نوسوسيال

بقلم حسان يونس : بين انقلاب 8 آذار ويوم المرأة العالمي

270

: اذا أردنا ان نستعمل المصطلحات الجيولوجية الدارجة حاليا لوصف ما حدث في 8 آذار وما قبل وما بعد.
بوسعنا القول ان انقلاب الثامن من اذار هو إحدى  الهزات الارتدادية الناشئة عن أول زلزال انقلابي على أول حركة دستورية شهدتها سورية في العصر الحديث
والمقصود بالانقلاب إنذار غورو والغزو الفرنسي 1920 اما الحركة الدستورية فهي المؤتمر السوري العام 19191920.
جرت العادة على اعتبار انقلاب حسني الزعيم عام 1949 كأول انقلاب عسكري في العصر الحديث، لكن اخذ الأصابع الخارجية (التي حرضت هذا الانقلاب) بالاعتبار يجعله انقلابا خارجيا من نوع ما اسوة بالغزو الفرنسي

والوصف ذاته يندرج على كافة الانقلابات اللاحقة والتي اخذت طابع الهزات الارتدادية المتلاحقة والمستمرة حتى عام 1970 عندما أصاب الصدع السياسي السوري خمود مفاجيء فاستقر على نحو متصلب.

وكانت حركة الثامن من آذار 1963 هزة مفصلية في الطريق إلى الخمود، تسببت بتغير في طبقات المجتمع وبانزلاق بعضها فوق بعضها الآخر بحيث سيطر أبناء الأطراف الريفية على مركز القرار وتسببت بازاحة في طبقة

الثروة من خلال سياسات التاميم لكن أبناء الأطراف الريفية لم يسيطروا على “مركز الثروة” فظل بعض التوازن قائما بين طبقات النخب القديمة المدينية وطبقات النخب الناشئة الريفية.

والان فيما نقف على بعد 50 عام من ذلك المشهد نستطيع أن نحاكم تلك اللحظة باعتبارها أصبحت من التاريخ، رغم ان مفاعيلها لا تزال حاكمة بنسبة ما، ونستطيع القول ان نصف حركة 8 آذار ونتائجها، سواء في العراق وسورية، بانها منظومة ذكورية احادية.

يستدعي الحديث عن ذكورية هذا التحول انه يتزامن مع عيد المرأة العالمي وهي مفارقة لان المناسبتين على طرفي نقيض من حيث الدلالات. والذكورية هنا لا  تعني ان منظومة الحكم الناتجة عن 8 آذار أعلت من شأن الذكور

على حساب المرأة وحقوقها، بل هي ذكورية من حيث بنية السلطة الهرمية والمركزية الشديدة في صنع القرار وانعدام التعدد ومكافحة للتنوع، سواء التنوع القومي أو الثقافي أو السياسي وانغلاق الذات الحاكمة على نفسها.

ومن اجل امتصاص ذكورية هذه المنظومة وتخفيف حدتها لا بد من سياسات أكثر أنوثة، سياسات تعتمد البنى الأفقية والحوار والتعدد والاعتراف بكل ما جرى منعه سابقا على المستوى الداخلي السوري، الاعتراف بالتنوع

القومي والثقافي والاعتراف بحق رجال الأعمال السوريين في املاكهم التي جرى تاميمها قبل 50 عام.
ان الفوضى العارمة التي شهدتها سورية عام 2011  وما تبعها كانت زلزالا سيعقبه هزات ارتدادية متعددة، ومن غير

الممكن تحديد شدتها وما سينتج عنها لكن من الممكن القول انه ما لم يتم تدارك الضغط المحتقن في الصدوع العميقة للمجتمع وللمستقبل من خلال سياسات تفرغه تدريجيا فإننا سنصادف اهتزازات كثيرة.

بقلم : حسان يونس