توقّع بدران جيا كرد أن هناك اتفاق بين حكومة دمشق ودولة الاحتلال التركي، وقال: “هذا الاتفاق يتم بمساعدة ودعم روسيا وإيران”، ولفت أن “إعادة العلاقات بين الطرفين ستكون ضمن إطار موسع أكثر على حساب جميع السوريين”، مشيراً إلى الأزمات التي يعانيها المجتمعون في طهران وسوتشي وسعيهم للخروج منها.

                                                           ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
قيّم نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بدران جيا كرد، التطورات السياسية والعسكرية التي تشهدها المنطقة، خلال حوار خاص أجرته معه وكالتنا، بالإضافة إلى مخرجات اجتماعي طهران وسوتشي اللذين نتج عنهما تصعيد عسكري للاحتلال التركي ضد المنطقة، وكذلك مواقف الأطراف الضامنة لاتفاقية وقف إطلاق النار التي تنتهكها تركيا على مدار ثلاث سنوات، واتفاقية “أضنة المعدلة” التي كانت على ما يبدو ضمن أجندات الاجتماعين.
وإليكم الحوار التالي :

حاول النظام التركي أن يأخذ الإذن من الكثير من الأطراف (الناتو، وروسيا، ومجموعة أستانا) كي يهاجم شمال وشرق سوريا، إلا أن ذلك لم يتم؛ لأن أي هجوم تركي سيضر بمصالح هذه الدول وخاصة روسيا وإيران، لذلك منعت تركيا من أي هجوم بري، وبالمقابل سمحت لها بتنفيذ الهجمات الجوية بالطائرات المسيّرة.

نحن هكذا نقيّم الأمر، هذه الدول ترفض أي هجوم بري عسكري، لكنها في الوقت نفسه لا تمانع بالهجمات التركية بالطائرات المسيّرة، وتغض النظر عن هجماتها، أي أن هجماتها مستمرة بأساليب أخرى من خلال استهداف سكان المنطقة الآمنين، والرائدات في وحدات حماية المرأة وقيادات قوات سوريا الديمقراطية، لقد طورت تركيا هجماتها وفق هذا المنظور.

بالفعل نحن نقيّم أن هذه الهجمات الهمجية التي تستهدف المدنيين والنساء والأطفال، عملية عسكرية، وهي خطرة وتتسبب في هجرة السكان من المنطقة.

تراودنا الشكوك حول الكثير من الأمور، روسيا والتحالف الدولي ليس لهما موقف حيال هذه الهجمات التي تتصاعد يوماً بعد آخر، وهذا ما يثبت صحة شكوكنا. فلا روسيا ولا التحالف الدولي بقيادة أميركا يقومون بالمسؤوليات الموكلة إليهم، النظام التركي يستفيد من ضعف مواقفهم ويصعّد من هجماته ضد المنطقة، وهذا ما يزيد الأزمة تعقيداً وتعميقاً.

يستفيد مرتزقة داعش من هذه الهجمات وينظمون أنفسهم من جديد ويوسعون تهديدهم على جميع الأطراف الذين يغضون النظر عن هذه الهجمات التي تعد جرائم حرب وتخالف القواعد والمواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية، نحن نقول إن هذه الهجمات تطال الجميع، الجميع سيتلقى الضرر منها، وسيعود ذلك بالضرر الكبير عليهم، من أجل ذلك يتطلب من هذه الدول وخاصة الأطراف الراعية لوقف إطلاق النار مع الدولة التركية (روسيا وأميركا) الإيفاء بعهودهما وحماية بنود الاتفاقية.

* بالتزامن مع التصعيد الميداني، يجري الحديث مؤخراً عن مصالحة بين حكومة دمشق ودولة الاحتلال التركي. كيف تفسرون هذه الاستدارة التركية نحو دمشق؟

النقاشات التي جرت مؤخراً في طهران وسوتشي بين روسيا وتركيا وإيران؛ تبيّن أنها اتفقت على بعض الأمور الأطراف الثلاثة تعيش أزمات اقتصادية خانقة، لذلك تضع مصالحها فوق كل اعتبار وعليها أن تتفق للتخفيف من وطأة أزماتها الاقتصادية. لقد تطورت هذه الاتفاقات على حساب الشعب السوري.

