من المتوقع أن يخطف الرئيس السوري بشار الأسد الأضواء في القمة العربية التي تعقد بالسعودية يوم الجمعة بعد عزلة قبع فيها منذ أكثر من عقد، حيث سيلتقي بزعماء من المنطقة دعموا في وقت من الأوقات خصومه في الحرب.

وتعد عودة حكومته إلى المحفل العربي إشارة على انتهاء عزلة بلاده التي مزقتها الحرب، بعد أن ظلت معظم الدول العربية تنأى بنفسها عنه إثر قمعه للاحتجاجات على حكمه في 2011 والحرب الأهلية التي نشبت بعد ذلك.

ودعمت السعودية وقطر وغيرهما المعارضة المسلحة المناهضة للأسد لسنوات. لكن الجيش السوري استعاد السيطرة على معظم البلاد بدعم من إيران وروسيا وجماعات مسلحة شبه عسكرية.

وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الدول العربية أخرجت الأسد من عزلته، فإنها تطالبه أيضا بالحد من تجارة المخدرات المزدهرة في سوريا وتمكين لاجئي الحرب من العودة.

مع ذلك يمثل هذا التطور تحسنا مذهلا في حظوظ الزعيم السوري.

ويقول ديفيد ليش أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة ترينيتي في تكساس “هذه بالتأكيد لحظة انتصار لبشار الأسد، حيث يتم قبول (عودته) مرة أخرى في جامعة الدول العربية، وفي العالم العربي، بعد النأي عنه وفرض العزلة عليه لأكثر من عقد”.

وعبرت عدة دول منها قطر والكويت عن معارضتها لعودة الأسد. لكن القمة ستبرز على الأرجح حقيقة أن قطر قلصت طموحاتها في أن تكون لاعبا دبلوماسيا رئيسيا في المنطقة وقبلت بدور سعودي مهيمن.

ولا يمثل الأسد القضية الخلافية الوحيدة بين العرب، فالجامعة منقسمة حول مسائل عدة منها التطبيع مع إسرائيل وسبل دعم القضية الفلسطينية والأدوار الإقليمية لتركيا وإيران وإلى أي جانب تنحاز في السياسة العالمية التي تشهد حالة استقطاب.

كما يحضر القمة في مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر مبعوثون من طرفي الصراع في السودان. ومن المتوقع أن يهيمن هذا الصراع على المناقشات. وتستضيف السعودية محادثات بشأن وقف إطلاق النار والقضايا الإنسانية في السودان منذ أسابيع.

* العمل المشترك

تريد المملكة إرسال رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن العرب سيعملون معا، هذا وفقا لما يراه عبد الله با عبود مدير كرسي دولة قطر لدراسات المنطقة الإسلامية والأستاذ الزائر في جامعة واسيدا في طوكيو.

وقال با عبود “هذا يساعدها (الرياض) ليس فقط من حيث مكانتها في الشرق الأوسط، ولكن أيضا فيما هو أبعد من ذلك فيما يتعلق بالتعامل مع القوى الدولية سواء كانت الولايات المتحدة أو أوروبا أو الصين”.

وواشنطن متشككة فيما يتعلق بعودة الأسد إلى الجمع العربي. وقدمت مجموعة من أعضاء الكونجرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري مشروع قانون في الأسبوع الماضي يهدف إلى منع اعتراف الولايات المتحدة بالأسد كرئيس لسوريا وإلى تعزيز قدرة واشنطن على فرض عقوبات.

ومن المرجح أن تؤدي عودته إلى جامعة الدول العربية إلى إحياء التساؤلات حول سجله في مجال حقوق الإنسان.

وقال محققون في جرائم الحرب تابعون للأمم المتحدة إن القوات الحكومية استخدمت الأسلحة الكيماوية أكثر من عشرين مرة خلال الحرب الأهلية السورية. ونفت سوريا مرارا استخدام أسلحة كيماوية.

لكن الأسد أثبت قدرته على الصمود رغم ضغوط قوى غربية ودول عربية دعمت أعداءه في الحرب.

وتشكل الأزمة السورية وصراعات إقليمية أخرى منها اليمن وليبيا مزيدا من التحديات لجامعة الدول العربية التي غالبا ما تتسبب الانقسامات الداخلية في تقويض دورها. ويقول القادة العرب إن الأمن أهم من الديمقراطية.

قال جوزيف ضاهر الأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا بإيطاليا “هناك بالفعل استعداد في السنوات القليلة الماضية من قبل السعودية وجهات إقليمية فاعلة أخرى لتعزيز شكل من أشكال الاستقرار الاستبدادي في المنطقة”.

وأضاف “على الرغم من الخلاف المستمر بين مختلف الدول… فإن لديهم موقفا مشتركا يتمثل في الرغبة في العودة إلى وضع مشابه لما كان عليه قبل انتفاضات 2011”.

تأتي قمة هذا العام أيضا في الوقت الذي تعاني فيه مصر وتونس ولبنان من تفاقم التضخم والبطالة والغضب الشعبي.

لكن السعودية والإمارات وضعتا نهجا جديدا للتعامل في أوقات الأزمات، مفاده أن زمن المساعدات دون قيود أو التزامات قد ولى.