العظمة وادعى الربوبية، أبطل الخليل عليه دليله، وبين جهله، وقلة عقله، ألجمه الحجة، وأوضح له طريق المحجة. لم يكن اتخاذ قرار مواجهة نمرود من قبل سيدنا إبراهيم بذاك القرار الهيّن والبسيط
نظراً لأن نمرود أعلن عن نفسه إلهاً يحيي ويميت من يشاء وفَرَضَ السجود على البشر من دونِ الله. والبشر في ذاك الوقت كانوا مؤمنون بنمرود على أنه بالفعل ذاك الإله الذي له ملك الأرض كلها
وسلطانه عليها ولايمكن لأحد منازعته عليها. لذا، حينما قرر سيدنا إبراهيم الخروج عن المألوف والواقع الذي كان الشعب يعيشه كان قد فكر ملياً وحسبها آلاف المرات في كيفية البدء بهذه الثورة
ومواجهة نمرود. وهنا
جاء دور الرب الذي لازم سيدنا إبراهيم وكان معه في كل لحظة يفكر فيها في هذه المواجهة الخطيرة النتائج. بدأ مع مواجهة أبيه في الأول ودعاه لعدم صنع الأصنام وكذلك عدمعبادتها لأنه لا
فائد مرجوة منها وليس بمقدورها عمل أي شيء سوى في أوهامهم التي يؤمنون بها. وأول ما قام به هو تحطيم الأصنام تلك بدأ، إبراهيم عملياً بالثورة الفكرية والمجتمعية والأخلاقيةبنفس الوقت.
ومنها واجه نمرود من خلال القصة الشهيرة التي نعرف تفاصيلها وكيفية إلقائه بالنار، وكيف أن الرب تدخل في الأمر وجعلها برداً وسلاماً إلى أن قرر إبراهيم الهجرة من أورفا نحو القدسوسيناء ومنها
مكة، ليغدو بذلك جد الأنبياء من موسى والمسيح عيسى وحتى محمد عليهم جميعاً السلام. ورغم أن قصة سيدنا إبراهيم مليئة بالمغامرات والعواقب الوخيمة جراء تمرده على الواقعالذي كان مجتمعه
يعيشه، ورغم الشك الذي كان يدغدغ عواطفه إلا أن اليقين كان أقوى من الشك في أن ما قام به هو عين اليقين وعلم اليقين وهنا يكمن سر خلود سيدنا إبراهيم واستحق أن يكونظلمهم الذي تخطى ما كان
يفعله نمرود بحد ذاته. في ظل هذه النماردة ومن نفس الجغرافيا كان أوجلان الذي سار على نهج سيدنا إبراهيم وراح يحطم الأصنام التي جعلت من نفسها آلهة على رؤوسالبشر. أصنام توزعت في كل شارع وعلى حائط كل مدرسة علقت صورهم ويذكر اسمهم في اليوم آلاف المرات تسبيحاً وحمداً بهم. من أتاتورك وحتى أردوغان آلهة ما زال الكثير من الأتراك وحتى العرب
المغيبين والمنبهرين بأردوغان على أنه السلطان خليفة محمد الفاتح الذي حول كنيسة آية صوفيا إلى مسجد. أصنام توزعت بين الدول المحتلة لجغرافية كردستان بيدها تحيي وتميت من تشاء من
خلافاتهم تاريخية وعميقة فالطغاة يتوحدون حينما يكون الكرد هم الستهدفون. من الأصنام الأوروبيون والروس والأمريكيون والإسرائيليون الذين لا يختلفون عن بعضهم في منطقتنا، فالكل
لهم مصالحهم وأجنداتهم الخاصة
بهم وأطماعهم في المنطقة. الكل مذنب في اعتقال أوجلان ولا نستثني منهم أحداً، جميعهم خائفون من أفكار السيد أوجلان وفلسفته في الحياة التي طرحها منخلال مجلداته الخمس التي
تدعوا إلى التعايش السلمي بين الشعوب على أساس الأمة الديمقراطية. أوجلان الذي كشف عورة هذه الأصنام وحطمها بمعول قلمه وهو في قبضتهم رهينة معتقلوفلسفته. أسقط أوجلان القناع عن الملوك وحولهم إلى ملوك عراة تضحك عليهم الشعوب وتتمرد ببساطتها وعفويتها، بالرغم من حملات البطش والاعتقالات والقتل والاغتصاب والتدمير والحرق
أنه لا يمكن حجز الأفكار والفلسفات مهما فعلت الأصنام. أوجلان، يستحق منّا أكثر من ذلك بعد سجنه أكثر من عشرون عاماً بسبب أفكاره التي حولت النماردة والفراعنة إلى مجرد دُمى لا حول لها ولا قوة.
والتعايش السلمي الذي ينادي به أوجلان بعيداً عن التعصب القوموي والدينوي. ولتكون فلسفة الأمة الديمقراطية هي هوية المنطقة الخلاقة بكل معنى الكلمة لبناء المجتمع السياسي الأخلاقي والاسنان الحرّ.