نوسوسيال

كتبت سيدار رشيد: خبر وتحليل في العنف المسلط على النساء

332

منذ ثلاثة أيام، احتفل العالم، أو البعض منه ممن اهتم بالأمر، باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة. ويتم ذلك في سياق دولي بدأت تتوسع فيه دائرة الاهتمام المجتمعي والرسمي بهذه المعضلة التاريخية التي لم تتمكن الحداثة من تقليص وقعها على المجتمعات في مقابل هذا الاهتمام الدولي الذي تقوده الأمم المتحدة، يبدو أن المناسبة لم تخلق الحدث لا إعلاميا ولا سياسيا في العالم العربي بالرغم من وجود قوانين تقاوم العنف المسلط على المرأة في أغلب الدول العربية.وربما تعود الحساسية العربية هنا إلى تعريف الإعلان العالمي للقضاء على العنف الممارس ضد المرأة في سنة 1991 باعتباره “أيّ فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجّح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”. ويعطينا هذا التعريف عددا من الممارسات التي تجسد العنف المبني على الجندرية مثل العنف في إطار الحياة الزوجية والعنف الجنسي بما فيه التحرش والاتجار بالبشر وختان النساء والزواج المبكر.من خلال هذه القائمة لأهم مظاهر الاعتداء على المرأة يمكن أن نفهم حساسية العالم العربي رسميا ومجتمعيا لهذه الظاهرة بالرغم من ترسانة القوانين في هذا الشأن. فما يعد عنفا في حق النساء في المواثيق الدولية تعد ممارسات مجتمعية عادية وتتدخل في باب الخصوصيات الثقافية وتقف لها الدولة حامية. فالتناقض واضح مثلا في حالة الترسانة القانونية الأردنية لمناهضة العنف ضد المرأة مع قانون تخفيف العقوبات في حالة جرائم الشرف. كما نجد الأمثلة عديدة في جل البلدان العربية حيث تبدو النصوص القانونية، على هناتها، في واد والممارسة المجتمعية والرسمية في واد.صحيح أن المشكل عالمي ولا يكاد مجتمع يخلو من ظاهرة العنف ضد المرأة، لكن لا يمكن في نفس الوقت أن ننكر مدى عدم الانسجام في العالم العربي بين النصوص والواقع بما يجعل المرأة العربية من بين أكثر النساء ضحايا لهذا العنف. يفسر ذلك باستمرار فاعلية الثقافات التقليدية خاصة خارج المدن حيث مازال العرف القبلي أو الطائفي سائدا. نضيف إلى ذلك هشاشة الوضع الاجتماعي للمرأة وارتباطها بالرجل دخلا ووصاية. ولذلك لا تكفي ترسانات النصوص إذا لم تتحسن الوضعية الاجتماعية للمرأة بما يسمح لها من تأكيد ذاتها بكل استقلالية عن الرجل.