من جانب، يريد النظام التركي التقارب مع دمشق والاتفاق معها، في دليل واضح على مدى عمق الأزمة الداخلية التي يعيشها، فهو يريد التخلص من أزماته السياسية والاقتصادية، لذلك لا يولي أي أهمية لما تسمى بـ “المعارضة السورية”، ولا للشعب السوري اللاجئ في تركيا، ولا للأزمة السورية. هذه المواضيع ليست مهمة بالنسبة له بمقدار ما يهمه وضعه الداخلي المتأزم وحماية سلطته، خاصة في ظل اقتراب الانتخابات. لذلك هو مستعد للتنازل عن أي شيء والتضحية به لحماية سلطته، لذلك نرى اليوم اقترابه من دمشق ودعوته أن تتوافق المجموعات المسماة بالمعارضة السورية مع النظام السوري، ودعم دمشق سياسياً، تركيا ترى أنه من الضرورة الملحة أن تتطور اتفاقات كهذه.

دخلت سوريا مرحلة جديدة، نراها مهمة ونوليها الأهمية، الوضع في سوريا سيتغير من نواحٍ كثيرة، سيكون هناك تأثير على وضع المناطق المحتلة، أيضاً مناطق الإدارة الذاتية التي ستصبح هدفاً.

النظام التركي في أزمة لم يحصل على ما يريد لذلك يريد الاتفاق مع دمشق للتحرك ضد مناطقنا. هو يريد الحصول عليها بأساليب أخرى، ترك أهدافه السابقة التي لم تعد مهمة بالنسبة له، والأهم هو التخلص من اللاجئين السوريين، الذين هم مشكلة كبيرة له وكيفية إعادتهم إلى سوريا.

الموضوع المهم الآخر هو كيفية إضعاف الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، لذلك نراه اليوم يلجأ إلى دمشق للوصول إلى أهدافه هذه.

على دمشق أن تعلم أن لديها مشاكل مع الشعب السوري، يجب أن تحل مشاكلها مع السوريين عن طريق الحوار للوصول إلى اتفاقات سياسية، ليس ممكناً أن تحل هذه المشاكل باتفاق مع دولة معادية لسوريا مثل تركيا، إذا طورت دمشق هذه السياسات واتفقت مع نظام فاشي مثل تركيا ضد جزء من شعبها، فنحن نرى أن هذه السياسة لن توضع في خدمة الاستقرار والحل السياسي داخل سوريا، ولن تكون في خدمة الحل الوطني السوري.

يتبيّن أن النظام في دمشق أيضاً مفلس، وليس له سياسة ورؤية من أجل الحل السياسي داخل سوريا، هو يفكر كيف يعيد سوريا إلى ما قبل عام 2011، ولا يزال متمسكاً بذهنيته السابقة، لذلك الاتفاق مع نظام فاشي سيكون ضد السوريين وهذه سياسة مدمرة.

هذه السياسة سيرفضها السوريون، على النظام ألا يفكر أن المشاكل السورية سيتم حلها بالمصالحات والتسويات، المناطق التي شملتها هذه الحلول لا تزال تعاني اليوم ولم تحل مشاكلها، عكس ذلك كان يجب على النظام أن يفكر كيف يطور الحلول ويطور النقاش والحوار مع السوريين للتوصل إلى حل سياسي من أجل سوريا المستقبل.

من المستحيل تطبيق ما جرى في مناطقنا، ان وضعها يختلف، الوضع على الأرض يختلف. نحن أصحاب رؤية ومشروع استراتيجي وسياسي، ولدينا ثقل سياسي وإداري وأمني وعسكري، لدينا إمكانات اقتصادية في الجغرافية التي يتم إدارتها من قبل الإدارة الذاتية، يجب أن يكون هناك اتفاق سياسي، ليس من الممكن أن نقبل بدخول النظام ومؤسساته إلى مناطقنا.

