الوجود الآرامي على شواطئ الخليج واستقرارهم الاجتماعي ترك أثره السياسي أيضاً ما بين الطرفين، وليس أدل من الرسائل الحجرية باللغة الآرامية بين ملوك الأقاليم، التي كشفت عنها آثار الشارقة في مليحة هذا العام، أثبتت أن هذه اللغة كانت الأولى في المنطقة.. أنصحكم بالاطلاع عليها، لتروا كيف كان يكتنفها الاختصار والتهذيب والدعاء بمحبة.
الآرامية التي أدخلتها سوريا على شواطئ الخليج آنذاك عن طريق التجارة، تحدث بها الطرفان مع الوقت، لتشرق العلاقات التاريخية بينهما، فنهضت على الاحترام السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. وهؤلاء الآراميون أو كما نقول العموريون الساميو الأصول، سكنوا دمشق وحولها، أسسوا سلالاتهم العديدة منها سلالة بابل، وتوسعوا تجارياً في شرق البحر المتوسط الذي سمّي في ما بعد بحر آمور، أثروا ولبسوا ملابس ملونة وقصيرة وأحذية وعبدوا آلهة متعددة، ولم ينكر التاريخ أرواحهم الشجاعة، حيث ورد في كتاب التوراة بأنهم عظماء، ووصِفوا بطول القامة.
نعود للهجة رؤوس الجبال وأهلها الذين يتصفون بالشجاعة ويحفظون الأمانة دون مقابل، ولحروفهم التي لا ثاء فيها ولا عين أثناء النطق، وكمثال صغير، في كلمة أمي التي لا تنطق إطلاقاً بأماه أو أمايه أو يُمّا كبقية دول الخليج العربي، بل إميي بهمزة أسفل الألف مع المد، تماماً كأهل سورية.. و«موو» للتأكيد، كذلك الأرقام من «ويحِد، واتْنَين، وتَلُوتي، وسِتّيي، وتَمُونْيه». كما لا وجود لحرف الثاء
المستبدلة بالسين، والذال بالدال.. ورغم الحديث بالعربية، بقيت النغمة الآمورية الشامية عالقة بها.
كاتبة وروائية من دولة الامارات العربية المتحدة لها مؤلفات عديدة ومقالات متنوعة ودراسات ثقافية وتاريخية تعمل في جريدة البيان الإماراتية وأمينة مكتبة صحيفة البيان الإماراتية وعضو في جائزة العويس للابداع التابعة لندوة الثقافة والعلوم في دبي وعضو في جمعية الصحفيين في الإمارات وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات العربية المتحدة.