نوسوسيال

بقلم حسن ظا ظا : شروط تركيا الأربعة للتطبيع.. مرهونة بالرد السوري

714

 

 

 

 

من الملاحظ  أن التصريحات السياسية التركية في الملف السوري، والذي يُعد الملف الأقوى من بين باقي الملفات التي يتم تناولها على الصعيد الخارجي بعد الآنتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة الجديدة, وبعد مؤتمر أستانا الأخير, طالبت أنقرة برفع وتيرة التواصل بينها وبين دمشق إلى المستوى الدبلوماسي,بعد أن كانت الاتصالات والتواصل عبر أجهزة الاستخبارات التركية ونظيراتها لدى النظام السوري ما هي إلا دليل على استمرارية النهج السياسي الجديد لتركيا في الملف السوري، ولو عدنا قليلاً إلى الوراء فسنجد تصريحات نفسها للسياسيين والدبلوماسيين الأتراك تتكرر تدعو الدبلوماسية التركية فيها لإيجاد تفاهم بين النظام والمعارضة وفق القرار 2254 لأنه لا حل في سوريا إلا الحل السياسي، لكن في هذه المرة أعلنت الدبلوماسية التركية عن أهداف استراتيجية أربعة تخص تركيا وهي :

 1- الحفاظ على وحدة التراب السوري،

 2- إزالة كل أنواع الإرهاب من المناطق المتاخمة للحدود التركية (( هذين البندين مطالب قديمة متجددة ))
3- وحدة التراب السوري والعودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم المقصود هنا إحداث منطقة آمنة في الشمال السوري بهدف التغير ( الديمغرافي ) لتهجير السكان الأصليين من كرد وعرب, وسريان ومسيحيين وأرمن.

4- التنسيق العسكري بين إيران وتركيا, وسوريا وروسيا وذلك لمحاربة الارهاب وإعتبار حزب الاتحاد الديمقراطي إرهابي وهذا (( إفتراء واتهام وتلفيق تركي)) 

فكلاهما مستجدين من مخرجات مؤتمر أستانا الأخير والمستهدف هنا تصفية القضية الكردية في كل من سوريا وإيران وتركيا, ولكن وفق الرؤية التركية الجديدة للملف السوري، مع التحفظ على مقدار واقعية تحقيق كل هذه الشروط مع كل المتغيرات الدولية والإقليمية القائمة في الآونة الأخيرة.إذا ربطنا هذه التصريحات بما يجري على الصعيد الإقليمي والدولي, نجد أن تركيا تريد هذا الحل توافقاً مع روسيا على المستوى الاستراتيجي بين الطرفين، فالتطورات المستجدة في الحرب الروسية الأوكرانية ترخي بظلالها على الملف السوري والوضع الإقليمي والدولي سياسياً وإقتصادياً انعكست تأثيراتها على حياة الفرد والمجتمع في أوروبا والمجتمع في دول الشرق الأوسط.

 في الأمس القريب صرح الرئيس بوتن بأن تركيا ممكن أن تكون مركزاً لبيع الغاز الروسي،ولهذا الأمر تداعيات كبيرة لكن بشكل إيجابي على الاقتصاد التركي الذي يمر بأوقات ليست جيدة،وخصوصاً انخفاض وتدني الليرة التركية أمام الدولار, فإن التقارب الروسي التركي يزداد من يوم لآخر على حساب التباعد النسبي بين تركيا والولايات المتحدة

الأميركية، التي أرسلت قبل فترة وجيزة وفداً رفيع المستوى من موظفي الخزانة الأميركية لمناقشة العقوبات الغربية على روسيا ومدى ومقدار تطبيق تركيا لهذه العقوبات، رغم أن هذه الأخيرة صرحت في عدة مناسبات بأنها لن تطبق تلك العقوبات لكن التدفق المالي الكبير من قبل الشركات الروسية نحو تركيا بدأ يزعج واشنطن، وخاصة أن تركيا حليف عسكري للولايات المتحدة الأميركية وأيضا للناتو.

أما على الصعيد الإقليمي وتحديداً العربي منه, فبهذه التصريحات المتناسقة والمتتالية فيما بينها وكأن تركيا تحاول أن تمسك العصا من المنتصف، كي توازن علاقاتها بين الدول العربية الداعمة للنظام السوري بعد عودته للجامعة العربية, وبين تلك الداعمة للمعارضة السورية، وخاصة أن تركيا تربطها علاقات قوية وجيدة مع كلا الطرفين وفق تشابك للمصالح وبشكل معقد مع كلا الطرفين، فالجزائر مثلا والتي تدعم سياسياً النظام في سوريا لديها تشابك مصالح مع تركيا في ليبيا, التي تدعم بدورها المعارضة السورية، إضافة للعلاقات القوية مع دول الخليج العربية التي تتناقض نوعاً ما في رؤيتها السياسية للملف السوري، وهذا يدل على أن أنقرة تتفهم المواقف المتناقضة للعواصم العربية وفق رؤية براغماتية حقيقية تراعي فيها مصالحها الأمنية والسياسية والاقتصادية بشكل متوازن قدر الإمكان.

ويبقى السؤال المهم هو هل التفاهم بين النظام والمعارضة في سوريا حسب ما تريده أنقرة أمرٌ ممكنٌ في ظل وجود عقبات كبيرة، وحقيقة رغم التغير الحاصل بالموقف التركي في الملف السوري، فإيران التي لها دور فاعل وكبير في الأرض السورية, لديها خلافات كبيرة في ملفات عدة مع تركيا، فهل من الممكن أن تتجاوب معها في هذا الطرح، وهناك العقبة الثانية والأصعب لتركيا وهي الولايات المتحدة الأميركية التي تدعم قسد المصنفة لدى تركيا على لائحة الإرهاب، إضافة لما تقوم به قسد من اتفاقات سياسية مع النظام في دمشق ضد تركيا وفصائل المعارضة المدعومة من قبلها، فكيف لهذا التفاهم الذي تريده تركيا أن يتحقق، وأخيراً هل يُفهم من هذه التصريحات بأن تركيا قد تخلت تماماً عن عمليتها العسكرية التي كانت تنوي القيام بها في الشمال السوري والتي تعارضها كلٌّ من روسيا والنظام السوري والولايات المتحدة الأميركية معتمدةً على الفكرة  القائلة ضع الكرة في ملعب الآخرين.وبعد شروط الطلب التركي على السوريين,بقيت الكرة في الملعب السوري برهن التطبيع بين أنقرة ودمشق.