للوصول إلى حلول واتفاقات سياسية كانت هناك الكثير من المناشدات من قبلنا، لكن مع الأسف غض النظام النظر عن هذه الأمور، ووجّه أنظاره نحو تركيا والاتفاق معها ضد مناطقنا، سيكون لذلك نتائج كارثية على سوريا عامة.

في عام 2019 اتفقت قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري عسكرياً أثناء هجوم جيش الاحتلال التركي على مدينة سري كانيه، ثم انتشر في كوباني ومنبج والشهباء، كانت لنا نية أن تفهم دمشق أننا نريد تطوير حل سياسي وطني سوري، على أن يتم تطوير الاتفاق العسكري إلى اتفاق سياسي.

كان على دمشق أن تفهم نيتنا وليس غض النظر عن الأمور واستخدام أساليب جديدة لإضعافنا، لذلك أي اتفاق مع تركيا ضد مناطقنا لن يتم قبوله من قبلنا، على دمشق مراجعة نفسها والتقرب من شمال وشرق سوريا، فالسياسات التي تطورها هي نتيجة إفلاسها ولن نقبلها، إمكانات مناطقنا السياسية والعسكرية والاقتصادية جعلت منها قوة لحل سياسي من أجل كافة سوريا.

* في وقت تتحدث فيه دولة الاحتلال التركي عن مصالحة مع دمشق، تشن هجمات برية وجوية على قوات الأخيرة المتمركزة في المناطق الحدودية لشمال وشرق سوريا، ما هي قراءتكم لهذا التصعيد الميداني الذي يتزامن مع مرونة سياسية تجاه دمشق؟

في السنوات الأخيرة عاشت تركيا أزمات ومشاكل عميقة وحقيقية مع الدول والعالم، استراتيجية صفر مشاكل انعكست عليها وعاشت المشاكل مع الجميع، اليوم يريد النظام التركي تطوير السياسة عينها نتيجة الأزمات الداخلية التي يعانيها، يريد أن يحسن من علاقاته مع الجميع ليتمكن الخلاص من هذه الأزمة وإطالة عمره في السلطة، هو خائف من أن يفشل في الانتخابات المرتقبة.

الدولة التركية تطور هذه السياسة في هذه المنطقة لتحسين علاقاتها مع دمشق، ما الذي يتطلب فعله؟، على أي أساس سيتم تطوير وتحسين هذه العلاقات؟، في المقابل هناك مطالب من الطرفين، فدمشق تطالب تركيا بقطع الدعم عن المجموعات المسماة المعارضة والإخوان والمجموعات التي تقاتل ضد النظام وتسليمها له، ومطالب تركيا تتمثل في معاداة منطقتنا وتحويل سياسة دمشق إلى سياسة معادية ضد منطقتنا. النقاشات تستمر، ما يتبين ويُفهم أنه سيكون هناك اتفاق في هذا الإطار.

إذا حصل اتفاق كهذا سيكون ضد كل السوريين، الشعب السوري سيتضرر، إذا اتفق النظام مع تركيا على السوريين أن يعلموا أنه اتفاق مع الذي دمر وقتل وسرق السوريين، ودفع بآلاف الجهاديين إلى سوريا، وأصبح سبباً في خراب ودمار المناطق السورية.

فجزء مهم من سوريا تحتله تركيا، من إدلب وصولاً إلى سري كانيه، إن لم يتم رؤية هذا الاحتلال من قبل دمشق، وقامت بعقد علاقات واتفاقات مع نظام فاشي مثل النظام التركي ضد شعبه، فهذا في قناعتنا يعني أن دمشق توافق على وجود الاحتلال في سوريا وتعطيه المشروعية.

اتفاقية أضنة التي تم التوقيع عليها 1998، التي ضحّت سوريا بلواء اسكندرون فيها، يتبين أن هناك اتفاقاً جديداً وأضنة جديدة، ولا نستبعد أن يتم التوقيع على أن تبقى المناطق السورية المحتلة تابعة لتركيا، لكن نقول على الجميع أن يعلم أن هذه القضية هي استراتيجية بالنسبة لنا، وقضية يستحيل التخلي عنها.

