عادت الانتفاضة الشعبية إلى الشوارع السورية بعد غياب طويل بسبب الحرب، في رسالة واضحة من الشعب السوري تُشدّد على وجوب حصول انتقال سياسي وعدم قبول السوريين بحكم النظام ورئيسه بشار الأسد بسبب سوء إدارة الأخير.

وفي هذا السياق، فإن موجةً من الاحتجاجات الشعبية والإضرابات جابت عدداً من المناطق السورية، منها الخاضعة لنظام الأسد، وفي طليعتها السويداء، اللاذقية وريف دمشق، وذلك بوتيرة متصاعدة.

سوء الوضع الاقتصادي يُشكّل شرارة التحرّكات، وبدا لافتاً رفع المتظاهرين لافتات تشدّد على المطالب السياسية لا الاقتصادية فقط، وتلخّصت بوجوب رحيل الأسد وتطبيق القرار الأممي 2254 الذي يتحدّث عن انتقال سياسي.

وإضافة إلى ذلك، فإن هوية المناطق تميّز الاحتجاجات الحاصلة عن غيرها المرتبطة بالثورة السورية، فهذه المناطق محسوبة على النظام السوري ولم تعارضه بشكل عنيف أو تُشارك في الحرب السورية، ومنها مناطق علوية واقعة في الشمال السوري.

بالعودة إلى السويداء، ذات الغالبية الدرزية، يُشير مسؤول تحرير موقع السويداء 24 ريّان معروف إلى أن “مناطق السويداء تشهد انتفاضة حقيقية مرتبطة بالوضع المعيشي بعد التردّي الكبير للأحوال، وشرارة الاحتجاجات كانت رفع الدعم عن البنزين وارتفاع سعره، وتم توثيق أكثر من 45 نقطة احتجاج”.

إلّا أن معروف يلفت في حديث لـ”النهار” إلى أن “السوريين يرفعون المطالب السياسية، كرحيل الأسد، وهذه المطالب لم تغب عن تظاهرات محافظة السويداء، إلّا أن هذه الاحتجاجات توسّعت رقعتها وباتت تشمل عدداً أكبر من المواطنين المُشاركين فيها”.

وعن سبب التركيز على المطالب السياسية، يقول معروف إن “دور الدولة انتهى، والأوضاع من سيّئ إلى أسوأ، فالرواتب باتت لا تكفي لـ3 أيام، والكهرباء مقطوعة بشكل شبه تام، والشارع السوري مستاء من النظام السوري وممارساته وطريقة إدارته للبلاد”.

ويكشف معروف أن “الاحتجاجات توسّعت لتشمل جرمانا في ريف دمشق، ومناطق الساحل السوري”، وفي هذا السياق لا بد من التذكير بالاحتجاجات والدعوات لعصيان مدني انتشرت في مناطق علوية في الشمال السوري، منها القرداحة مسقط رأس الأسد.

أما وعن احتمال ارتباط تظاهرات السويداء وباقي المحافظات بأيّ متغيرات خارجية، فيؤكّد معروف أن “السبب الرئيسي للاحتجاجات هو تردّي الأوضاع الاقتصادية، وما من عوامل إقليمية تُشجّع على الانتفاض ضدّ الأسد، خصوصاً في ظل التطبيع العربي والخليجي مع النظام السوري”.

عودة الاحتجاجات إلى سوريا، وخاصة في المناطق المحسوبة على النظام السوري، لا تشير سوى إلى أن جزءاً وازناً من الشعب السوري يرفض حكم الأسد، وأهالي المناطق المنتفضة لم يُشاركوا في الحرب رفضاً منهم لإراقة دم السوريين، وليس دعماً للأسد، وبالتالي فإن الانتقال السياسي بات ضرورياً حتى تعود سوريا إلى شعبها.