نوسوسيال

قانون المجتمع المدني يحكم سوريا مُنذ 64 عاماً

466

لا يزال قانون الجمعيات، الصادر في خمسينيات القرن الماضي عقب تأسيس «الجمهورية العربية المتحدة» برئاسة جمال عبد الناصر، والذي قيَّد العمل المدني في الإقليم الشمالي (أي سوريا)، يَحكم سوريا إلى اليوم.

يقول أحد المتطوّعين سابقاً في مبادرة محلّية في مدينة حمص، إن هذا القانون جعل مبادرة لمجموعة شبابية من أجل تنظيف حديقة الحيّ، تحتاج إلى تراخيص حكومية وموافقات أمنية، يتطلّب الحصول عليها جهداً يكفي لتنظيف 10 حدائق. الأمر الذي أحبط بعض المبادرات الشبابية ودفعها إلى التوقّف، أو البحث عن جمعيات تحتضنها وتمنحها الغطاء للقيام بأنشطتها، لكنّها في الوقت عينه تسلبها التقدير المعنوي من خلال تغييب خصوصيتها لصالح أسماء هذه الجمعيات. أمّا تلك التجمّعات والمبادرات التي لا تجد لها جمعية حاضنة، ولا تتوفّر لديها القدرة على تأسيس جمعية، فهي «محظورة» بحسب تعميم صادر عن وزارة الإدارة المحلية في دمشق عام 2020، يطلب من المحافظين «منع عمل مجموعة مبادرات»، منها ما له علاقة بالتعقيم في حمص استجابة لتفشّي وباء «كورونا»، وأخرى نظّمها درّاجون، خاصّة بالدراجات الهوائية وتشجيع استخدامها. فكيف الحال بمبادرات وتجمّعات تعمل على قضايا أكبر، كمحاربة الفساد وإعادة الإعمار أو المناصرة والتشبيك، وغير ذلك؟

                        القانون الذي تجاوزه الزمن.

يفرض القانون على أيّ جمعية أو مبادرة، الحصول على ترخيص، الأمر الذي يحتاج إلى استطلاع رأي وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية، وكلّ جهة لها علاقة بالترخيص. وفي حال رفض الطلب، فإن الجهة الإدارية نفسها هي التي يجب تقديم الاعتراض لديها، وليس القضاء، أي أنها هي الخصم والحَكَم. كما يفرض القانون السجن على أصحاب أيّ جمعية يمارسون نشاطاً من دون ترخيص، فيما الحصول على الرخصة لا يعني نهاية العلاقة مع الجهة الإدارية التي يجب إعلامها بكلّ اجتماع، ويحقّ لها تعيين أعضاء في مجلس الإدارة، بل وأيضاً حلّ الجمعية، في قرار لا يكون قابلاً للطعن حتى عن طريق القضاء، وهو ما يناقض الدستور. كذلك، تمنع تعاميم لاحقة للقانون تشكيل جمعيات نسائية، وتحصرها بـ«الاتحاد النسائي» التابع لحزب «البعث»، والذي تمّ تشكيله عام 1970، إلّا أن هذا الاتحاد حُلّ عام 2017، وبهذا لم تَعُد هنالك أيّ منظّمة غير حكومية في سوريا، مرخّص لها، تهتمّ بقضايا المرأة وحقوقها، ما يؤكّد تأخر القانون في الزمن، فضلاً عن اعتباره غير منسجمٍ مع الدستور السوري الصادر عام 2012، والذي كان يَفترض تعديل كلّ القوانين للتوافق معه خلال مدّة لا تتجاوز 3 سنوات.