الدولة التركية دولة محتلة، ارتكبت الكثير من الجرائم بحقنا وبحق الشعب السوري، ويجب أن تحاسب في المحاكم الدولية على جرائم الحرب التي ارتكبتها، يجب أخذ جزائها من الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها هي والمجموعات المرتزقة، لذلك هذه القضية هي قضية كل السوريين، وعلى كل السوريين أن يكونوا أصحاب مواقف ورؤى، أيدينا ممدودة للجميع وأبوابنا مفتوحة لكل السوريين في الداخل والخارج للوقوف بحزم ضد السياسات التركية وجرائم تركيا في المناطق المحتلة، ولنستطيع معاً بناء سوريا ديمقراطية.

نستطيع تطوير سياسة مشتركة ونسد الطريق أمام الكمائن والمصائد التي يحاولون إيقاع سوريا بها، الوقت قد حان ليتحد السوريون بموقف واحد ضد المخططات القذرة التي يتم تطويرها ضدهم.

* دمشق لم تتفوه بكلمة بالرغم من أن دولة الاحتلال التركي تقتل جنودها، ما سبب هذا الصمت برأيكم وما الدور الروسي في ذلك؟

لم يطور النظام في دمشق موقفه ضد الانتهاكات والاحتلال التركي للأراضي السورية لم يكن هناك سياسة ومساعي جدية للعمل ضد الاحتلال على الأرض لا عسكرياً ولا في إطار حق الدفاع المشروع ولا في إطار الجانب السياسي والحقوقي، رغم تعرض جنوده للقتل عشرات المرات.

لقد قمنا باتخاذ بعض الخطوات لنستطيع العمل معاً ضد الاحتلال والهجمات الخارجية للاحتلال التركي بنية وطنية ومن أجل حماية كامل التراب السوري، عزماً منا على أن يكون هناك موقف من مختلف الأطراف السورية ضد الاحتلال التركي، لكن كيف سيتطور موقفها ضد الاحتلال لا زلنا نتابع خطواتهم، ولا نستطيع الآن اتخاذ قرار نهائي حول موقفها، لكننا نأمل من حكومة دمشق ألا تغض النظر عن الهجمات والانتهاكات التركية.

على حكومة دمشق ألا تنجر لمخططات واتفاقات لحماية مصالح بعض الدول مثل مجموعة أستانا، بدلاً من ذلك عليها أن تبدأ علاقاتها مع جميع الأطراف السورية للرد على هجمات الاحتلال بقوة وحماية سوريا أرضاً وشعباً.

* 33 حزباً وقوة سياسية في شمال وشرق سوريا طالبت في 22 آب الجاري، حكومة دمشق بعدم إعادة العلاقات مع أنقرة على حساب الشعب السوري، إذا لم تصغ دمشق إلى مطالبها إلى أين ستتجه الأمور بينكم وبين دمشق؟

مناطق الإدارة الذاتية وحركاتها وقواها السياسية أوضحت موقفها هذه خطوة مهمة، يتبين أن أهالي المنطقة وأحزابها يرفضون السياسة التركية، لذلك سيتطور نضال سياسي ونرى أحقية مناشدة الأحزاب السياسية.

على الأحزاب السياسية والمؤسسات المدنية والمكونات بمختلف ثقافاتها أن تناضل ضد السياسات التي تتطور على حسابها وتصبح ضحية هذه السياسات، سيكون هناك نضال موسع في المستقبل في الداخل سوريا وخارجها، وبين جميع المكونات من الكرد والعرب والسريان والعلويين والدروز، مجلس سوريا الديمقراطية أيضاً له مخطط وستتوسع أعماله أكثر في المستقبل.

