بعد أيام تحل الذكرى العاشرة لاندلاع الثورة التونسية وذلك في سياق أزمة اقتصادية خانقة وفي ظل انسداد الحياة السياسية وفشل مختلف الحكومات في حل المشاكل المتراكمة. ذكرى لها رمزيتها العميقة لدى التونسيين الذين أصبحوا أكثر تشاؤما بسبب تعقد أوضاعهم المعيشية. أية حصيلة يمكن أن نرسمها لهذه العشرية؟
يلاحظ التعثر أيضا على مستوى استكمال البناء المؤسساتي للانتقال لديمقراطي. فعلى حيويتها في تنظيم الحكم ومراقبة التشريع، ما زال البرلمان التونسي عاجزا منذ خمس سنوات على استكمال اختيار أعضاء المحكمة الدستورية بالرغم من تجاوز الآجال الدستورية. نفس التأخير بالنسبة للهيئة المستقلة لمقاومة الفساد وللهيئة المستقلة للاتصال السمعي والبصري اللتين لم تريا النور بعد. قد نستثني من هذا المشهد القاتم فقط توسع مجال الحريات بالإضافة إلى ترسخ تقاليد المجتمع المدني هذا بالإضافة إلى عدم السقوط في العنف الشامل كما حصل في عديد البلدان العربية الأخرى. وهذا يعود بالأساس على عراقة تقليد الدولة الوطنية.
أما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي فالأزمة أعمق. فالاقتصاد التونسي يشهد نموا سلبيا منذ سنة تقريبا ولم يتمكن حتى من العودة إلى مستوى سنة 2010 التي سبقت الثورة. وتونس اليوم يتهددها شبح الإفلاس إذا ما تشدد المانحون في توفير جزء مهم من الميزانية العمومية لهذه السنة. هذا دون الحديث عن تفاقم مستوى البطالة وتراجع الخدمات ومختلف مؤشرات التنمية.
كيف نفهم هذا الترنح التونسي في مسار الانتقال الديمقراطي؟ عمق المشكل التونسي يتمثل في عدم تأقلم رهانات السياسة لا مع تسيير الشأن العام ولا مع مقتضيات الانتقال الديمقراطي. فمنذ انتخابات سنة 2011، أصبحت الحياة السياسية في تونس تدور حول الحكم وتحالفاته خاصة من طرف حزب حركة النهضة الإسلامي. والحكم هنا يعني السيطرة على الدولة كجهاز من أجل أغراض حزبية. وزاد من استفحال الأزمة دخول عديد رجال الأعمال على الخط السياسي إما حفاظا على امتيازاتهم أو من أجل ضمان امتيازات جديدة. الحل لتونس اليوم يتمثل في عقلنة الحياة السياسية وذلك بتحييد الدولة ومؤسساتها.