نوسوسيال

بقلم رفعة احمد الدرويش: الحرب وانعكاسها السلبي على الجامعات

418

للجامعات وأهلها حرمة تصل إلى حد التقديس، نظراً إلى نوعية ذويها وإمكاناتهم وما يقدمون من خدمات جليلة للمجتمع والأمة، هذه الحرمة لا يجوز خرقها من أية جهة كانت ولأي سبب كان، ولم تأت هذه الحصانة أو الحرمة من كونها مؤسسة فيها أساتذة وإداريون وطلبة، وأبنية مثل أية مؤسسة أخرى،
وإنما جاءت تقديساً لهذه النخبة الخيرة من أهل العلم وإعلامه التي هي صفوة المجتمع وعنوان نهضته وتقدمه وبنائه.

إن الجامعة هي صانعة التطوير والتحديث في أي مجتمع، على اعتبار أنها مسؤولة عن قيادة عملية الارتقاء بالمؤسسات الرسمية وغير الرسمية ومنظمات المجتمع المدني. وسلاحها في ذلك العلم والمعرفة، ورجالها هم أساتذة الجامعات، ومخرجاتها الأطباء والمهندسون والمحامون وعموم المتعلمين.

ورغم أن دعاة الحروب وأهميتها رفضوا القول بالتأثيرات السلبية للحروب على المجتمع، إذ كتب ونستون تشرشل في كتابه الأزمة العالمية (إن قصة الجنس البشري هي الحرب، ومن المؤكد أنه يصعب على أي شخص اليوم تأييد الاعتقاد الحر القديم الذي يعود إلى القرن التاسع عشر بأن الحروب مقاطعة مؤسفة لتطور الحضارة الإنسانية السلمي المألوف)، ورغم أن أصحاب النظرية المحافظة في البحث عن آثار الحرب الاجتماعية هم أولئك الذين يوغلون في الإصرار على أن الأحداث العظيمة في التاريخ هي المعارك..

إذ إن الحروب تنطوي على إعادة تنظيم المجتمع، من ذلك المقولة الشهيرة لـ توريلي بارنيت الحرب هي مدقق المؤسسات العظيم، وأيضاً المقولة الشهيرة لمادسون ويلز (لقد كانت في إيطاليا في أثناء حكم آل بورجيا حروب واغتيال وسفك دماء طوال الثلاثين عاماً، إلا أنهم أنتجوا مايكل أنجيلو وليونارد دافنشي وعصر النهضة.

وفي سويسرا ساد الحب الأخوي وخمسمائة عام من الديمقراطية والسلام ولكن ماذا أنتجوا.. ساعة الوقواق). رغم هذه الدعوات، إلا أن الأمر في سورية  أدى إلى نتيجة مهمة بين الحروب والجامعات، وهي أن الجامعات تأثرت سلبياً وبشكل مهول نتيجة للحروب التي مرت بها سورية  منذ عشرة أعوام  وحتى الآن، ولا سيما بعد عام 2011.

يقسم علماء النفس التأثيرات التي يمكن أن تتركها الحروب في الأفراد ومن ضمنهم العاملون في الجامعات إلى الآتي:

أـ التأثير الجسدي، إذ إن الحروب تؤثر في عدد كبير من الأفراد بفقدهم أجزاء من جسدهم أو كل الجسد بسبب تعرضهم للانفجارات ووسائل التعذيب وأيضاً عدم القدرة على التكيف مع الأحداث، الأمر الذي يؤدي إلى ازدياد الإصابة بأمراض معينة.

ب ـ التأثيرالنفسي، إذ تترك الحروب آثاراً نفسية كبيرة على المجتمع منها التفكير بالموت، الأمر الذي يترك آثاراً سلبية عديدة على شخصية الإنسان فتنتابه حالات من الخوف والأرق.

ج ـ التأثير الاجتماعي، عندما يتأثر الفرد جسدياً ونفسياً، فإن ذلك يؤدي إلى التأثير في الجوانب الاجتماعية، وهنا يحدث للفرد ما يطلق عليه بالشلل الاجتماعي وعندها تتأثر القيم والعادات التي يؤمن بها الفرد والمجتمع.

هذا الرأي لتأثير الحروب في المجتمع ينطلق من الواقع المعاش، ولنا في سورية تجربة تؤكد هذه الحقيقة، وقد تدرج تأثير الحروب في الجامعات السورية بحسب مخرجات تلك الحروب. ففي هذه الأحداث انحصر التأثير في الجامعات بالتأثير الاقتصادي، (والنفسي إلى حد ما)،

إذ وجهت الحكومة السورية آنذاك الأموال نحو شراء الأسلحة وتطوير الصناعات العسكرية، وإن كانت تقول إن ذلك لم يضر بالدعم المقدم للجامعات، إلا أن حقيقة الأمر أن الجامعات فقدت جزءاً كبيراً من الميزانية التي كان يجب أن تقدم لها، أضف إلى ذلك تأخر الناتج العلمي المحلي عن الناتج العلمي العالمي، إذ انحدرت إلى مستوى كبير نسبة البعثات العلمية المرسلة إلى الخارج بسبب ظروف الحرب وخروج بعض الجامعات الخاصة والحكومية عن الخدمة وخير شاهد ماحدث في مدينة الرقة ومؤخرا المعاهد والكليات في الحسكة.

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, الكاتبة في سطور ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

رفعة احمد الدرويش من الرقة، عضو اتحاد مثقفي الرقة، لها نشاطات أدبية، وهي احد طلبة جامعة الشرق تكمل تعليمها في كلية التربية