هذا المشروع الذي يتطور ومجلس سوريا الديمقراطية جزءاً منه سيكون رد مهم ضد السياسات التي تجعل السوريين ضحية لهم، هذا المشروع أبوابه وذراعه مفتوحة لكل السوريين، من يشعر بأنه أصبح ضحية لهذه السياسات القذرة يستطيع التوجه نحو هذا المشروع الذي هو جبهة وطنية ويستطيع النضال ضمنه وتطويره لسد الطريق أمام هذه السياسات والمخططات القذرة.

* يجري الحديث عن “أضنة المعدلة” وهناك مؤشرات ميدانية على أن الاتفاق ولو جزئياً دخل حيز التطبيق، كيف سيرتد هذا على شمال وشرق سوريا وسوريا بشكل عام؟

اتفاقية أضنة التي تمت في 1998 بين أنقرة ودمشق وبرعاية مصر وإيران، في ذلك الوقت كانت ضد وجود ونضال الشعب الكردي، هذه الاتفاقية لم يتم قبولها، وعمقت المشاكل مع دمشق، واعتبرها شعبنا بمثابة هجوم عليه من قبل حكومة دمشق.

هذه الاتفاقية لم تقع في خدمة الشعب السوري وشعوب المنطقة، عكس ذلك كان لها نتائج كارثية، نريد السؤال هنا..، ما الفوائد التي عادت بهذه الاتفاقية على سوريا وحكومة دمشق؟، غير أنها قامت بتسليم بعض الأشخاص للدولة التركية وأظهرت وجهها الأسود القبيح.

اليوم يريدون إحياء هذه الاتفاقية بنسخة جديدة وإجراء بعض التغييرات عليها، تطوير هذه الاتفاقية يتم بمساعدة ودعم من روسيا وإيران وإعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة سيكون ضمن إطار موسع أكثر، في البداية قلنا إنها ضد الشعب الكردي، لكن هذه المرة سيكون على حساب جميع السوريين.

 تركيا تريد النيل من الكرد والإدارة الذاتية، ودمشق تريد النيل من المجموعات التي تعرف باسم المعارضة والمدعومين لدى تركيا، في هذه الاتفاقية سيقايضون على الطرفين، وهذه سياسة عدائية ستعمق الأزمة السورية لن يكون هناك أي حل وهكذا لن تحل أي مشكلة.

عودة النظامين إلى هذه الاتفاقية هي نتيجة تخبطهما وفشل سياساتهما في إيجاد الحلول، هذه السياسات التي يطورانها هي إعاقة للحلول، على النظام ألا يفكر لوهلة أنه يستطيع بهذه السياسات إنهاء نضال شعبنا، ويظهر نفسه على أنه منتصر في النهاية والعودة إلى ما قبل 2011 وإدارة السلطة كما في السابق.

من المستحيل أن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه في السابق، إذا ما كانت دمشق تفكر في ذلك، فهذه أوهام وأحلام، لن تعود سوريا كالسابق، سوريا تغيرت بمجتمعها واقتصادها وعسكرها ونظامها، على النظام التفكير بالقوى الموجودة في سوريا، ما المناطق السورية التي احتلت، كيف يمكن لسوريا أن تتخلص من الاحتلال والقوى الموجودة فيها، لذلك إن لم يكن هناك اتفاق سوري بين السوريين أنفسهم من المستحيل أن يكون هناك حل آخر.

سوريا تئن تحت وطأة الاحتلال والأزمات والأوضاع المعيشية الصعبة للسكان التي لم تعد تحتمل، والحصار المفروض اقتصادياً، كيف سيكون هناك حل إن لم تتم معالجة هذه الأمور، الحل مرتبط بتوافق سياسي بين جميع السوريين على أن يتم حماية حقوق الجميع.

على دمشق أن تفكر أن البلاد تحتضن الكثير من القوميات والثقافات، فهي بحاجة إلى دستور جديد لإدارة البلاد من جديد بوضع نظام جديد على أن يكون الجميع شريك فيه، من المستحيل استمرارية إدارة البلاد بهذا الشكل.

