المثقفون العرب: ما يجري نوع من التغيير العالمي وفق تصورات الأخ الأكبر.
نشأت المصري: على العرب أن ينتبهوا إلى العلم والحرية
اشتعال الحرب العسكرية في أوكرانيا أوقدت أوروبا نيران حرب ثقافية على الفن والفنانين الروس وأغلقت أبوابها أمام أسماء وفرق روسية لامعة، فيما انتشرت في الخطاب الروسي مصطلحات وتفاصيل قديمة تعيد التذكير بأحداث تاريخية سابقة، ما يعني أن الأزمة أبعد من مجرد صراع عسكري بين بلدين، بل هي مواجهة ثقافية في عمقها تحمل بين طياتها جراح الماضي والنزعات القومية التي لم تنجح الحداثة الأوروبية في إلغائها بالكامل.
يصعب تحديد رؤية أو قراءة متكاملة لموقف المثقفين العرب الخاص بالحرب الروسية – الأوكرانية، فهي تتراوح ما بين التأييد لروسيا نكاية في الغرب والولايات المتحدة ومواقفهما من القضايا العربية واستنزافهما لمقدرات الشعوب هنا وهناك، وبين التأييد للغرب والولايات المتحدة نكاية في التاريخ الدكتاتوري الاستبدادي للروس الذين لم يتخذوا يوما موقفا داعما لحقوق الإنسان لا عربيا ولا عالميا.
“العرب” طرحت على مجموعة من المثقفين العرب تساؤلات حول الحرب، تتلخص في: ما رأيك في الحرب الدائرة في أوروبا، وخلفياتها ومجرياتها لحد الآن؟ هل تظن أن لهذه الحرب أن تغير من النظام العالمي المعروف لحد الآن؟ هل ستساهم هذه الحرب في تغيير رؤية الأوروبيين اتجاه العالم؟
مفارقة زمنية وبلاغية
عبدالهادي سعدون: ما يحصل مع كل حرب جديدة هو إحياء لعنف وإجرام البشر
يؤكد الروائي والمترجم العراقي عبدالهادي سعدون أن كل الحروب مأساة تقع على الشعوب قبل الساسة، والموت سيكون مصير الآلاف من الأبرياء، كما جرت في بلداننا قبل سنين وما تزال مستمرة، ما يجري في أوكرانيا لن ينتهي سوى بانكسار شعوب ودم بلدان وخراب كبير. لا وجود لحرب بريئة إطلاقا، كل الحروب سيئة ومسيسة ولأهداف خفية أو معلنة، وما يجري في أوروبا قد لا نعرف أسبابه الحقيقية اليوم حتما سنعرفها بعد أكثر من خمسين عاما، لكنها لا تبتعد عن حيز الصراعات الغربية ـ الغربية للهيمنة ووضع اليد وفرض الإرادة بالقوة والجبروت بعد أن تلاشت أو تكاد سلطة أوروبا الموحدة.
ويضيف “ما يجري نوع من التغيير العالمي وفق تصورات (الأخ الأكبر). هناك امتيازات ومنافع كبيرة في ظل وضع اقتصادي عالمي أوروبي – غربي على وجه الخصوص. كل حرب وصراع وخلاف جديد، لا بد لنا من البحث عن آثاره وأغراضه الاقتصادية أولا والتغييرات الجغرافية الآنية من جهة أخرى. هناك صراع خفي بين قوى غير متجانسة، وكل واحد يرغب بفرض قانونه على الآخر. أوروبا بدأت بفقد السيطرة منذ فترة بعيدة، وما تبقى هو نوع من الإنعاش الاصطناعي لأسطورة أوروبا الموحدة. الشعوب المسكينة البريئة هي وقود الساسة، وما يحصل مع كل حرب جديدة هو إحياء لعنف وإجرام البشر لبني جنسهم لأسباب ومواقف أقل ما يقال عنها سوداوية ومرعبة”.
