بعد فوز أردوغان.. هل الملف السوري في أولويات سياسة أردوغان ؟… وماذا بعد .. وماذا بعد فوزه

وتشكيل حكومته الجديدة ؟…أبرز تلك الملفات العلاقة مع سوريا، التي خاض مسؤولو البلدين جولات

عديدة لتقريب وجهات النظر فيها، سعيا إلى لقاء قمة بين أردوغان، والرئيس بشار الأسد, في الواقع،

لم يكن الملف السوري غائبا عن الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حيث تحول اللاجئون السوريون إلى

ورقة انتخابية بين المتنافسين, واليوم ومع انتصار أردوغان على منافسيه في أعقد وأصعب انتخابات

شهدتها البلاد في تاريخها، تتجه أنظار المتابعين والمحللين السياسيين إلى ما ستؤول إليه طريقة

تعاطي أنقرة مع هذا الملف، الذي تحركت مياهه الراكدة مؤخراً مع انطلاق اجتماعات استضافتها في موسكو.

 

الحال كما هو

 يرى الكثير من المراقبين والمحللين والمتابعين للوضع التركي: أن فوز أردوغان في الانتخابات الأخير سيعطيه دافعاًأكبر للاهتمام بالملف السوري, و أن العامل الروسي فيما يخص تعاطي أنقرة مع دمشق، يمكن القول إنه كان أحد العناصر التي أدت إلى فوزه، متوقعًا ألا تتغير سياسة أردوغان تجاه دمشق, وقال المتخصصون بالشأن التركي: “تلك السياسة لن تتغير كثيرا؛ لأن أزمة اللاجئين والمشكلة الاقتصادية لا زالا مستمرين، فيما الضغوط الروسية الايرانية ستستمر على الرئيس التركي أيضاً”، مشيرًا إلى أن الأجواء الإقليمية لن تسمح له بتصعيد التوتر مع دمشق، “ومن هنا يمكن التأكيد بأننا لن نرى تحولات مفاجئة أو كبيرة في سياسته المستقبلية”. بينما أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق الدكتور بسام أبو عبد الله في حديثه لـ”العين الإخبارية” يؤكد أن الملف السوري سيشكل أحد أولويات المتابعة الإقليمية في المرحلة القادمة، مشيراً إلى أن أردوغان لديه التزامات مع الجانب الروسي والجانب الإيراني فيما يخص سوريا. وأكد أن إعلانه (أردوغان) الانتخابي بأنه لن ينسحب من الأراضي السورية سيعني بأن أبواباً ستغلق عليه من الشمال إلى الجنوب وهو لن يستفيد بالتالي من بوابة الخليج التي ستبقى مغلقة، مشيرًا إلى أنه من مصلحته إعادة ترتيب ملفات العلاقات مع سوريا. ويرى أبو عبد الله، أن المقاربات القديمة بما يخص الإخوان المسلمين لن تكون ضمن أولويات الرئيس التركي في المرحلة القادمة؛ فمشروع الإخوان المسلمين بالأساس ألغي من الأجندات، ولن يفيد في شمال سوريا.

مرحلة غير واضحة المعالم

 

سوريا لم تعد بطبيعة الحال سياسة خارجية تركية، وإنما داخلية، بحسب الكاتبة السياسية والصحفية التركية هدية ليفينت، والتي لفتت في تصريح لها من أنقرة إلى أن ملف اللاجئين السوريين هو ملف داخلي تركي.

وتضيف الكاتبة التركية أن أردوغان لن يجبر اللاجئين على العودة، رغم أن حكومته تقوم بتدشين وحدات سكنية لإعادة اللاجئين، مشيرة إلى أن أنقرة تريد علاقة جيدة مع دمشق وتسعى لاستئناف عمل اللجنة “الرباعية”.

 ومع هذه المعطيات المتناقضة يمكن توصيف السياسة التركية بهذه اللحظة بأنها سياسية “غير منطقية” لاسيما أن الحديث عن الرغبة بتطوير العلاقة مع دمشق يتناقض أيضا مع طريقة التعاطي مع التنظيمات المسلحة المدعومة من تركيا بالمال والسلاح في الشمال السوري، وفقا لليفينت.

وتضيف ليفينت أن ما يمكن قراءته من كل هذه المعطيات هو أن أنقرة تسعى للتدخل بالشأن السوري لاحقاً من خلال هؤلاء، علماً بأنها لم تعلن حتى الآن أنها تريد الانسحاب من الأراضي السورية، وبحسب المعلومات فإن نحو 8 آلاف جندي تركي يتمركزون في سوريا، إلا أنه مع ذلك فإن المسؤولين الأتراك يصرون على التأكيد على رغبتهم بالتفاوض مع دمشق.

وتشير ليفينت إلى أنه وحتى الآن لا نعرف إذا كان مشروع المنطقة الآمنة الذي سبق وأعلنت عنه أنقرة لايزال قائما عليه في شمال سوريا، مؤكدًا أن “أنقرة ستلعب سياسة الانتظار، لترى ما ستؤول إليه علاقة دمشق مع الدول العربية، وما ستنجم عنه علاقتها مع روسيا إيران، وتريد رؤية سيقدمه العرب لسوريا، لتطرح لاحقاً ما تريده هي، وتقدم رؤيتها فيما يخص علاقتها مع دمشق ومصير المسلحين الذين تدعمهم”.

الملف الكردي إلى الواجهة

أما بالنسبة للتعاطي مع الملف الكردي، ترى ليفينت أن أنقرة ستسعى بالتأكيد لتنفيذ عملية عسكرية في مناطق تواجدهم، وهي بحاجة لهذه العملية في الداخل، مؤكدًا أن حكومة أردوغان ستمارس ضغطا كبيرا في اتجاه التعامل مع الأكراد حتى داخل تركيا، لكن التواجد الأمريكي والضغط الروسي الإيراني قد يفرمل مثل هذه العملية إلى حد ما”.لكن ليفينت ترى أنه وبسبب حاجة أردوغان في العام القادم لأصوات الأحزاب القومية التركية في الانتخابات المحلية، فإنه قد يذهب في اتجاه عملية عسكرية محدودة يتم التسويق لها داخليا، ومثل هذه العملية قد لا تستفز واشنطن ولا تغضب روسيا.

الاقتصاد في المنتصف

من المنطقي الإشارة إلى العامل الاقتصادي في طريقة تعاطي أنقرة مع الملف السوري؛ بحسب ليفينت التي تعتبر أن تركيا ستحاول الحصول مقابل أي خطوة تجاه سوريا على مقابل سياسي ومادي، ربما من الدول العربية الساعية اليوم لحل معضلة الخلاف بين أنقرة ودمشق. وشددت ليفينت على أن تعاطي الدول العربية مع سوريا له تأثير بشكل كبير على طريقة تعاطي أنقرة مع الملف السوري، فإذا عملت الدول العربية على مساعدة دمشق فإن ذلك سيشكل عامل ضغط على أردوغان لتقديم تنازلات، أما إذا حصل العكس فإنه سيذهب للتشدد.

واختتمت ليفينت حديثها بالقول: “علاقة تركيا مع الإمارات والسعودية جيدة، وهذا خط مهم ومباشر، وسيكون له دور أساسي لاحقاً فيما يخص الملف السوري، لاسيما مع مواصلة المساعي العربية لإيجاد حل للأزمة السورية”.

اعداد : حسن ظاظا