نوسوسيال

القاهرة – قصة قصيرة بقلم جلاء الطيرى : (( قميص الدانتيل ))

288

 

/   جلاء الطيرى كاتبة وروائية من مصر /

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

فى اليوم الفائت عنفه مديره فى العمل لتأخره مع إنه جاء قبله ، لكن الساعى أذن وعين المدير فى العمل أخبره أنه جاء متأخرًا وأنه يترك العمل قبل ميعاده .

كل هذا لأنك لم تطلب  منه يومًا  فنجان قهوة أو كوبا من الشاى كنت تنظرُ إلى الصينية التى يتراص عليها أكواب  القهوة ،والشاى ، وسندوتشات الفول ، أو الكبدة والبرجر ، حسب تاريخ الشهر واستلام الراتب،تتلمظ وأنت تشتهى كل ما عليها ،ولكن كيف وجيوبك فارغة كمنفضة سجائرك التى يطفئ فيها زملاؤك سجائرهم، يتكاسلون من إفراغ منافضهم  فيطفئونها فى منفضتك وهم يسخروون من بخلك ،أو يتندرون عليك ،

أنت لا تدخن فلماذا تضع منفضة للسجائر على مكتبك.

فى صمت تفرغ بقايا سجائرهم فى سلة المهملات وتعيدها  سيرتها الأولى ،بعد انصرافهم ،تفرغ السلة من أعقاب السجائر تدسها فى كيس صغير، تمنى نفسك بليلة جميلة،صوت أم كلثوم القادم من حجرة مجاورة لحجرتك فوق السطح ،تسكنها امرأة باذخة الجمال ، تلقى فتنتها مساء كل خميس ، على شباب يأتون خلسة ، فى منتصف الليل تُعلى جارتك صوت المذياع أو التلفزيون لا تعلم من  أين يجئ صوت أم كلثوم ، الذى فشل فى اخفاء همسات مكتومة ، سربها إليك الجدار الهش الذى يفصل بين حجرتكما.

مع الهمسات المكتومة ، والنافذة المشرعة التى تطلُ على حبل باتساع السماء ، عليه قميص نوم بلاأكمام ،وظهره عار الا من دنتيلا خفيفة تفضحُ ولا تسترُ عن مكنونات جسد بض له لون الشمس، تنفث أعقاب سجائر زملاء العمل تستمع إلى صوت أم كلثوم وشبق مكتوم ،لم يطب له الهمس فعلى بالصراخ، تتناول حبة من سم الغلال اخذته من أبيك الذى يسكن قرية بعيدة ، وفى رقبته سبع بنات ،زوج منهن اثنتين وبقى الخمسة تتهافت عليهن الخطاب ولكن لا مال يسترُ العرض، ومرتبك يذهب بالكامل الا من إيجار الغرفة وطعام فقط يصلب الطول ويبقيك على قيد الحياة، ترسل اليه النقود ولكنه يشتكى دائما من عقوقك، وعدم مساعدتك له فى تزويج البنات ألست الأكبر ،والذكر الذى جاء أولا وتلته سبع من البنات،قد بلغت اليوم الأربعين ، بلا سكن ،بلا حبيبة ،بلا مغامرة تثبت فيها ذكورتك،تبتلع الحبة، سيوف تتعارك فى أمعائك ، وهن صوتك حتى عن الصراخ، تذهب فى غيبوبتك بينما الروح تتلصص على الساعى الذى ضن عليك بفنجان القهوة وراح  يحرض رب العمل عليك لم تعلم أن له سبع بنات يتوق لتجهيزهن ايضا، وأن زوجته تطالبه كل صباح بنقود ،يعحز عن الأتيان بها، وأن مايعطيه له المدير من بقايا ملابسه وملابس بناته ، يسد بندا فى المصروفات التى يعجز عنها، وان زميل العمل الذى يتندر على بخلك،يحسدك على جسدك الفارع وقوتك بعد أن رأك تحملُ أطنانا من الورق من مخلفات المخزن،وهو الذى تعايره زوجته كل مساء بعحزه.

الحائط سرب لك صوت جارتك الفاتنة لم تكن سوى نهنهات ، تبكى حظها ،وجسدها الذى استبيح من العوز والقهر، وأن ظهر القميص الدنتيلا المعلق على مشجب الغسيل لم يكن سوى خروقات متهلهلة، فى غيبوبتك سمعت دعاء الجارة واضحا ونقيا ، يارب اجعله من نصيبى ، سأكون عونا له يارب.. .

لم يستطع سماع مناجتها لأنه خرج من غيبوبته ووجد نفسه معلقا على مشجب الغسيل يؤرجه الهواء مع قميص من الدانتيل.