ويقول أستاذ علوم المسرح نبيل بهجت “الحرب تأتي مما أعتقده كمسلم وهو أن الله لا يحب المعتدين، تحاول تلك الحرب إدارة عجلة الزمان للوراء وهو أمر مستحيل، كما تتحرك الحرب من عقلية قديمة ومنطق المغالطات لتؤسس شرعيتها في الوقت الذي ستعصف بمشعلها الذي وقع في فخ نصبه لنفسه، وستخرجه من المعادلة فهو لم يتعلم من دروسه السابقة بالنسبة إلى أوروبا، يبدو التخبط والحذر في إدارة الأزمة ومنبع هذه الصدمة الخطاب السياسي والثقافي الأوروبي بفوقيته ووهم تجاوز الصراعات والنزاعات الإثنية والقومية، وتأتي هذا الحرب لتضع الواقع الأوروبي في أزمة أخلاقية بخطابه العنصري في قضية اللاجئين وأزمة وعي، إذ لا يختلف الواقع الأوروبي عن أي منطقة صراع في العالم، كما توهم أنه تجاوز هذه المرحلة وأزمة أمنية كبرى ستترتب عليها تغيرات كبرى في موازين القوى الأوروبي”.
نبيل بهجت: منبع الصدمة الخطاب السياسي والثقافي الأوروبي بفوقيته
ويشير الشاعر أسامة البنا إلى أن الولايات المتحدة كان لا بد أن تزج بروسيا في حرب، فهي تدرك دور فلاديمير بوتين المقاتل الشرس وضابط المخابرات السابق، الذي يبحث لبلاده عن بعث جديد على المستويين الداخلي والخارجي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. يقوم بدور لم يستطع غيره القيام به خلال ثلاثين عاما من السقوط وتراجع التواجد والدور الدولي. فكان لزاما على الولايات المتحدة بكافة مؤسساتها السيادية أن تزرع جارا مواليا بظروف ومعطيات اقتصادية وسياسية واضحة، وتقريبا أوكرانيا وبولندا الجارتان الأكثر فقرا في أوروبا كلها. لم تجد الولايات المتحدة صيدا سهلا مثل الممثل الطموح فولوديمير زيلينسكي (مواليد 1978) الذي يعشق التواجد والظهور لتجعله رجلها في أوكرانيا.
ويقول “الأهم برأيي ما شهدته هذه الحرب من تضليل إعلامي يشارك فيه الجميع على الرغم من المساحات والإمكانات الإعلامية التي لم تكن متاحة في حروب سابقة، وكذلك كشفها عنصرية الجميع وكذبة المؤسسات الحقوقية المزعومة وأدوارها المظهرية المفتعلة التي يديرها الكبار في أوقات محددة. إن هذه الحرب أكدت على فكرة الاستقطاب السياسي ومسايرة القوى السياسية الاقتصادية الآنية، كما أكدت على أن الشعوب الأكثر فقرا شعوب بلا إرادة حقيقية مهما كان عددها”.
وليد الخشاب: حرب بأسلحة القرن الحادي والعشرين وبلاغة عتيقة
ويشير الشاعر وليد الخشاب أستاذ الدراسات العربية/ جامعة يورك، كندا، إلى أنه من المثير في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا أنها محكومة بمفارقة زمنية وبلاغية. فهي حرب تدور بأسلحة القرن الحادي والعشرين فائقة التدمير، التي تمحو البشرية والحياة محوا. لكن البلاغة المستخدمة بين أطرافها عتيقة، تعود إلى مفردات الحرب العالمية الثانية، أي إلى ما يزيد عن ثمانين عاما.
ويضيف “الولايات المتحدة والحكومة الأوكرانية تلصقان بروسيا تصرفات كانت تنسب لألمانيا النازية، من وحشية وتعمد لاستهداف المدنيين ومحاولة إجراء تطهير عرقي. بل وإن الوطنيين الأوكرانيين المتطرفين يدعون لإجراء محاكمة للرئيس الروسي وكبار قادته في نورمبرغ بألمانيا، على غرار محاكمات نورمبرغ الشهيرة التي مثل أمامها القادة النازيون بعد هزيمتهم. والدعاية الأميركية تستخدم نفس تيمات وصفها للزعيم النازي هتلر في حديثها عن الرئيس الروسي بوتين، فتصفه بأنه منفصل عن الواقع وأنه يجهل سوء موقفه العسكري. بينما آلة الدعاية الروسية تركز في خطابها على أن روسيا تخوض حربا ضد النازيين الأوكرانيين، وكأنها تعيد معركة الاتحاد السوفييتي ضد ألمانيا النازية أثناء الحرب العالمية الثانية”.
شادي كسحو: الحرب كشفت المعايير اللاأخلاقية في التعامل مع اللاجئين
ويقر الخشاب “هذه الحرب تعيدنا الآن لنسق تحالفات الحرب الباردة مع اختلاف في بعض التفاصيل: كتلة غربية تتزعمها الولايات المتحدة وأوروبا، ضد كتلة شرقية آسيوية تتزعمها روسيا والصين، مع اختفاء الخلاف”.
