نوسوسيال

بقلم:الدكتورحسين عزام/ متى تتخلص الأحزاب من امبريالية الذاكرة ؟…

919

في كل أوطان العالم هناك نخب مثقفة، تشكل هذه النخب احزاباً سياسية وطنية تكون القلعة المنيعة تحتضن الشعب تحميه وتدافع عنه.
الوطن عند هذه الأحزاب مقدس، ومصلحة الوطن فوق أي مصلحة ذاتية أو حزبية. تتسابق على التضحية في سبيله.
إن هذه النخب في بلدان العالم تشكل صمام الأمان لشعوبها، والقوى الواعية المناضلة التي تقود شعوبها على طريق الخلاص والارتقاء.
لكم هي تعيسة المنكوبة سورية. لقد ابتلت بأحزاب أقل مايقال فيها أنها غير وطنية، وأن انتماءها للأجنبي أعمق من انتمائها للوطن. وأن مصلحتها أهم بكثير من مصلحة الوطن.
وقد استعمرت ذاكرتنا في التاريخ المعاصر أضمومةٌ من الشعارات، جاءت بها أحزاب وجماعات وزعماء غسلت أدمغتنا، نومتنا مغناطيسياً، أصبحنا نرددها ببغائياً، لأنه لم يعد في مخزون الذاكرة غيرها، ألفناها وتعودنا عليها..
بتحليل بسيط نرى في تلك الشعارات التي كانت تطرح غياباً لذكر وقدسية الوطن، وحل محله تمجيد الزعماء والأحزاب والجماعات. الأمر الذي يشير عمق غريزة القطيع المغروسة فينا، واستفحال الفكر الرعوي الذي تولى الوصاية على الرعية،
بواسطة قبضة أمنية مطبقة عززت طقوس الولاء على طقوس الأداء، وعطلت القنوات التي تفضي إلى حلم الشعب بالحرية والكرامة والمشاركة بصنع المستقبل.
لهذه الأسباب فرتْ الخبرات، وتحول الشعب إلى محبرة ألم تنغمس فيها ريشة الاستبداد ذات النصل الجارح تكتب باسمه وتعمل ضده.
شكلت الحكومات المتعاقبة دلة قهوة بفناجين محدودة وأقامت الولائم والجاه لأنصارها، وبقي الشعب خارج القاعة يستنشق الرائحة، رغم أن هذا الشعب قدم لهم القرابين !! .
الأحزاب نجحت في فترة ما نظرياً، لكنها سقطت سقوطاً مدوياً في الترجمة العملية، الزعماء المخلصون قد يفلحون في قيادة شعوبهم، ولكن لمشوار قصير، ولن يكونوا بديلاً عن الشعب ليختزلوه في شخصهم.
خلاصة القول :
– يجب أن ندرك أن الأحزاب ضلت طريقها، وأخذت قاطرتنا إلى قاع الرمل والطين وغرّزت هناك، وعليها أن تخرج نفسها من مأزقها، وعليها أن تقرأ خارطة الشعب من جديد لتهتدي بها إلى المسالك الآمنة !!
ولابد لنا من أن نمسح من عقولنا الشعارات المنتهية الصلاحية التي ما زلنا نرددها بولاء رعوي.
– في مثل هذا العمر لن ندخل الجنة لأننا محمّلون بأثقال الفساد. علينا أن نعود أطفالاً من جديد لكي نتعمد بالطهارة، نكون مؤهلين لحمل أفكار جديدة، أفكار إنسانية وحضارية نظيفة ونتخلص من امبريالية الذاكرة !!.