خلال عشرية ونيف من الزمن، ظنّ رفاق رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، أنهم أحكموا قبضتهم على تونس.لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي سفن الإخوان، حين هبّت عاصفة من القرارات التي أصدرها الرئيس التونسي قيس سعيد، في الخامس والعشرين من يوليو/تموز الماضي، وما تلاها من صفعات كان آخرها بالأمس، بإحالة الغنوشي على القضاء، وكل ذلك على وقع غضب شعبي لفظ التنظيم الإرهابي،قرارات بدأت بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي المدعوم من النهضة، ومرّت بتوقيفات طالت قيادات إخوانية من الصف الأول، وصولا إلى إعلان المحكمة الابتدائية، أمس الأربعاء، إحالة الغنوشي ومسؤولين آخرين على التحقيق في ارتكاب “جرائم انتخابية”.

فهل تشكل هذه القرارات والصفعات، الحبر الذي سيكتب نهاية فصل إخوان تونس؟، وتشهد على السقوط النهائي للنهضة؟

سؤال يجيب عليه محمد بوعود المحلل السياسي التونسي، قائلا إن “إحالة أسماء من الوزن الكبير على القضاء وعلى رأسهم الشخص رقم واحد في البلاد وهو الغنوشي يعتبر إعلان عن صفحة جديدة من المحاسبة”.

وأضاف “التهم المتورط فيها الغنوشي تتمثل في إيجاد تمويل أجنبي في شكل هبات أو منح من جهات أجنبية وهذا مثبت عليه في تقرير محكمة المحاسبات”.

واعتبر بوعود أن الغنوشي اليوم أمام “جريمة انتخابية قد تصل إلى خطايا مالية وخطابا إشهار سياسي، قد تفضي لإسقاط قائمته الانتخابية وحل الحركة نهائيا”، استنادا للمرسوم رقم 87 من القانون المنظم للأحزاب والذي ينص على تعليق نشاط الحزب وحله بقرار من المحكمة.

شعبية مترهلة

وهكذا تنبأ عبد المجيد العدواني الناشط والمحلل السياسي، بمستقبل الغنوشي بعد إعلان الأمس، معتبرا أن التهم الموجهة له ستطيح بشعبيته المترهلة منذ سنوات.

وفي حديث مع “العين الإخبارية”، قال العدواني: “رغم أن الغنوشي لن يستمر في زعامته إلا أن إخوان تونس سيذهبون إلى مشهد سياسي جديد تحت عناوين ومضامين جديدة”.

وأمس الأربعاء، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد أنّ كلّ من ارتكب جرما يجب أن يحاسب عليه كبقية المواطنين، بغض النظر عن مركزه وعلاقاته وثروته.

وقال سعيّد: ”نحن هنا نتصدى لهؤلاء لتحقيق أهداف الثورة وتحقيق العدل للجميع بغض النظر عن المنصب أو الثروة أو العلاقات بأطراف ودول أجنبية يطلبون منها التدخل في الشأن الداخلي”.

محذرا ”سيادتنا ليست للبيع وحقوق الشعب ليست للبيع”.

تهم الإخوان

وفي تقريرها العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملات الانتخابية للانتخابات الرئاسية السابقة والتشريعية لسنة 2019، رصدت محكمة المحاسبات عددا من المخالفات تتعلّق بحركة النهضة .

وقد أكدت المحكمة في تقريرها أنّ حركة النهضة تعاقدت في 2014 مع شركة الدعاية والضغط BCW الأمريكية لمدّة 4 سنوات بمبلغ قدره 285 ألف دولار أمريكي.

وتمّ تجديد هذا العقد من 16 يوليو/تموز 2019 إلى 17 ديسمبر/كانون الأول من نفس العام، بمبلغ قدره 187 ألف دولار أمريكي، وهو ما اعتبرته المحكمة “شبهة تمويل أجنبي” بنص الفصل 163 من القانون الانتخابي.

والأشخاص المحالون للنيابة التونسية هم: رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، ورئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد، ووزير الدفاع الأسبق عبد الكريم زبيدي، وزعيم الإخوان راشد الغنوشي، والسياسية ربيعة بن عمارة، وسليم الرياحي.

كما شمل القرار، البرلماني المجمد أحمد الصافي سعيد، ورئيس حكومة تونس الأسبق حمادي الجبالي، ورئيس حزب العمال التونسي حمة الهمامي، والقيادية السابقة بحركة نداء تونس سلمى اللومي، والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية محمد الصغير النوري.

وشمل القرار أيضا الرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي، ووزير التربية الأسبق ناجي جلول، والمرشح الأسبق للانتخابات الرئاسية محمد الهاشمي الحامدي، والرئيس الأسبق لحكومة تونس إلياس الفخفاخ، ورئيس الحكومة الأسبق مهدي جمعة، والبرلمانيين منجي الرحوي ولطفي المرايحي، والمرشح الأسبق للانتخابات الرئاسية سعيد العايدي.

ووفق بيان صادر عن المحكمة، تمّ اخاذ قرار الإحالة على المجلس القضائي من أجل “التحقيق في ارتكاب جرائم مخالفة كتحجير الإشهار السياسي، والانتفاع بدعاية غير مشروعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والدعاية خلال فترة الصمت الانتخابي”.