة من ثلاثة طوابق، حتى الشمسسجنتها المخدرات، ومظاهر الثراء سيطرت على بعض النماذج المهمشة قديما، وهذه الصورة التى تعيشها سماح يقابلها موقف آخر ثائر على النمط القديم، انها ترصد قسمات وملامحبيت أمها.. بيتهم القديم، وحتى أمها الجميلة أصبحت عاجزة بفعل الزمن، لكنها تقول : أمى نائمة يفترش الرضا وجهها.

* ثم تقول ه هى فرصة لكى أتجول وحدي في هذا البيت الذى أحبه كثيرا، بعض بلاط الأرض الموزايكواختفى من مكانه، لا بأس، والشبابيك تآكلت حوافها، قضمها الزمن بأنيابه هو وبعض الأسقف والجدران، سدت الفرج بقصاصات بالية من الملابس القديمة، ثم تناجى أمها في صمت وعتاب، كم اقترحت عليك التجديد الشامل للمكان ومحتوياته لكنك ترفضين يشدة، إلى متى ترفضين أية مساعدة مالية كبيرة، ونحننستمد الحياة من تراب قدميك.

                                       ***

* ثالثا : من سمات الشخصيات وأبعادها:

إن الشخصيات في الرواية تمثل كائنات بشرية من لحم ودم، ولكن هذا لا يعني أن نربط بينها وبين أشخاص حقيقيين، والشخصيات من ثم مرتبطة بالحياة، وإن كانت شخصيات حكائية خيالية، إنها كما تقول ’ أوستن وارين’’ شخصيات نموذجية وهى كما تقول : مزج النموذج مع الفردلإظهار النموذج فى الفرد أو الفرد فى النموذج، فالشخصية التى هى فرد بقدر ماهى نموذج ألفت بحيث تظهر انتها نماذج متعددة، ومهما كان المصدر الذى تستمد منه الشخصية الروائية الواقع المعيش، أو الترائ أو التاريخ، أو القراءة والسماع، فإن صلتها بالواقع لا تنقطع ، وهى تقدم فى الرواية في حال الفعل خلال فترة متخيلة من الزمن .. انظر [ نظرية الرواية لأوستن وارين، ورينيه وبليك . والشخصية فى الرواية الإسلامية.. د. وليد قصاب.. نحو منهج إسلامى للرواية ].

* ويرى الروائى الشهير سومرست موم أن الكاتب لا ينسخ نماذجه نسخا من الحياة، ولكنه يقتبس ما هو بحاجة إليه، ويأخذ فى تشكيل شخصيته ولا يعنيه أن تكون صورة طبق الأصل.[ فن القصة/ محمد يوسف نجم ]

* والشخصيات التى قدمها الروائى نشأت المصرى منحوتة من الواقع، وتعكس تفاعل الكاتب واندماجه  في حركة التطور، وتضاريس التغير في المجتمع المصرى وهى شخصيات في مجملها.. قلقة.. غير قانعة بمحيطها وواقعها، ولكنها في الوقت ذاته بمنأى عن العنف وأقرب إلى المقاومة المسالمة ، والتغيير البطىء.. بعيدا عن الصدمات المفاجدئة، وتسيطر مجموعة قليلة من الشخصيات على أجواء السرد، وصناعة الأحداث، ومنهم سماح، وخليل، وصفوت، وشيماء ، ولدى الكاتب قدرة على رسم ملامح الشخصية الحسية والاجتماعية والنفسية  فى مزيج جمالى فنى غير مفتعل.

