كتب حسن ظاظا :
سيكون التصويت على الميزانية الأسبوع القادم هو الامتحان الحقيقي الأول لحكومة ميشيل بارنييه التي لايتجاوز عمرها الثلاثة أشهر وقد لاتتجاوزها أصلاً مع النية المعلنة لبعض الكتل النيابية بمحاولة إسقاط الحكومة.
باريس كتب مارلين متيني
وتتأتى صعوبة الامتحان من كون الحكومة الحالية لا تتمتع بالأغلبية النيابية التي تمكنها من تصويت قوانينها، كما أن الحكومة تحاول تطبيق معايير تقشفية وإن كانت ترفض القول بأنها ميزانية تقشفية. فهي تحاول البدء في توفير مبلغ 60 مليار يورو في الميزانيات الفرنسية بدء من ميزانية 2025 من خلال تخفيض عدد الموظفين والمعلمين ورفع بعض الضرائب وكذلك أسعار الطاقة بالإضافة إلى خصومات في ميزانية الصحة والعدالة.
كما تأتي هذه الميزانية في سياق خضوع فرنسا لإجراءات احترازية من قبل المفوضية الأوروبية لتخفيض المديونية العامة التي وصلت إلى 110% أي ما يتجاوز ثلاثة ألاف مليار يورو، وهو ما يخالف اتفاقات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بنسبة المديونية العامة إلى الناتج الوطني.
كل هذه المعطيات أدت إلى أسابيع من النقاشات الحادة في الجمعية الوطنية الفرنسية لإتمام مشروع ميزانية العام القادم، قدم خلالها النواب الفرنسيين من المعارضة اليمينية واليسارية الكثير من التعديلات على مشروع قانون الميزانية وهو أهم قانون سنوي ينبغي على الحكومة إقراره قبل نهاية العام الحالي، إلا أن الحكومة لم تتوصل إلى اتفاق مع أحزاب المعارضة مما دفعها إلى إرسال نص مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ بصيغته الأولى، إي بدون التعديلات التي تم التصويت عليها أثناء دراسة المشروع في الجمعية الوطنية.
وبالرغم من أعلان وزير الاقتصاد الفرنسي أن الحكومة ستكون على استعداد لتقديم بعض التنازلات بشأن الميزانية وخاصة فيما يتعلق بشأن رفع أسعار الطاقة لتجنب التصويت ضد الميزانية وبالتالي إسقاط الحكومة، فإن الشكوك ماتزال قائمة حول قدرة الحكومة بالاستمرار بحكم أن أغلب أحزاب المعارضة قد تسعى لإسقاطها لإن الميزانية التي قدمتها الحكومة تتعارض مع الوعود الانتخابية التي قدمتها أحزاب المعارضة يمينية كانت أو يسارية خلال الانتخابات الماضية.
فالحكومة ستقوم برفع أسعار الطاقة وهو مايتعارض مع أكثر الوعود التي طرحتها الأحزاب المعارضة وبالتالي لا يمكنها التصويت لقانون ميزانية يتعارض بشكل واضح مع وعود لم ينسها بعد الناخبون الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع قبل أشهر وبنسب عالية لم تعرفها الانتخابات النيابية الفرنسية منذ أكثر من أربعين عاماً.
كما أن الميزانية المطروحة تسعى إلى تخفيض ميزانية البلديات وهو إجراء غير شعبي إذ يتعلق الفرنسيين كثيراً ببلدياتهم وخاصةً في المدن الصغرى وتعتبر شخصية رئيس البلدية الشخصية السياسية الأقرب لقلوب الفرنسيين في أغلب استطلاعات الرأي.
وكانت المفاجأة السياسية خلال الأيام الأخيرة في إعلان الحزب الاشتراكي المعارض على أنه سيصوت ضد الحكومة في حين أنه حزب يعرف بمواقفه المعتدلة التي تحاول الابتعاد عن المواجهة الصريحة، وذلك بالرغم من أنه جزء من ائتلاف حزبي معارض يضم حزب فرنسا الأبية المعروف بمواقفه المعارضة القوية للحكومة.
أما حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف والذي كان يحاول أن يغلف عمله النيابي بغطاء من التهذيب السياسي يجعله في حالة مصالحة موضوعية مع حكومة يفترض به معارضتها. إلا أنه قد يضطر لتغيير مواقفه والمساهمة بإسقاط الحكومة لسببين، الأول يتعلق بوعد انتخابي من مارين لوبن بالحفاظ على أسعار الطاقة وعدم المساس بالطبقات الشعبية.
ويرى مراقبون أن السبب الثاني قد يتعلق بقضية اتهام رئيسة الحزب مارين لوبين باختلاس الأموال العامة عندما كانت عضوة في البرلمان الأوروبي، وصدور قرار أولي بحرمانها من حقوقها المدنية بالترشح إلى أي منصب، وبالتالي قد يسعى الحزب إلى إثارة أية دوامة ممكنة لإعادة خلط الأوراق وربما الوصول إلى انتخابات مبكرة قبل صدور الحكم النهائي في القضية.
مكتب باريس: مارلين ميني