نوسوسيال

لا أحد فوق تويتر، حتى ترامب

504
شكراً تويتر ومن فكر في اكتشافه واختراعه أو اطلاقه كمنصة اجتماعية شعبية كما يقال ولكنها في النهاية تمثل شركات ناهبة فاسدة وسارقة، لا يهمها القوانين الدولية أو حتى ما تم تسميته لنا
بالشرعية الدولية، هناك فقط مصالح شركات ناهبة مهيمنة على العالم. تويتر هو ممثل أكثر ما هو منصة كما تم تسويقه لنا؛ واتضح ان تويتر ما هو إلا ممثل حقيقي عن تلك الشركات التي تُحدد من هو
الرئيس الأمريكي إذا لزم الأمر، فما بالك بزعما ؤنا الذين لا يمتلكون كاريزما ترامب حتى. يلزمنا وقفة مع الذات بكل معنى الكلمة لمعرفة هدف ما نتسلى نحن بها والتي تم التسويق لها على أنها \
منصات اجتماعية مثل تويتر وفيسبوك وغيرها، والتي انكشفت حقيقتها في الانتخابات الامريكية لتظهر لنا هي بالفعل عبارة عن منصات ولكنها ليست اجتماعية بل هي منصات تحديد من سيكون
الرئيس العالمي وتحديد ماذا سيقوله وإن خرج عن المسار المحدد له فسيتم اسكاته حتى من دون تبليغه بذلك، وليذهب ويصرخ في صحارى نيفادا أو في قاع المحيط. الانتخابات الامريكية كشفت لنا

الكثير من الأمور المبهمة والتي نحن أسرى لها بكل مشاعرنا وثقافتنا وشخصياتنا التي هي أيضا انكشفت على حقيقتها وهي اننا لا شيء وأننا لسنا سوى دُمى يتم تحريكها كما ترغب تلك الشركات

العابرة للحدود والتي تسويق ما تريده هي علينا. تبين أن تويتر أقوى من الرئيس الأمريكي بحدِ ذاته وبكل قوته وجبروته طبعا ليس في الداخل الأمريكي بل في منطقتنا الذي كنا ننظر للرئيس

الأمريكي على أنه أقوى رجل في العالم، لكن اكتشفنا وبقرار من تويتر أنه الرئيس الأمريكي ليس قوياً كما كنا نتصور وليس أقوى رجل بالعالم كما صوروه لنا، بل هو أوهن من بيت العنكبوت إن أرادت

منصات الشركات الناهبة والمهيمنة على العالم ذلك. إذاً، من كان يخشى ويعبد ترامب ويقدم لها فروض الطاعة فليعم أن ترامب رحل وانخلع ومات كاريزمياً إن لم يكن وظيفياً، وليعم أيضاً أن ترامب
ليس بذاك الغول المتوحش الذي لا همَّ له سوى تدمير المنطقة. وفي الطرف الآخر من كان يدعوا الله على رحيل ترامب ومجيء بايدن، عليه أن يدرك أيضاً بنفس الوقت أن بايدن ليس بذاك الملاك الطاهر
الذي يمثل بنظرهم بابا نويل المعاصر، وأنه حال فوزه سوف يحمل كيسه على ظهره ويتوجه لمنطقة المشرق المتوسطي ويوزع علينا قليلاً من الديمقراطية والكرامة وعزة النفس، كما يتوهم أنصار
بايدن. كِلاهما إن كان من يحمل راية الحمار رمز الحزب الديمقراطي أو من يحمل راية الفيل رمز الحزب الجمهوري، فكلاهما يمثلان الشركات الناهبة المهيمنة على العالم والتي لا تهمها الشعوب وحدود
الدول والبلدان بقدر ما تهتم بالربح الأعظمي ونهب خيراتها. لا فرق بين حمار بايدن وفيل ترامب لأنهما رمزان لا أكثر وجوهرهما يعبران عن مصالح أمريكا أولاً كما عبَّر عنها ترامب بوضوح تام أن

 

شعاره “أمريكا أولاً”. وبكل تأكيد أن هذا الشعار لن يختلف قيد أُنملة إن جاء بايدن للبيت الأبيض. الشعار هو هو لن يختلف فأمريكا أولاً هو مبدأ صارم لأي شخص يدخل البيت الأبيض وليس خيار كما عندنا.