* وشيماء زوجة صفوت التى لم تقنع بحياة زوجها الهادئة الغارقة في القراءة والفن والمثالية، وتحلم بشخصية متمتعة بالثراء والقوة وتنتصرلمبدأ الكسب المادى مهما كانت الوسائل، فالغاية عند هؤلاء تبرر الوسيلة.فملامح وجهها المستدير محدده جدا، تنطق بما يطهوه عقلها ، وأنفها الأفطس يشى بقدرة خاصة على شم النسيموالأخبار معا، وشفتاها غليظتان تستجيبان للمط والانكماش، ويطل من عينيها العسليتين شىء من العجب، وعشب المكايده ص 28 )

* ومن الشخصيات التى ليس لها دور رثيس فى الرواية شخصية ناريمان مديرة المدرسة التى اطلقوا عليها سيدة العطر والرضا، ونالت عن جدارة جائزة المعلمة المثالية ، وهى أرملة تعيش مع بنتها وابنها منذ سنوات وعلى قدر فائق من الجمال .، وفى  الحفل الذي أعد للاحتفال بالشركة الجديدة في سياق فصل عنوانه.. لكن الحب للجميع.. وهذا العنوان من العناوين الناجزة الجاهزة التى تفسر الأحداث قبل اكتشافها، وتأتى مهارة الكاتب فى تصويرتفاصيل جمال ناريمان تصويرا يقترب  من رؤية المصور، وكاتب السيناريو ، وبراعة الإخراج.

* ولنتـأمل هذه اللوحة المعاصرة المألوفة فى احتفالات رجال الأعمال بمشاريعهم الجديدة.

 عرف الضيوف غير المقربين أن صفوت له ثلاث بنات، وكان الظهور الأول ل ’’ ناريمان’’ أم سحر التى بدت كأنها ملكة فرعونية فى غير زمانها، أنفها دقيق، فارعة الطول، ترتدى حجابا أنيقا، وسمرتها أكسير جمال……… ص 134 الرواية.

* والكاتب لا يبالغ فى تصوير الرغبات الحسية، ولا يتفنن في تصوير الغرائز، وإنما يقدم هذه الرغبات بصفتها فطرة بشرية، وحاجة عضوية  خلقت مع الكائن البشرى والحى بصفة عامة .

* وفى لوحة جمالية وظف فيها تيار الوعى، وأسلوب المناجاة، يقدم ناريمان – هذه الجميلة الساحرة – في اعترافات ومواجهة   نفسية ذاتية تجسد القلق والصراع النفسى ’’ كنت أزهوبأننى آثرت مصلحة ابنى وابنتى على أن أبني عشا جديدا، هل كان قرارا صائبا؟ ألم أظلم نفسى……. كنت أخجل أن أنوه عنها ولو من بعيد، حتى لأقرب الناس لى، لأبدو على هيئة المرأة المتماسكة الرزينة، وكان جميلا أن أهرب إلى سجادة الصلاة لتشهد على وجعى وحيرتي، فتحدث الناس عن نور الإيمان في وجهي، ولم يلحظوا نور الحب، ولم يسمعوا تعجبي : هل الحب هو الخطيئة ؟ .

* هذا الجمع بين الفطرة الإيمانية السوية، وبين النزوع الحسى والتوق إلى الإشباع العاطفي هو معيار التوازن الإنساني، وليس فيه تصادم ، ولا انفصام كما ينوهم البعض، وهذه هى الرؤية المستقلة المتوازنة التى يقدمها الكاتب وهو يمزج في رؤاه بين البعد الديني والبعد الفلسفي، والبعد الاجتماعي الإنساني.

* وهذا التوازن لدى الكاتب لم يفرضه على شخصياته، وانما هو كما قال فى ختام روايته.. مجرد مصور كاميرا الكلمات، فأسجل مايجري دون تدخل منى.

إنه يصور التضاد والتناقض في مكونات الشخصية الروائية والواقعية كذلك من خلال التحول في مسار شخصية شيماء التى ترغب في دنيا خليل ذات الثراء والمتعة والرغبات، وهى ترفض واقعها مع صفوت الحالم المثالى المثقف.. إنها نموذج للشخصية المتمردة، القلقة الرافضة لحياة الزوج المتواضعة.

