نوسوسيال

بقلم:الدكتور هاني الخوري/ الانتخابات الامريكية2020 مخاض عسير

849

 

مخاض كبير خاضه العالم منى خلال متابعة وفهم الانتخابات الامريكية ومتابعة اثارها ومخاطرها واليوم بعد ان فاز بايدن ولو نسبيا او رسميا وبفارق كبير عن رئيس عنيد واستثنائي وناري التصريحات ومهدد بكل انواع التبعات شخص شعبوي لم يشهد له التاريخ مثيلا رئيس لم يكن يوما بين السياسيين

 

ولم يخض خبراتهم ومواقعهم وتحدياتهم جاء من خارج المؤسسات، من عالم السطوة والمال والمقامرة والتجارة ملاك كبير ومفاوض حذق سليط اللسان غريب الاطوار محب للتملك والسلطة واتفقت معه الدولة العميقة على بر امج معينة للتغيير واسس معينة للثوابت الواجب الحفاظ عليها، حافظ على هذا الاتفاق حينا وخرقه احيانا، لقد فاجأنا ترامب بانه لم يكن سهلا، وانه استخدم اسلوبه

الخاص وذاتيته الصعبة بكل وقاحة واستطاع ان يدخل بأصعب الملفات ويغير مسارها، وان يضغط وان يحصل منافع اقتصادية عالمية لأمريكا الغول الاقتصادي والقطب الاوحد المهيمن سياسيا وماليا وعسكريا والمتراجع ببنيته الداخلية والانتاجية والاقتصادية لقد استطاع ان يتعامل مع هذا التراجع الاقتصادي بالتهديد والابتزاز والخروج من العديد من المنظمات الدولية، ومن خلال الخروج من العديد

من البلدان لتوفير المصروفات وان يحصل من الخليج مبالغ مالية مقبولة وليست شافية للاقتصاد الامريكي وان يحافظ على اموال الخليج رهينة ريثما تسنح له الفرصة باقتناص هذا المال كاملا لإطفاء الديون الامريكية التي جاوزت 23 تريليون دولار رسميا وجاوزت الستين تريليون دولار بشكل غير رسمي.
لقد اثبت هذا الرجل الشعبوي فهمه للمعادلات الاقتصادية والسياسية، وفهمه لعداء الصين واهمية

الوقوف في وجه تقدمها الاقتصادي اولا والتكنولوجي ثانيا والعسكري والسياسي نهاية فالتراجع الامريكي اكبر واسرع من كل التوقعات ورغم التغييرات الضريبية وعودة الصناعة نسبيا الى الولايات المتحدة بالحمائية وبالعودة عن اسس العولمة ومعادات منظمة التجارة العالمية والتعامل بعشرين مكيال اقتصادي للحصول على المزايا فمرة الحصار ومرة تجميد الودائع ومرة اخرى السيطرة على

 

ودائع الملوك والرؤساء والدول الغنية والودائع المرقمة والتي لا يعرف اصحابها في الخزائن الا نخبة السويسريين والخبراء النوعيين في الجهاز المالي الامريكي في صندوق النقد الدولي والبنك الفيدرالي الامريكي.في هذه السنوات الاربع الصعبة عاش العالم الصعوبات الاقتصادية والتراجع المالي والحصار الاقتصادي لكل من الصين وروسيا وايران وفنزويلا والقائمة تطول لكل من لا ينصاع

للامر الامريكي ويقدم لها الطاعة والخوة المناسبة.الناتو يهتز وامريكا ترفض الاتفاق الايراني الاوربي العالمي النووي لانها لم تاخذ حصتها المناسبة من الربح الاقتصادي ولا يناسبها ان تستعيد ايران ودائعها الامريكية لصالح تشغيل الاتباع الاوربيين.اوربا الموحدة لا تهمه وحدتها او استمرارها، فهي امم صاغرة وتابعة، والخليج يجب ان يستنفذ حتى اخر قطرة بترول وان يتغير وفق الاجندة

 

الامريكية وينفتح نحو التغيير الاجتماعي، والصين العملاق الصاعد يجب ان لا تسيطر على الاتصالات واجهزتها الخليوية الذكية وتطبيقاتها الذكية يجب ان تخرج من السوق الامريكي او تملك من الشركات الامريكية.ترامب واضح وامريكا واضحة يجب ان تبقى في القمة، ولا يحق لاحد انزالها او تغيير العالم بدون ان ترسم هي مخطط الحلفاء والاعداء والقوى الصاعدة الاي ستعمل دوما على

اسقاطها ان استطاعت، والرسالة لكل هذه الدول الصاعدة يجب ان تدفعوا وتساهموا في مصاريف الناتو وفي المنظمات الدولية، وفي تمويل اللاجئين والشعوب الفقيرة بدون المساهمة الامريكية السخية المقدمة عادة، فامريكا اخرت سقوطها الاقتصادي والمالي من خلال التحفيز المالي، وضخ اموال جاوزت ما طبعته من دولارات خلال مائتي عام وذلك خلال اشهر من هذا العام للتحفيز والحماية.