ويلفت المفكر السوري شادي كسحو إلى أن الغريب في هذه الحرب الروسية – الأوكرانية هو تلك المعايير المزدوجة تجاه اللاجئين التي ظهرت على هامشها. لنتذكر سويا، أنه فقط قبل عدة شهور كان البولنديون والبلاروس يتفننون في طرد اللاجئين السوريين والعراقيين والأفغان من حدودهم لدرجة أن الكثيرين منهم قضوا في العراء من شدة البرد والصقيع.
ويضيف “ما يجب أن يقلقنا في هذه الحرب، ليس الحرب في حد ذاتها، بل تلك المعايير، لن أقول المزدوجة، بل سأقول: تلك المعايير اللاأخلاقية في التعامل مع اللاجئين. كان بإمكان أوروبا، بوصفها ما تزال تمثل أهم مغامرة ديمقراطية للعقل البشري أن تقدم أنموذجا مختلفا في تعاطيها مع اللاجئين الهاربين من جحيم الحرب الدائرة في أوكرانيا. أليس على أوروبا أن تناضل من أجل كرامة الإنسان في كل مكان؟ أليس من المخيف أن تذهب كبريات وسائل الإعلام الغربية للمقارنة بين لاجئ أوكراني أشقر يشبهنا، وآخر أسمر قادم من ثقافة وبيئة مختلفين؟”.
وليد دماج: ردود الفعل الأوروبية والغربية فاقت كل التوقعات
ويؤكد الروائي اليمني وليد دماج أن الحرب الدائرة في أوروبا حرب كسر عظم، داخل النظام الرأسمالي والإمبريالي الجديد. إنها حرب إعادة تموضع لروسيا وفرض نفسها كإمبراطورية عظمى، مدفوعة بالنزعة القومية التي تولدت من التعامل العصبي للولايات المتحدة والغرب تجاهها عقب انهيار الاتحاد السوفييتي.
ويضيف “بالنسبة إليّ أرى أن روسيا استدرجت لغزو أوكرانيا التي اندفعت لحضن الغرب مدفوعة هي الأخرى بنزعات قومية متشددة معادية لروسيا. ومهما كانت المبررات فما تم هو غزو وتدمير غير مقبول لبلد مستقل وأدت إلى ارتماء أوروبا مرة أخرى في أحضان الولايات المتحدة بعد شعورها بالتهديد المباشر، ولكن ردود الفعل الأوروبية والغربية فاقت كل التوقعات، وظهرت في كثير منها نزعات عنصرية رعناء شملت كل القطاعات في روسيا حتى الشعبية والمدنية التي لا علاقة لها مباشرة في الحرب، وكشفت عن تناقض مريع في تعامل الغرب المتحضر الديمقراطي مع ملف حقوق الإنسان. إننا أمام حرب ستغير نظرة العالم نحو أوروبا والغرب لا العكس، وستغير حتما وجه العالم، وستكون لها تداعيات طويلة المدى على الكثير من القطاعات”.
استدعاءات الحرب
نذير جعفر: من البديهي أن تغير هذه الحرب الكثير من الثوابت
يرى الكاتب السوري نذير جعفر أن الحرب العسكرية/ الجيوسياسية الدائرة اليوم في أوروبا بين روسيا وأوكرانيا هي في جوهرها حرب أميركية – روسية، فالولايات المتحدة لم تتوقف في سياق الحرب الباردة بين الدولتين عن الاستمرار في تفكيك روسيا، وإضعافها وعزلها عبر دعم النزعات الانفصالية وإلحاق جورجيا وأوكرانيا بسياساتها من جهة، وزعزعة أي تقارب بين روسيا وأوروبا من شأنه تعزيز استقرار روسيا ودورها من جهة ثانية. ولا شك أن هذه الحرب أبرزت روسيا قوة عسكرية واقتصادية قطبية موازية للولايات المتحدة التي استفردت بالعالم كله بوصفها القطب الأوحد الذي يتحكم به وبدوله.