* وفي مهارة أسلوبية وقدرة تصويرية، وتجسيدلنفسيتها يقدم الكاتب هذه المقارنة السردية من خلال شخصية شيماء بعد مكالمة مع عشيقها خليل رجل الأعمال والمال نحت المحمول جانبا ومالت بنصفها الأعلى  على النافذة، تنظر إلى لاشىء، وقد تدافعت الأسئلة في عقلها وطغت على معلوماتها الهندسية ’ هذا الصفوت الحالم دائما الذي يتردد على الأطباء كثيرا ويشكو من آلام هائلة أكبر إنجازاته أن يحصل على مكافأة نصف مرتب شهر أو يدعى إلى ندوة أجرها جنيهات معدودات هزيلات ،وهو يكتب كثيرا ويكذب أكثر كلما هاجمته، لا يصح أن يكون الرجل مريضا ضعيفا هكذا،كلامه أكثر من نقوده، ونقوده أكثر من وعوده.

إن خليل يكسب في الصفقة الواحدة أضعاف ما يربحه صفوت في سنوات،، إنه رجل بحق .

 يقول الكاتب في لغة سردية جمالية تدين شخصية شيماء من خلال الأسلوب الرمزى، وشيماء غارقة فى بحور الغياب، كبقايا لوحة معلقة على الحائط، ويكتب صفوت محددا  موقفه النابع من القلق والمكايدة و والصراع’’ إن شيماء تسبح في مياة تحبها .

ومن معالم الشخصيات التى تحرك  أحداث هذه الرواية أنها شخصيات ديناميكية متحركة، وقد حدث تحول كلى في مصير بعض الشخصيات مثل سماح وشيماء ، ودائما يشهر  الكاتب سلاح اللغة المبدعة المتأنقة، إنها لغة تتفوق في مستواها على مستوى الشخصيات، ولا يكاد يجد القارىء فرقا في المستوى اللغوى بين شخصية وأخرى، وتثير سماح فى الفصل الخامس والعشرين وعنوانه يجمع بين الزمان والمكان، وافتتاحية الفصل تؤكد مصطلح.. الزمكانية .

ظلت صباح مع صباح كل يوم تسأل نفسها، عن طريق تيار الوعى واستدعاء المواقف.

’’ هل أنا أبحث عن بداية جديدة، وهل الفرصة تنتظرنا فى اى وقت على قارعة الطريق؟ أم أن الفرصة لها أوان تختنق في غيره، وهل الرجوع للخلف متاح للمراة كما هو مسموح للرجل أحيانا؟.

يجيبها هواء القرية  بعلامات استفهام أكثر عددا، وهى في كل حيرة تلتحف بحضن أمها الضامر الذى لابديل له فتهدأ قليلا . 

وتحديث اللغة والمعجم وآلات التواصل من شفرات هذه الرواية، التى تنبىء عن زمان إبداعها فكثيرا ما يوظف الكاتب وسائل التواصل الاجتماعي بكل مصطلحاتها ونطوراتها في تحسين لغة الخطاب بين شخصيات الرواية، يقول معقبا على تساؤلات سماح: وشكلت اتصالات المحمول مسكنا بلا أعراض جانبية ،  ويخاطب سماح في لغة شاعرية رقيقة .. وجودك يغير المعادلات الكونية ..[ انتهت المكالمة].

* ومن سمات الشخصية التى يشكل المؤلف ملامحها أنها قد تكون شخصية واقعية حقيقية، وحتى الاسم لا يختفى خلف  قضبان أو رمز.. وهذه الشخصية حدد المؤلف اسمها ومكان وجودها، ووظيفنها في سياق حوار ممتع يوضح مفارقة بين عقليتين،عقلية العالم المفكر وعقلية التاجر المادى الذى لا يدرك قيمة العلم، ولا قدر العلماء ويدعى خليل وسماح إلى حفل ثقافى يحضره مندوبون كبار ووزراء ، ويتساءل خليل كيف نستفيد من هؤلاء الوزراء؟ فترد سماح وهى تتهمه بالجهل . لا أمل.. هم أناس مهتمون بالدين والثقافة، وهذه ليست بضاعتك يا خليل.

