الكثير من الأمور المبهمة والتي نحن أسرى لها بكل مشاعرنا وثقافتنا وشخصياتنا التي هي أيضا انكشفت على حقيقتها وهي اننا لا شيء وأننا لسنا سوى دُمى يتم تحريكها كما ترغب تلك الشركات
العابرة للحدود والتي تسويق ما تريده هي علينا. تبين أن تويتر أقوى من الرئيس الأمريكي بحدِ ذاته وبكل قوته وجبروته طبعا ليس في الداخل الأمريكي بل في منطقتنا الذي كنا ننظر للرئيس
الأمريكي على أنه أقوى رجل في العالم، لكن اكتشفنا وبقرار من تويتر أنه الرئيس الأمريكي ليس قوياً كما كنا نتصور وليس أقوى رجل بالعالم كما صوروه لنا، بل هو أوهن من بيت العنكبوت إن أرادت
عندنا، الوطن آخر ما نفكر به وفيه. لأنه إلى الآن لم نعش مرحلة الانتماء للوطن بقدر ما نعيش حالة أو ظاهرة الولاء لهذا الشخص أو ذاك التيار. وطبعاً هذا وذاك نقصد بهم الأطراف الخارجية بكل تأكيد، وإلا
ما معنى أن تتحول دولنا وبلداننا إلى حديقة خلفية للقوى الناهبة والغربية يرتعون بها كما يشاؤون. هذه هي الحقيقة المرة التي نتعامى عن كشفها ونبش حقيقتها ونتركها كي لا تظهر حقيقتنا
وروسيا وأمريكا يسرحون ويمرحون بها كيفما يشاؤون، أما الشعب السوري فهو ليس له علاقة بسوريا لأن النصف لاجئ والنصف الآخر نازح ينتظر ساعة سفر الخروج ليعيش التيه أربعون عاماً أو أكثر.
وبكل تأكيد لا يختلف الوضع في اليمن وليبيا والعراق ولبنان التي تعيش الحروب بكل تفاصيلها. أما الدول الأخرى فمعظمها حالها ليس أفضل من حيث التبعية إن كانت غربية أو شرقية اسيوية. تويتر
الذي تحول إلى سلاح ومنصة محددة للمسار الذي ينبغي أن نسيره وفقه بكل رغباتنا وليس كما نريد نحن، بل كما هم يريدون ويشاؤون. ومع أن أمريكا ورغم كل الذي حصل فيها تبقى دولة مؤسسات
شئنا أم أبينا، والملفت للانتباه رغم أن المعجبون بترامب على تويتر تجاوز عددهم ثمانون مليون لكنهم اختفوا حال ظهور حقيقة أن من يعين الرئيس الأمريكي ليس صناديق الانتخابات، بل هي
الشركات الكبرى في العالم. هي نفس الحالة تقريباً التي عايشناها في العراق قبل عقدين من الزمن تقريباً وبالتحديد قبيل غزو أو احتلال العراق. إذ، شاهدنا المسيرات المليونية لمن ادعوا أنهم فدائئ
صدام وجالوا شوارع بغداد متوعدين الجنود الأمريكيين، لكن حينما دقت ساعة الحرب اختفت تلك الملايين من الفدائيين كما اختفى ملايين من معجبي وفدائيي ترامب. ولتبقى الحقيقة هي أنه لا
أحد فوق تويتر، حتى وإن كان ترامب. أي لا أحد فوق قانون الشركات الناهبة العالمية وهي التي تحدد من سيكون الرئيس الأمريكي والذي بدوره سيكون الرئيس العالمي. وربما تتحول منصة تويتر إلى
الصندوق الانتخابي الذي يحدد من سيكون الرئيس المستقبلي في أي دولة كانت في اصقاع المعمورة. إنها رسالة من الشركات الناهبة مفادها أننا في عصر ما بعد الحداثة الرأسمالية وانتهى