ويضيف “إن تحقيق هدف روسيا من الحرب بمنع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف الناتو والاعتراف بالسيادة الروسية على إقليم دونباس وجزيرة القرم، يعدُّ انتصارا روسيا وتبشيرا بانحسار الهيمنة الإمبراطورية الأميركية، لا بل وبداية تفككها وانكفائها لاسيما في مواجهة التحالف الروسي/الصيني (الروبل والين) والصعود الأخطر عسكريا واقتصاديا لهاتين القوتين الدوليتين في مواجهة الولايات المتحدة وأوروبا”.
ويتابع “من البديهي أن تغيّر هذه الحرب الكثير من الثوابت التي حاولت الولايات المتحدة وأوروبا وحتى إسرائيل اللاعب الخفي، الإبقاء عليها تعزيزا لتحالفها في مواجهة مجمل القضايا الجيوسياسية العالقة على مستوى العالم”.
خالد عزب: الروس يعانون من أزمة هوية متعلقة بأمركة الشباب
ويرى المؤرخ خالد عزب أن روسيا في هذه الحرب استدعت روسيا القيصرية وليس الاتحاد السوفييتي، باعتبار القرم جزءا منها، وباعتبار أن أوكرانيا جزءا أصيلا منها. ويتوقف عن أربعة استدعاءات كشفتها الحرب: أولا استدعاء هتلر: استدعاه كل طرف بطريقته فالروس حينما أطلقوا النازية على حكام أوكرانيا، أرادوا إرعاب الأوروبيين بذكريات الحرب العالمية الثانية وفظائعها، في حين أن الأوروبيين يشبهون بوتين بهتلر بصور مختلفة، فكما دمر هتلر ألمانيا يدمر بوتين روسيا، ويدمر اقتصادها، ويغامر بالجيش الروسي، هذا في الوقت الذي تتصاعد فيه فوبيا بوتين.
ثانيا استدعاء روح روسيا القومية فما لا يعلنه الروس أنهم يعانون من أزمة هوية متعلقة بأمركة الشباب الروسي بصورة متصاعده منذ التسعينات مرتبطة بالنزعة الاستهلاكية للثقافة الغربية خاصة الأميركية عنوانها (ماكدونالد/ كوكاكولا)، هذه الأجيال التي ولدت منذ الثمانينات إلى الآن لا تعرف روسيا القيصرية ولا مجد الاتحاد السوفييتي.
عزت عمر: بإمكان دول العالم تفعيل المشترك الإنساني وثقافاته
ثالثا استدعاء الدين: إذ تصاعد دور الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا ودورها مع أتباعها في شرق أوروبا، والتي لديها خلافات عقيدية مع الكنيستين البروتستانية والكاثوليكية في أوروبا، لكن على الضفة الأوروبية جرى تسريب صورة للسيدة العذراء في ألوان علم أوكرانيا تحمل سلاحا للدفاع عن أوكرانيا.
رابعا استدعاء حرب العراق: فقد مثلت حرب العراق في 2003 ثغرة في حرب المعلومات ضد الولايات المتحدة والغرب، حيث كانت إثارة روسيا قضية معامل الجراثيم ومختبرات الحرب البيولوجية معها حملة ضد كذب الولايات المتحدة في أسباب غزو العراق بسبب أسلحة الدمار الشامل، فضلا عن مبررات تدمير العراق الذي يبعد الآلاف من الكيلومترات عن الولايات المتحدة، في حين أن أوكرانيا على الحدود الروسية وتمثل تهديدا لها في حالة وجود أسلحة بيولوجية أو نووية بها.
وأخيرا فإن الحقيقة في حرب روسيا في أوكرانيا تكاد تكون غائبة، لكن الحقيقة أن هذه الحرب هي إعلان فشل إعادة ترسيم المصالح بين القوى الصاعدة والغرب.
منطق القوة
حواس محمود: هذه الحرب ستغير من النظام العالمي بعد وقت
يؤكد الكاتب والناقد عزت عمر أن هذه الحرب وأخواتها هي في الحقيقة نتيجة لسياسات سابقة وليست بداية، مع تمكّن الولايات المتحدة وحلفائها ومن سار في نهجها من تطوير علومها واقتصادياتها، لتتجاوز مرحلة الاستعصاء التاريخي للبورجوازية التقليدية بعد الحرب العالمية الثانية، وانهيار الأنظمة الشمولية التي عجزت عن اللحاق بعجلة التقدّم والتطوّر التكنولوجي في ظلّ ما أسماه ألفن توفلر “الموجة الثالثة” الناهضة على التكنولوجيا الذكية والبرمجيات المتطوّرة، وتفعيل دورها على مستوى العالم أفرادا وشركات ودولا نموذجها الهواتف الذكية والبطاقة البنكية وانتقال المليارات من الدولارات بغمضة عين من مكان لآخر كنتيجة طبيعية للأمان والثقة المطلقة بهذا النظام.