ويصرح خليل بأن هذا المناخ غير ملائم وأنه لن يستفيد شيئا، وقال : إذن جئنا بالخطأ .

* وهما على مائدة العشاء جاورا عالما كبيرا من سنغافورة وأجد رجال الدين الكبار من استراليا وهو عربى الأصل اسمه الدكتور ابراهيم، و’’ ابراهيم أبو محمد ’ وهذا هو اسمه الكامل شخصية حقيقية وهو من كبار علماء استراليا، وله دور كبير فى نشر الوعى الإسلامى ، والفكر المنهجى بين الجماهير المسلمة فى استراليا، وهو مصرى خريج جامعة الأزهر وله العديد من الكتب فى الفكر الإسلامى، وأعتقد أنه تربطه صداقة بالمؤلف، وفى هذا الحوار يوضح الكاتب الفروق الجوهرية بين الشخصيتين.. شخصية د. ابراهيم وشخصية خليل، سأل ابراهيم خليل عن مركزه العلمى فقال وهو يبتلع ريقه : رجل أعمال. وقال خليل : معظم أعمالى تجارية، ليتنا نقيم معا تجارة مفيدة.. ضحك ابراهيم وقال [ خبرتى بالتجارة صفر ].

 ومرة أـخرى يقع خليل في حرج ، ويظهر جهله حينما سأله ابراهيم عن أفضل التفاسير عنده. فقال مرتبكا محاولا التهرب من السؤال ، والخروج من المأزق: إننى أهتم أكثر بحفظ آيات القرآن .  أردفت سماح: صفوة التفاسير أسهل وأبسط.

                                 ***

**رابعا : الحوار والسرد على لسان الشخصيات .

* إن الحوار أكثر أنماط الكلام طبيعية، تبعا لما تتيحه صيغ إنشائه، فهو ذو مكونات نصية يبلغ تنوعها وثراؤها مقدار ما للقص من قدرة على مزج الوصف بالتفسير والإخبار، بل لعل الحوار مؤهل لاستيعاب أنماط قولية مختلفة أكثر من غيره من النصوص، لأنه متعدد المصادر، والحوار يبدو أقدر النصوص على استيعاب الأنماط اللغوية، فما إن يصدر صوت حوارى حتى تلحظ قرينة وصفية أو تستخلص قولة سردية، أو تفهم فكرة، بل الطريف في الحوار أنهيبني الوصف والقص بناء تدريجيا أشبه بالبناء الشعرى، حيث ينمو الحوار تبعا للحرية التى تتمتع بها الشخصيات، فتنقل من الاستخبار إلى القص فالجدال، فيضيق الوفاق أو يتسع الخلاف ، ويكبر صراع المواقف والآراء والعواطف . وتصبح الشخصية صوتا أى موقعا أيديولوجيا في صراع مع الموقع المقابل [ انظر بنية القصة القصيرة عند نجيب محفوظ د. محمد السيد محمد ابراهيم].

* والكاتب لديه قدرة فنية على الكشف عن داخل الشخصيات، وكذلك تجسيد الصدام والصراع بين طرفى الحوار، وربما تتشابك أطراف كثيرة فى إدارة الحوار ، ورغم انتشار الحوار في فصول الرواية كلها ، لكن الحوار  يعد ضئيلا في السرد الروائي، حيث تعد بعض الفصول روايات أو قصص قصيرة سردية، ومن وظائف الحوار تجسيد الصدام والصراع بين أطراقف الحوار، وذلك في الفصل الخامس      ’’ لكنها قواقع’’ وهو سرد على لسان صفوت .. تكشف أحداثه عن طبيعة العلاقة التصادمية بينه وبين زوجته شيماء، فهى تجبر صفوت على أن يعيش فى عزلة، وهذا هو سر شفرة العنوان.. لكنها قواقع..، وكادت تلصق على الباب لافتة : ممنوع الزيارة لأجل محتوم، غير معلوم.