 

اما اسرائيل فالكل تنافس على ارضائها وعلى تثبيت مشاريعها الجيواستراتيجية من خلال التطبيع وتطويع الانظمة العربية لها في وجه مشروع الحزام والطريق والمشروع الاردوغاني الاخواني ومشروع الاوراسية الجديدة لروسيا وبكل الاحوال يمكن مزج المشاريع والسماح لها بنسب من النجاح مقابل الشراكة مع المشروع الصهيوني، وحماية الغاز في شرق المتوسط بشراكة دولية ترضى عنها

 

الولايات المتحدة من اجل المشروع الاسرائيلي في قيادة المنطقة وفق اجندة الدين الابراهيمي المركب الجديد.ترامب انتهى كرئيس ولكن توابع الانقسام الامريكي لم تنته وطريقة اعلان السقوط او الانهيار المالي الامريكي لم يتم تجاوزها ما زالت المشكلات تتعمق والتحديات تكبر مما جعل فترة ترامب هي فترة تحضير وفترة مسكنات وتسكيج وليس مرحلة معالجة، والتحديات والمشكلات

الحقيقية لم تتمظهر بعد.اليوم يبدا عهد بايدن الكاثوليكي المتصهين والموافق على الاجهاض والمثلية بعكس قاموس الكاثوليكية رجل يقترب من الثمانين ولديه مشكلات صحية عديدة بدا ولا يعد بالانتهاء ولربما تكمل عنه نائبته السوداء مظهرا ولكن يهودية الزوج ويهودية الابناء والموعودة والمهيأة لان تكون الرئيس الحقيقي للولايات المتحدة من اصول اسيوية ولا جامايكي

واصهرتها لهم ادوارهم في الاجندة الروكفلرية.عند اسرائيل الكل صهيوني والكل داعم وفي السياسة بايدن مخضرم وخبير واقسى من ترامب واشد لؤما ولكن بنعومة، رجل فقد زوجته بحادث سير وفقد ابنه الوحيد بمرض عضال ليكمل بزواج اخر وابنة وحيدة لهذا الزواج، عاش المسؤوليات السيناتورية لسنوات طوال فكان من اصغر 6 اعضاء كونغرس يدخل مجلس الشيوخ وخاض نيابة الرئاسة

 

لسنوات مع اوباما، في عهده القادم التحديات والمخاطر تتحقق، والخبطات الصعبة للتغيير وبناء النظام العالمي الجديد لا تبرح هذه السنوات الاربع القادمة، القادة الحقيقيين للعالم يعولون على بايدن ومجموعته وعلى نائبته بالذات لخوض الاجندة الاصعب عالميا والتي لا يكفيها ترامب برعونته وشعبويته فهو بالنهاية تاجر يتقن التفاوض والتسويات، والمرحلة القادمة مرحلة بتر وخوض حروب

وتحديات .انتخابات معقد تؤكد انه لا قيمة ل 150 مليون ناخب كابدوا الكثير من اجل التصويت المهم هو ماكينة العد والمليون ونصف مليون صوت الاخيرة التي توزع بين الولايات لتقلبها بين اليمين واليسار والاخراج كان رائعا ليشد انتباه الاعلام العالمي وانظار العالم على تحولات الولايات ولا سيما بنسلفانيا وميشيغان واريزونا وفيلادلفيا وحتى فلوريدا وتكساس لقد ظهر للعالم كيف يتم التلاعب

بالولايات المتارجحة وكيف تكون النتيجة مفتوحة على فوز اي من المرشحين وكانها حلبة مراهنات وكيف عمل التصويت الالكتروني انتقاما لماكينة التصويت في عام الفين والتي الغت فوز ال غور لصالح جورج بوش الابن وظهرت بوستات تؤكد ان برنامج التدخل بالتصويت الالكتروني ليس ادعاء من قبل ترامب الذي يعي المخاطر او اخبر بنقاط ضعفه ومقتله في الانتخابات ولكنه لم يكن يدرك كيف

 

يتغلب على هذه المنافذ، التي ربما تؤكد على ان ترامب الذي لا نحب عنجهيته وعنصريته منتصر شعبيا ولكن برمجة الانتخابات وتحديد الاسم الفائز هي قضية النخبة الحاكمة العالمية التي لديها كل الادوات لتخرج الفيلم العالمي بدقة وعناية وبما يخدم اهدافها وماربها المختلفة الجزئية والكلية.
انتخابات حبس العالم انفاسه امام معطياتها، وتبعاتها تغير مواقع سياسية عديدة في العالم وتجعل

المقربين مبعدين والعكس بالعكس، ليس فيها رابح او خاسر فيها برامج سياسية حان تنفيذها سيتذوق العالم لوعتها لانها استحقاقات واخطاء متراكمة لعشرات السنوات لاخراج عالم متعدد الاقطاب يخوض حربا عالمية كبرى يصعب التنبؤ بعقباها.ليس فيها للعرب مكاسب لانهم بالنهاية اتباع وامرهم ليس بيدهم، ومشروع قيادتهم رهن تغيير الطربوش للمشروع الذي سيقودهم بحسب

المصلحة الامريكية. المنطقة العربية اليوم مدمرة بالمجمل، ولن يحين موعد بنائها الا بعد مخاض الولايات المتحدة الامريكية في السقوط المالي وتبعاته ومخاض التحديات الاوربية بين المتطرفين واليمينيين ومخاض التحولات العالمية في جنوب شرق القارة الارواسيوية.الانتخابات الامريكية حطت رحالها نظريا ومخلفاتها ونتاجها ستذيق العالم اصعب ايامه، نتمنى ان لا يحصل اي سوء مما نتوقعه

 

ونتمنى الخير والسلام والبركة لجميع الشعوب، ولكن هذه الانتخابات على بساطاتها ستدرس تفاصيلها في صميم التاريخ العالمي واليات بناء النظام العالمي الدولي القادم.
دمشق في 9-11-2020
الدكتور هاني شحادة الخوري