أثبتت 11 عاماً من عمر الأزمة أنه ليس هناك طرف منتصر، الدول التي لها أجندات ومصالح هي التي انتصرت داخل سوريا، داعش والمجموعات المرتزقة انتصروا، لذلك يتعين على دمشق مراجعة سياساتها وعقليتها ووضع سياسة جديدة بمرحلة جديدة وخلق الحلول.

* أمام كل هذا التصعيد لا يزال التحالف الدولي وبالأخص الولايات المتحدة تكتفي ببعض البيانات المنددة دون ذكر اسم دولة الاحتلال التركي، ألا يزعج التقارب والتحالف التركي مع دمشق وطهران وموسكو الخصوم التقليديين للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، إذا كان هذا يزعج ويربك الحسابات الأميركية لماذا لا تتصرف أميركا؟

موقف التحالف الدولي بقيادة أميركا وعلى الرغم من أنها ضد أي هجمات عسكرية تركية ضد مناطقنا إلا أنها غير كافية، إذا قرر التحالف وروسيا الوقوف بحزم ضد الهجمات التركية فهي لن تستطيع تطوير أي هجوم وهذا واضح، إذاً اليوم المجال مفتوح لها، وهذا يعني أن هناك غض للنظر من أجل ذلك تقوم تركيا باستغلال تلك الثغرات والاستفادة منها.

يتبيّن أن الاتفاقات التي تتطور بين روسيا وإيران وتركيا وسوريا، لا تشكل ارتياحاً لدول التحالف، في الكثير من المرات صرحت عن مواقفها، هي لا ترى مثل هذه الاتفاقات جيدة لها وخاصة أن تركيا شريك لها في الناتو.

إذا غردت تركيا خارج السرب واتفقت مع هذه الدول ستكون هناك تغييرات في الميدان وسيكون لها تأثير على علاقات الجميع في سوريا والعراق، هذه العلاقات والتوازنات والتوافقات السياسية الجديدة في المنطقة ستدخل سوريا مرحلة جديدة، هذه المرحلة ستسد الطريق أمام الحلول وستعمقها، وهو ما سيجعل الوضع أكثر كارثية في سوريا.

من الممكن أن نشاهد في المستقبل تصعيداً للحروب، في حال تطورت المواقف الحادة بين إيران وأميركا، بين إسرائيل وإيران، وروسيا وأميركا داخل سوريا.

الجميع موجود على الساحة السورية وأي مشكلة تظهر من شأنها أن تتطور، ستشكل مخاطر كبيرة على سوريا، كون سيقومون بتصفية حساباتهم على الأراضي السورية، نحن لسنا مع أي من هذه الأمور إن تطورت ولن نقبل بها، لا نريد لبلادنا أن تتحول إلى ميدان لتناقضاتهم.

لذلك موقفنا واضح لاستدامة الاستقرار والحل ونناضل ونعمل وفق ذلك، هذه الدول الموجودة أن لم تعمل من أجل الحلول فحينها لا حاجة لوجودها في سوريا، لذلك على السوريين رؤية هذه المرحلة الخطرة.

منطقتنا في أوج قوتها، وصاحبة مكتسبات، ولديها الكثير من الأوراق المهمة والقوية، تستطيع أداء دور مهم من أجل حل سياسي، ومستعدة كي تؤدي هذا الدور بنيّة حل ديمقراطي من أجل كامل سوريا.

نحن نؤمن أن هذه مرحلة نضالية سنخوضها على جميع المستويات، ونؤمن أن هذا النضال سيضمن انتصاراً عظيماً لكامل سوريا، نحن نعمل لكي نكون أملاً لكل السوريين بعد كل هذه السنوات من الآلام والصعوبات التي واجهوها.

اليوم، ليس هناك بديل عن الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية، لا النظام الحالي يستطيع تقديم الحلول، ولا المجموعات التي تسمي نفسها بالمعارضة يتبين أن ليس لديها رؤية ومشروع للحل، سياسة المصالحات والتسويات والعودة إلى ما قبل 2011 وكأن شيئاً لم يكن مستحيل، هناك وضع جديد ونحن قوة لبناء مستقبل مشرق جديد للسوريين.