عندنا، الوطن آخر ما نفكر به وفيه. لأنه إلى الآن لم نعش مرحلة الانتماء للوطن بقدر ما نعيش حالة أو ظاهرة الولاء لهذا الشخص أو ذاك التيار. وطبعاً هذا وذاك نقصد بهم الأطراف الخارجية بكل تأكيد، وإلا

ما معنى أن تتحول دولنا وبلداننا إلى حديقة خلفية للقوى الناهبة والغربية يرتعون بها كما يشاؤون. هذه هي الحقيقة المرة التي نتعامى عن كشفها ونبش حقيقتها ونتركها كي لا تظهر حقيقتنا

ومدى الخداع والزيف والنفاق الذي نعيشه داخلياً. هذا ما نراه وبكل وضوخ إن أردنا تعريف سوريا وأين هو موقعها في العملية الجيوسياسية الإقليمية والدولية. حيث انها حديقة خلفية لإيران وتركيا

وروسيا وأمريكا  يسرحون ويمرحون بها كيفما يشاؤون، أما الشعب السوري فهو ليس له علاقة بسوريا لأن النصف لاجئ والنصف الآخر نازح ينتظر ساعة سفر الخروج ليعيش التيه أربعون عاماً أو أكثر.

وبكل تأكيد لا يختلف الوضع في اليمن وليبيا والعراق ولبنان التي تعيش الحروب بكل تفاصيلها. أما الدول الأخرى فمعظمها حالها ليس أفضل من حيث التبعية إن كانت غربية أو شرقية اسيوية. تويتر

الذي تحول إلى سلاح ومنصة محددة للمسار الذي ينبغي أن نسيره وفقه بكل رغباتنا وليس كما نريد نحن، بل كما هم يريدون ويشاؤون. ومع أن أمريكا ورغم كل الذي حصل فيها تبقى دولة مؤسسات

شئنا أم أبينا، والملفت للانتباه رغم أن المعجبون بترامب على تويتر تجاوز عددهم ثمانون مليون لكنهم اختفوا حال ظهور حقيقة أن من يعين الرئيس الأمريكي ليس صناديق الانتخابات، بل هي

الشركات الكبرى في العالم. هي نفس الحالة تقريباً التي عايشناها في العراق قبل عقدين من الزمن تقريباً وبالتحديد قبيل غزو أو احتلال العراق. إذ، شاهدنا المسيرات المليونية لمن ادعوا أنهم فدائئ

صدام وجالوا شوارع بغداد متوعدين الجنود الأمريكيين، لكن حينما دقت ساعة الحرب اختفت تلك الملايين من الفدائيين كما اختفى ملايين من معجبي وفدائيي ترامب. ولتبقى الحقيقة هي أنه لا

أحد فوق تويتر، حتى وإن كان ترامب. أي لا أحد فوق قانون الشركات الناهبة العالمية وهي التي تحدد من سيكون الرئيس الأمريكي والذي بدوره سيكون الرئيس العالمي. وربما تتحول منصة تويتر إلى

الصندوق الانتخابي الذي يحدد من سيكون الرئيس المستقبلي في أي دولة كانت في اصقاع المعمورة. إنها رسالة من الشركات الناهبة مفادها أننا في عصر ما بعد الحداثة الرأسمالية وانتهى

زمن الحدود السياسية للدول القوموية الدينوية. عصر يكون فيه الصراع ما بين الحداثة الرأسمالية وبين الحداثة الديمقراطية والذي سيستمر حتى يتوافق الطرفين على قيادة العالم.