نوسوسيال

لقاء ماكرون – أردوغان ونقاط الخلاف الأساسية بين باريس وأنقرة

367

                           بروكسل : نوس سوسيال

’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’

 

لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، على هامش قمة الحلف الأطلسي في بروكسل، كان منتظرا منذ أسابيع، إلا أن سقف التوقعات لنتائج الاجتماع كان منخفضا، نظرا لعدد وعمق الملفات الخلافية بين باريس وأنقرة، والذي أدى إلى العديد من المواجهات الحادة بين البلدين في عدة مواقع من حوض البحر المتوسط وأوروبا والشرق الأوسط.

  • الملف الرئيسي بالنسبة للرئيس الفرنسي، في هذه اللحظة، هو إنجاح الجهود السياسية في ليبيا، وتحقيق نوع من الاستقرار في هذا البلد، الذي يجاور منطقة صراعات حيوية بالنسبة لفرنسا وسياساتها في مواجهة التنظيمات الإسلامية الجهادية المتطرفة في منطقة الصحراء، إلى جانب عناصر أخرى يتعلق بعضها بالدور الاقتصادي الليبي كمورد للنفط، ويتعلق البعض الآخر باستقرار منطقة شمال افريقيا، والتي تظل منطقة حساسة بالنسبة للفرنسيين. والإدارة الفرنسية مؤمنة بأنه لا يمكن للجهود السياسية أن تتقدم في ليبيا مع بقاء المرتزقة الأجانب، سواء الروس في معسكر بنغازي أو السوريين الذين ترعاهم تركيا في معسكر طرابلس، ويبدو أن رجب طيب أردوغان، وبالرغم من محاولاته لإعادة الدفء إلى علاقاته الأوروبية، غير متحمس لسحب القوات التي أرسلها إلى ليبيا، في عملية تتجاوز مجرد انقاذ حكومة طرابلس، وتعبر عن بعض من طموحات أنقرة التوسعية، وهو ما أكدته زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار المفاجئة إلى ليبيا والطريقة التي جرت بها وتصريحاته خلال تواجده على الأراضي الليبية.
  • الساحة السورية مجال آخر لخلاف بين البلدين، إذ تنظر باريس بعين غير راضية للتدخل العسكري التركي داخل الأراضي السورية، خصوصا وأنه يستهدف بالدرجة الأولى حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردي، والذين لعبوا دور حلفاء فرنسا وأوروبا في هذا البلد، أثناء المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، كما يتحدث الفرنسيون عن دور غير واضح ومبهم لعبه الأتراك طوال فترة نشاط التنظيم الإسلامي المتطرف، عندما كانت تركيا أحد الممرات الرئيسية للمقاتلين القادمين من مختلف أرجاء العالم إلى سوريا للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، وفي هذا الملف لم تبد تركيا تغييرا في موقفها، إذ اعتبر وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، أثناء زيارته إلى العاصمة الفرنسية، أنه يجب على الفرنسيين وقف التعاون مع الأكراد في سوريا، نظرا لأن تركيا تصنفهم كمنظمات إرهابية.
  • كما تتساءل باريس عن إمكانية التناغم بين بلدين عضوين في الحلف الأطلسي، كانا على وشك الدخول في مواجهة عسكرية بسبب الخلاف التركي الأوروبي على استثمار الغاز في شرق المتوسط، ولكن تركيا تعود اليوم في هذا الملف لتؤكد أنه أصبح حوار هادئ وتنفي أي طموحات توسعية.
  • وبعد أن قدمت أنقرة دعما عسكريا وماليا لأذربيجان في حربها ضد الأرمن في إقليم ناغورني قرة باغ، تؤكد اليوم أنها تسعى إلى سلام دائم بين أرمينيا وأذربيجان.
  • ومن أكثر القضايا التي أثارت حفيظة باريس، كانت المحاولات التركية لاستخدام جمعيات إسلامية أنشأتها وتمولها في صفوف الجالية التركية في فرنسا، للتدخل وممارسة الضغوط على السياسة الداخلية الفرنسية فيما يتعلق بالفرنسيين المسلمين، والذي أدى لإغلاق مؤقت لبعض المساجد والتضييق على عمل بعض هذه الجمعيات.

هذه الملفات الخلافية الرئيسية أدت إلى علاقات شديدة التوتر بين البلدين بدأت مع انتقادات متبادلة، ومرت بإهانات من الرئيس التركي لنظيره الفرنسي، ومناوشة بين سفن حربية للبلدين في البحر المتوسط حتى انتهت بجهود فرنسية لفرض عقوبات أوروبية على تركيا.

وإذا كانت نقطة الضعف الفرنسية والأوروبية تتعلق باللاجئين السوريين الذين يحاولون الدخول إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، فإن ما يدفع بأردوغان اليوم لبذل جهود كبيرة للمصالحة والعودة إلى علاقات طبيعية مع الأوربيين والمصريين والسعوديين، قد يتعلق برحيل حليفه الكبير عن البيت الأبيض بعد هزيمة دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتدهور الوضع الاقتصادي التركي إلى درجة كبيرة، وانهيار الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها خلال الأيام التي سبقت قمة الأطلسي.

في هذا الإطار، يبدو أن اجتماع ماكرون – أردوغان في بروكسل، والذي لم يتجاوز 45 دقيقة، هو مجرد اتصال أولي لا يهدف لطرح ملفات الخلاف أو حتى وضع جدول زمني لاتصالات الطرفين، ذلك إن كلا من الرجلين يريد التأكد من حسن نية الآخر وجدية أي عملية تقارب محتملة.