ويدور هذا الحوار في سياق رنين التليفون.. وكأنه مشهد مسرحى.. وهذا الصنيع الفنى يلجأ فيه الكاتب إلى تقنية المشهد، ويمثل قصة حوارية قصيرة جدا.

رن جرس الهاتف ، إنها صديقتي الأديبة فوزية. ( هذا على لسان صفوت) .

– أهلا دكتوره فوزية.

– ممكن نتقابل ؟

– لا مانع ، مع السلامة

ثم يعلن صفوت السارد عن موقف شيماء زوجته التي تأكلها الغيرة، تقول بحاسة شرطية لا تهمد، وبلهجة مضفورة بالإدانة : نقر كل يوم .

* تأمل المثيرات الأسلوبية السردية، وصف حاستها  بأنها تتلصص، ولذلك وصفها بالشرطيةوانها لا تهمد وكأنها نار مشتعلة، والقول بأنها مضفورة بالإدانةتصوير لاتهام شيماء المركب المكثف وهو موقف الإدانة، وقوله نقر كل يوم يجسد نزعة السخرية في الحواروالسرد ، وهى سمة تغلب على أسلوب المؤلف كثيرا. ويدور هذا الحوار القصير الذي يصور التصادم بين الشخصيتين

– من هى ؟

– وماذا تريد؟

– ولماذا أنهيت المكالمة بسرعة؟

* إن هذه التساؤلات المتتالية تصور شدة انفعال شيماء وحدة غيرتها، وارتفاع درجة حرارة  الصدام والصراع.

 وتستمر تقنية المشهد في هذا الحوار الذى يقترب من المشاهد المسرحية.  ويتدخل صفوت قائلا في  نبرة مكتومة : ما أعجبك يا امرأة، لو طالت المكالمة ستس[لين: لماذا أطلت؟ ثم يستمر المشهد ممتزجا بالسرد الساخن الساخر:

– عاودت الزم.

– أنت تستفزنى بهؤلاء الساقطات

– إنها دكتورة في الأدب، ولن أسمح بذلك

– إذهب إليها وتزوجها

– إنها متزوجة

– إذن المشكلة أنها كتزوجة !

– انت تخرفين، وتعطلين حياتى ومستقبلى.

– أنت تافه ولا مستقبل لك

– وأنت غبية وجاهلة.

مدت شفتيها ، دخلت غرفتها، وأغلقت الباب بشراسة.، وككل مرة تسلقت عيونى الجدران التى لطخت بغبائها .  ص32 الرواية .

* ويقدم الكاتب تقنية المشهد من خلال الحوار الرومانسى في لغة صافية ذات إيقاع ناعم، وحروف وكلمات منسوجة من شرايين الرغبة والتوقد والعشق، وتعطى سماح محمولا جديدا لصفوت ’’ الحبيب البديل ’’ .

قالت وهو على سرير المرض : شوقي لك لا يخبو، قبل يدها، ليدها بلاغة الجمال..

قال افتحي الستارة، ليغازلنا الضوء، نضفر منه بساطا سحريا، أوبيتا يأوى أحلامنا المتعبة . الرواية ص 121 فصل لكنه يغلي .

* وفي الفصل السادس والعشرين، وعنوانه ولكنها تباشير القيامة.، يتضح موقف الكاتب من المشهد العالمي، وكأن الرواية من أولها تقود إلى هذا الصدام العالمى، وتلك المأساة التي تشبه تباشير يوم القيامة وهى مأساة كورونا. ويصور الكاتب إيقاع هذه المأساة التي أوقد نيرانها وباء كورونا،، هبت جحافل كورونا فتجمد كل شىء، أفسد الفيروس رحلتهم الوشيكة إلى رولا في باريس، فقد مد أجنحته القاتلة إلى الصدور، والرءوس والأحلام ، وأغلق المطارات،  ويلجأ الكاتب إلى النزعة الأسطورية الساخرة في تصوير وباء كورونا في سياق السرد، وفي كل مكان تدوى ضحكات الكورونا الهستيرية، وهى تصهل : لا مهرب مني أنا في أى مكان هنا، وأى مكان هناك . ما  أهونكم ، لقد صارشعار الأرض كلها : ابقوا في بيوتكم.

