نوسوسيال

بقلم هيوى يونس : لماذا إلقاء التهم والالقاب على المرأة المطلقة والأرملة

538

الألقاب: مُطلقة ، أرملة ، فاشلة ، بَشعة ، قصيرة…
الأُنثى لَيست لَقباً يُطلق على أحد صفاتها الاجتماعية؛ أو الجمالية. و إنما حالة متكاملة من الجمال الذي يَنعم بآلاف الصفات المتناقضة و المختلفة و التي تُكمل لوحة وجود هذا العالم…
إنها لَيست النِصف، ولا الرُبع.. و إنما أساسُ وجود هذه اللوحة..
النساء لا تُقاس بالألقاب

– فرانسوا داراني

للأسف مجتمعنا لم يرحم المرأة المطلقة وكأنه اتفق مع الزّمن عليها، ويحاول أن يعاقبها على ذنب لم ترتكبه، فتقع المرأة تحت نظرة قاسية بحكم ثقافة المجتمع والفهم الخاطئ لأعرافه، الذي يجعله ينظر إلى المرأة المطلقة والأرملة نظرة بلا رحمة ولا عطف، وكأنها ارتكبت جريمة لا تُغتفر!

ورغم تطور الحياة وانفتاح ثقافات العالم بعضها على بعض وفي ظل المطالبة المستمرة بمساواة المرأة بالرجل، إلا أن بعض السيدات  لا يزلن يعانين من نظرة سلبية، وكأنما حكم عليهن بالسجن بتهمة (مطلقات وعانسات )

نظرة المجتمع الشرقي الى المرأة نظرة متخلفة ودونية ونظرة استصغار وحتى تراها عورة!، لكون هذه المجتمعات لازالت تعاني من إرث الجاهلية، وترى نفسها أنها مجتمعات ذكورية فقط!.

كثيرة هي النساء اللواتي وقعن فريسة لمجتمع يحكمه أعراف وتقاليد بالية نساء عانين بسبب ظلم ازواجهن أو آباءهن او مجتمعهن وأصبح اسمهن فلانة المطلقة وتلك الأرملة والفاشلة ،نساء عانين الظلم والقهر والاضطهاد والإهمال والخيانة وتعرضن للضرب في كثير من الأحيان لكنهن صبرن لأجل فلذات أكبادهن وأملاً في أن يحدث الله بعد ذلك أمراً ،قال رسول الله “ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم”
لم يكتف المجتمع بإهانة المرأة  بل نسب إليها فشل الزوج والابن أيضاً هؤلاء كنّ ولا يزلن دائماً حرفاً ساقطاً في مجتمع كان الأجدر به أن يحميهن ويعالج مشاكلهن ويجعلهن يخطين بخطاً ثابتة كان واجبه أن يؤمن بيئة مناسبة لهن وعيشة كريمة .

لم نكن يوماً نعامل الأنثى معاملة رحيمة ونحن من أوصانا النبي بالنساء خيراً فقال أوصيكم بالنساء خيراً ورفقاً بالقوارير وقد وصفها القائد اوجلان بالحياة فهي الوتين وهي نبض الحياة لكن لم تسلم المرأة من التبعية والنظرة الدونية فكانت تابعة للأب ثم للزوج وبعد رحيل الزوج تبقى تابعة لأهل الزوج ومن واجبها الطاعة والانقياد للرجل الأب والأخ وفيما بعد الزوج ،وان لم تنجب طفلاً ذكراً تتحول حياتها الزوجية لساحة عراك دائم .
قابلت إحدى النساء كانت تعمل في الخياطة لتعيل زوجها الذي أصابه الشلل قبل حوالي عشر سنوات رغم بقائها مع زوجها وإعالتها له ولبناتها الثلاثة إلا أن أم الزوج حاولت طردها من منزلها لأنها لم تنجب طفلاً ذكراً ولم يكن لدى الزوجة خيار إلا أن تنجب ذكراً لتحفظ بيتها وبناتها انجبت ذكراً بعد خمس بنات وبذلك كسبت رضا الحماية واستطاعت الحفاظ على بناتها وبيتها لكن مسؤوليتها كبرت أكثر لأنها الوحيدة التي ستعيل ستة أطفال وزوجها المعاق إضافة إلى تأمين الجلسات الفيزيائية والأدوية لزوجها ،
على الرغم من كثرة الأمثلة التي تحكي معاناة المرأة إلأ أن المرأة الكوردية هي الأكثر حظاً من غيرها في التعامل والاحترام والحصول على حقوقها لكن كل هذه الصلاحيات التي تحظى بها تتلاشى شيئاً فشيئاً بعد وفاة زوجها اوإعاقته أو طلاقه لها وهودته إلى بيت أبيها أو أخيها او بعد أن تكبر في السن وتصبح عانس يقل الاحترام لها ويتدخل في أمورها كل صغير أو كبير زاعمين أنهم يعلمون مصلحتها أكثر منها وأنها جاهلة بأمور الحياة وهي التي تشيد أجيالا تربي أبناءها وتعلمهم وتؤمن لهم سبل الراحة في المنزل وتعمل أحياناً خارج البيت لتؤمن احتياجاتهم  أما ثمن تضحياتها فيكون نعتها بالمسترجلة او الفاشله وغيرها الكثير من الأوصاف السلبية
على المجتمع أن ينظر نظرة رحيمة وإنسانية  للمرأة وأن يراعي مشاعرها وألا يتعامل معها معاملة قاسية وأن ينظر إلى المرأة من خلال اأخلاقها وسلوكها وكرامتها وانسانيتها لا من خلال تلك الألقاب القاتلة التي تهينها وتذلها وألا يهضم حقوقها  يقول الكاتب التركي عزيز نيسين:

كلما قدّمتم للمرأة شيئاً تعيده إليكم مضاعفاً بمراتٍ عديدة ..
إن قدّمتم لها نطفةً تعيدها إليكم طفلاً
إن قدّمتم لها بيتاً تعيده إليكم عشّاً دافئاً
وإن قدّمتم لها خضارًا تعيدها إليكم طعامًا شهيًا
وإن قدّمتم لها ابتسامةً تقدّم لكم قلباً..
دائمًا تعيد ما تقدّمونه لها مضاعفًا وكبيرًا..
لهذا السبب إن رميتموها بحفنة طينٍ عليكم أن تكونوا مستعدين للغرق في مستنقع ستعدّه لكم..”

فالمرأة هي وتين الحياة ونبضه هي التي تشيد الإنسان وتبنيه هي الأم والأخت والزوجة والوطن هي الملاذ والحضن الدافئ دائماً هي روح المكان هي الأمان والراحة والسند هي الملاذ الآمن هي الثبات هي كما قال مصطفى لطفي  المنفلوطي “ما المرأة إلا الأفق الذي تشرق منه شمس السعادة على هذا الكون فتنير ظلمته ، والبريد الذي يحمل على يده نعمة الخالق إلى المخلوق ، والهواء المتردد الذي يهب الإنسان حياته وقوّته ، والمعراج الذي تعرج عليه النفوس من الملأ الأدنى إلى الملأ الأعلى ، والرسول الإلهي الذي يطالع المؤمن في وجهه جمال الله وجلاله”