نوسوسيال

كتب د جوار أحمد أغا: آرام د يكران.. عملاق الغناء الكردي الأصيل

395

رُغم اصوله الأرمنية إلا إنه عُرف واشتهر بأغانيه الكردية العريقة مثله كمثل سلفه العملاق كربيت خاجو, إنه الكبير آرام ديكران القامة الشامخة شموخ جبال هايستان وكردستان, الناجي من مذابح العثمانيين , يعود بجذوره الى قرية اميد في منطقة صاصون حيث كان جده مختارا لها ولكن بعد الفرمان العثماني بحق الارمن والاقليات الاخرى عام 1915 ومقتل جده التجأ والده (تيكران ساكوي ميليكيان) الى منطقة فارقين حيث اخفاه احد الآغوات الكرد وهناك تعرف على والدته التي بدورها كانت قد التجأت الى تلك المنطقة هربا من المجازر والابادة العرقية التركية بحق الارمن حيث تزوجا وهربا معاً الى قامشلو في روجافا “بن خت” (أي تحت الخط والمقصود هنا خط القطار القادم من اسطنبول الى الحجاز والذي اصبح الحدود التي تفصل ما بين شمال كردستان وروجافا) عام 1928,حيث ولد آرام فيها سنة 1934.
طفولته وبداياته الفنية
البيئة التي ولد فيها آرام كانت مناسبة لولادة فنان عظيم حيث كان والده محباً للفن والغناء وعازفاً جيداً للناي وكان يشجع ارام على العزف والغناء. كما ان والدته مثلها كمثل معظم النساء الارمنيات والكرديات لديها صوت شجي ونبرة حزينة على ما جرى بحق شعبها من ويلات ومجازر على يد الاتراك واسلافهم العثمانيين. يُذكر ان اول عود أُهدي له كان من جانب عمه عندما كان في السادسة من عمره. في سن الخامسة عشرة اصبح آرام عازفا للعود وبدء بالمشاركة بالأعراس وتعلم الغناء والتلحين. كان والده من اكثر المشجعين والداعمين له فقد كتب له الكلمات ولحنها وكانت اولى الاغاني التي غناها ارام. ألة “الجمبش” التي ستصبح رفيقة دربه حتى اخر ايام حياته, استرعت انتباهه و اتجه الى الاهتمام بها وتعلم طريقة عزفها.
أهم مر احل فنه وغنائه
برع آرام في العزف على الجمبش حيث تفنن فيها واضاف لها حاملة الورق وكانت الحانه شجية نابعة من الاحساس الصادق والعميق من القلب. غنى بالكردية واول ما غنى هي قصائد الشاعر الكبير جكرخوين(1903 – 1984) . تزوج آرام في سنة 1957 من السيدة سيلفا وله منها ثلاثة اولاد (آكوب – سيفان وآيجيمك). انتقل ارام بعدها في العام 1966 الى جمهورية ارمينا السوفيتية حيث استقر به المقام في مدينة أبوفيان التي تقع شمال شرق العاصمة يريفان. له اغنية مشهورة يتغنى فيها بجمال ارمينيا ويريفان وأبوفيان حيث يقول :” اتيت اتيت هاتم هايستان جميلة جدا أبوفيان جميلة جدا يريفان”. هناك تعرف على عمالقة الغناء والطرب الاصيل امثال كربيت خاجو و سوسكا سمو وسيدا شامدين حيث عمل معهم في القسم الكردي من راديو يريفان. غنى لكبار الشعراء الكرد امثال فقي تيران, جكرخوين, سيداي تيريج, سيداي كلش,… وغيرهم من أشهر اغنيه رائعة جكرخوين “شف جو” أي ذهب الليل حيث غناها بلحن رائع سنة 1965 ومن أغانيه المشهورة (أي ديلبري, سروك آبو, زماني كردي, بلبلُ, نورزه نورز,….الخ . صدر له 11 البوماً غنائيا بأغاني تجاوزت 120 اغنية له الى جانب غنائه لأغاني فلكلورية وتراثية كردية وارمنية وصلت الى 300 اغنية.

الانتقال الى اوروبا
سنة 1985 ترك أرمينا متوجا الى أوربا بناء على دعوات كثيرة وملحة من جانب الجاليات الكردية والارمنية هناك على حد سواء حيث شارك بفعالية كبيرة وزرع البسمة والتفاؤل في نفوس الجماهير التي كانت تحتشد في الحفلات والمهرجانات الثقافية التي أقامتها تلك الجاليات في العديد من الدول الاوروبية منها ألمانيا, بلجيكا, فرنسا, السويد, ايطاليا,… وغرها. وبعد جولات ومسيرات غنائية وفنية رائعة متميزة استمرت لعقد من الزمن, استقر به المقام اخيرا في اثينا العصمة اليونانية التي بقي فيها حتى اخر ايام حياته.
من أثينا ذهب الى باطمان في شمال كردستان حيث شارك في احياء نوروز 2008 ومن ثم في العام 2009 شارك في مهرجان آمد الثقافي الذي نظمته بلدية آمد “دياربكر” وخلال هذا المهرجان تم تكريمه وبعد انتهائه قام بزيارة القوى والبلدات التي اقام فيها اجداده في مناطق صاصون وفارقين وأمد.
توقف القلب الكبير عن الخفقان
بعد عودته من آمد تعرض قلبه الكبير لنوبة اسفرت عن توقفه عن الخفقان في الثامن من آب سنة 2009. لم تسمح السلطات التركية بدفنه في آمد بحجة أنه ليس من مواطني تركيا, وتم دفن جثمانه في بروكسل العاصمة البلجيكية بمراسيم تليق بأحد عمالقة الفن والطرب الكردي الأصيل حيث شارك في المراسيم الى جانب العائلة الكثير من الشخصيات العامة الكردية والارمنية. إن رفض السلطات التركية لدفن العظيم آرام ديكران في آمد بحسب وصيته إنما ينبع من فكر شوفيني عنصري وغير انساني حيث تسعى بذلك لقطع الطريق أمام حدوث زيارات في المستقبل للضريح بحيث يصبح مزار وملتقى للشخصيات الكردية والارمنية والسريانية واليونانية وحتى من مختلف دول العالم التي احبت فن وغناء ارام.
يقول القائد اوجلان بصدد ظاهرة ارام ديكران في برنامج تلفزيوني سنة 1995 :”
كنت في زيارة لمنزل احد رفاقي في سري كانية وسمعت في ذاك المنزل صوت غنائي , طبعا لم اكن اعرف لمن هذا الصوت, علمت فيما بعد بأن هذا الصوت هو للمعلم الكبير ارام ديكران, دخل قلبي هذا الصوت وقلت هذا الصوت يجب ان لا يموت” .