ثم يلجأ الكاتب إلى المشهد الواقعى ليصور ويحذر أطراف المؤامرة، وشركاء صناعة الكابوس العالمي، وكأن أحلام خليل وشيماء وأحلام صفوت وشيماء، وكل شخصيات الرواية تحولت مصائرهم إلى لعبة عالمية سرطانية اسمها كورونا، ولم تعد تتحلق حول هذه اللعب الورقية البدائية  الكوتشينة، إن أسطرة اللعبة، وشيطنتها  أشبه بأشجار الجحيم، وتتجسد إدانة الكاتب للواقع المحلى، والعالمى فى هذا السرد العجائبى الواقعي وهو ما يفوق الواقعية السحرية.. إن هذا السرد العجائبى يطلقه صهيل كورونا ’’ لقد صار شعار الأرض كلها : ابقوا في بيوتكم ’’.

* وأخيرا طأطأ ترامب رأسه وغروره وارتعد، لا تحميه مخازن النووىولا لبس طاقية الإخفاء

* ويمزج المؤلف المكان بالزمان بالأحداث والموافق والشخصيات، وفي هذا المزج يقدم المؤلف البعد السياسى ورفض الهيمنة الأمريكية، وتهميش قواعد لعبتها العالمية، وبالتالى رفض كل نماذج الرأسمالية المتوحشة، ومقاومة طوفان الاستبداد العالمي، وكشف مؤامرات القوى الكبرى، وكل عملاء هذه الدول من السماسرة، ومحترفي صناعة المؤامرات وإضعاف الدولز

* وفي سياق التصوير الأسطورى الساخر من خلال السرد يقدم رؤيته المتفتحة على قضايا العالم، وتبرز مفردات الأماكن الحقيقية الواقعية.

’ في أول محطات الانطلاق في الصين بيوهان، عقد  عدد من أقطاب الكورونا اجتماعا موسعا، قام كل فرد منهم بسرد ما أداه من أدوار وتذاكروا معا  قواعد العمل، وفي مقدمتها استهداف الرموز والدول المتقدمة، وجددوا القسم بأن يحولوا الأرض إلى سجن كبير، ليعلم الناس ومنهم الحكام وحشية السجن، ولو ليوم واحد، ناهيك عن المظلومين ، وسجلوا سعادتهم بلإقراج عن العديد من المساجبن قي النرويج، والسودان وإيران والجزائر وأمريكا .

* ويكشف الكاتب عن رؤيته التواقة للحرية والعدالة والإنصاف  قائلا في اسلوب السرد الواقعى:

’’وأعلنوا أملهم المشترك أن يحل الطغاة مكان المظلومين في تلك السجون.’’

* ويصور الكاتب النتيجة التى يتوق إليها، ويتطلع إلى سيادة مبادىء العدالة وتشر قوانين الحرية والسلام والقيم الإنسانبة والإسلامية المتوازنة المبشرة بالخير والنور للبشرية كلها

أصبحت سهام وصفوت وسحر وناريمان وغيرهم في حالة من الكر والفر، وقد استراحت لورا وكارلوس كثيرا لعدم إتمام دعوة السفر إلى قرنسا ، فقد تضخمتأعداد القتلى والمصابين هناك.، مرت الأسابيع ، وطالت العزلة ومس الألم والملل الجميع.   الرواية ص 187 ، 188 .

                                          ***

* ومن أبعاد الرؤية السردية لدى الكاتب ’’ البعد الإيمانى’’، ولم يتعمد الكاتب إظهار هذا البعد بصورة مباشرة، ولكنها تتغلغل في نسيج السرد، وسياق الأحداث ، وذلك البعد يتجلى في سياق حدث زواج صفوت من ناريمان، وبعد إجراء وإتمام كل مراسم الزواج وفق التعاليم الإسلامية، ونظرا لظروف الكورونا يتم الاحتفال في هدوء وصمت . وعلى أنغام أغنية شكل تانى التى تحبها ناريمان ويدندنها صفوت قالت :

– الله أنعم علينا يما نحن فيه الآن ، لقدسخر الله لى سحر دون أن تدرى لكى نلتقى، فأنا أحوج إليك منها.