ومن هنا فإن هذه الحرب وسواها تعبير عن مرارة الخسارة بين ما يمكن تسميته بالدول ذات النظام الاقتصادي القديم بقيمه الثقافية والسياسية الناهضة على الاستبداد وتحكم الفرد في مصائرها، مثالها: روسيا، إيران، كوريا الشمالية ومن في فلكها، لأن سياساتها تقوم على افتراض وجود عدوّ يهددها، ولأجل صدّه لا بد من إنفاق المليارات على التسلّح ظنا منها أن السلاح هو السبيل الوحيد لإبقائها راسخة تهدد العالم كلّ حين بأسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها ولكنها في الوقت نفسه لا تستطيع أن تساهم في تقدّمه.
ويتابع “لعل النموذج الإماراتي مثال متقدّم لفاعلية نظام ما بعد الحداثة في تقدّم مجتمعها وأثره في المنطقة فباتت محط أنظار العالم. إذ تبين أن الثقافة والقيم الجديدة شجعت الثقافات الأخرى على التعايش والتفاعل لتزدهر في نظام عالمي متجدد باستمرار، وهذا يعني باختصار أنه بات بإمكان دول العالم أن تساهم في تفعيل المشترك الإنساني وثقافاته التي تتفاعل وتزدهر في مكان واحد مثل الإمارات أو أمكنة متعددة متفرّقة، وليس شرطا أن تكون في الولايات المتحدة أو حتى أوروبا.
نشأت المصري: على العرب أن ينتبهوا إلى العلم والحرية
ويقول الباحث السوري حواس محمود إن الغزو الروسي لأوكرانيا اعتمد منطق السلاح والقوة ضد شعب مسالم، وهذا الشعب يدفع ضريبة الصراع الغربي – الروسي المستتر بالعلاقات الدبلوماسية.
ويضيف “لقد احتلت روسيا جزيرة القرم عام 2014 رغم اعتراض أوكرانيا والغرب، ودخلت سوريا 2015 لدعم النظام السوري ولجأت للسلاح المدمر دون عقوبات رادعة مما شجعها على غزو أوكرانيا 2022، روسيا الآن تدفع ثمن مغامرتها غير المدروسة كما يبدو إذ تكبدت خسائر عسكرية واقتصادية كبيرة نتيجة العقوبات الهائلة التي ألحقت الضرر باقتصادياتها، والعزلة الدولية الخانقة. أعتقد أن هذه الحرب ستغير من النظام العالمي الحالي، ولكن سيطول بنا الوقت لرؤية ذلك، أوروبا ستتحول إلى قارة تبحث عن أمنها السياسي والعسكري والاقتصادي فرغم الحاجة للغاز الروسي إلا أنها ستحاول إيجاد موردين آخرين وإيجاد بدائل عن الطاقة”.
ويرى الروائي نشأت المصري أن أوروبا مهد الحروب العالمية، وسارقة ثروات العرب وأفريقيا ناهيك عن الجرائم الأخرى، وهي بعقلية المجرم تتصرف مع نفسها أحيانا ومع جيرانها كما يحدث الآن، كأنما استيقظت ذكريات الحرب العالمية الثانية وأوجاعها، وأحلام الاتحاد السوفييتي الممزق، ولولا قدرات أوروبا النووية لاقتحمتها روسيا، ولو أن أوكرانيا لم تتخل عن امتلاكها للسلاح النووي لما قربت منها روسيا ولما أقدمت على هذا الغزو الوحشي، ولما صارت أوكرانيا تحارب بالنيابة عن أوروبا وتحترق وحدها، وها هو السند الأميركي يدعم أوكرانيا بمقدار وفقا لحسابات الأميركي وأوروبا الذي لا أخلاق له، والعراق وأفغانستان يشهدان. وأوروبا أيضا تتحرك بحسابات نفعية لا أخلاقية، وربما أفاد ذلك العالم حيث آخر الحرب العالمية الثالثة. وعلى العرب أن ينتبهوا إلى أن الحامي الحقيقي لهم هو العلم والحرية والاكتفاء الذاتي.
المصدر
عن جريدة العرب