قال : إنها أقرب إلى عقلي من التوأم..

* وكما أن هناك جدلية تحكم الحياة، ثمة جدلية في تفاعل المواد الكيميائية معا.

وهذا البعد الإيمانى يبرز بجلاء  في مشاهد متعددة، ويتطور إلى النزعة الصوفية التى تشرق على لسان بعض الشخصيات فى سياق حديث صفوت عن بعض أصدقائه النبلاء الطيبين في فصل عنوانه ’’ لكنهم كالسحاب ’’ وفي هذا التشبيه إيقاع صوفى محلق، يقول صفوت في أسلوب سردى ينتمى لتيار الوعى ك أشرق في خاطرى وجه نبيل ببسمته الطيبة، هو سجابة سحرية ذهبية تلاشت دون وعد بعودة، كان يتميز بين أصدقائى قي الكلية بالبساطة والسماجة والتفاني كأنه أخى إن ضقت بشىء لا يتركنى إلا والبسمة في روحى، وكأن وظيفته فى الحياة أن يجعلنى سعيدا ، تراك الآن  أصبحت قطبا كبيرا يشيع البهجة في نفوس مريديه، وكم من أشجار المحبة زرعت فيمن حولك، وكم مسحت ضحكتك الملائكية من أحزان المتعجلين.

* وانتماء الكاتب إلى طبقة المثقفين وأنصار المبادىء، ورفضه لكل ألاعيب السماسرو وتجار السموم والسوق السوداء يسوقه إلى هذا السرد المشوب بشفرات سياسية وزاجتماعية معاصرة، وحتى ثورة 25 ينايرتأتي وكأنها البرق الوامض، وكأن هذه الخاطرة المشعة التى ومضت ثم أفلت صورة للواقع السياسى الذى كاد ينسى منجزات 25 يناير.. يقول السارد : كل شىء يذيل حولى عدا خليل الزى يتضخم حجمه يوما بعد يوم، فأراذل الفقراء يصعدون كالصواريخ إلى آفاق الثراء الفج، إنهم ذيول عصر السادات ، وما بعده، حتى آمال 5 يناير العظيمة تدميها الطعنات من الداخل والخارج.  كان طبيعيا أن يرفض خليل الذهاب معنا إلى الميدان .. ص 115 الرواية .

وبعد

فإن الكاتب المفكر نشأت المصرى لايبوح بكل ما يمور فى نفسه من رؤى لأن الفن تكثيف وتأويل، والمسكوت عنه في أدب نشأت المصرى يحتل مساحة أكبر من المنطوق ، ومع ذلك فهو لا يتبنى الغموض اتجاها، ولا يوغل في سراديب الرؤى، ولا يمعن في الغرائبية، وإنما يبدو واضحا في رؤاه وضوح النور المشع فى كل اتجاه ، وتبقى معالم فنية متعددة في هذه الرواية لم يتسع المقام لدراستها ومنها: المستوى البيانى المصور للأحداث والمواقف والشخصيات

المستوى الإيقاعى والإفصاح عن مشاهد الحوار والمستويات اللغوية.

المستوى التركيبى الذى يعنى بالبناء الأسلوبى ، وإشكالية جماليات اللغة.

التناص مع الفن الروائى المعاصر.

توظيف النراث الشعبى، في سياق الرؤية السردية.

* تحياتى للكاتب الشاعر والروائى نشأت المصرى، وهو يواصل مسيرته الإبداعية في حقول الفنون الأدبية المعاصرة.

          * ا.د صابر عبد الدايم يونس  عميد كلية الآداب الأسبق..الزقازيق *