نوسوسيال

بقلم: الكاتبة السورية دلال عادلة حلم يتحقق

371
توالت زخات المطر و الرعد .. بينما كان التلاميذ يكتبون و أنا أغلق النافذة .. وقفت أتأمل لحظات .. أخذتني الذكريات بعيداً …
قلت لنفسي : ما أشقى هذه المهنة !! لم أحب مهنتي يوماً ..
بادرتني زميلتي بدخولها فجأة .. قلت لها : كدت أفقد صوابي و أنا شاردة الذهن .. لم تكن هذه مهنتي .. لم أحقق حلمي ….
عندها طلبت من التلاميذ بنهاية الدرس أن يرسموا رسماً حراً .. فظهرت دلائل الإبتسام على وجوههم .. شرعوا بالرسم ثم تسارعوا نحوي .. التقطت قلمي الأحمر لأضع لهم التأشيرات .. تحلقوا حولي يمدون أيديهم بدفاترهم كفراخ الطير التي تطلب الطعام .. تحولوا إلى عالم آخر من البهجة و النور ..
كان ابني بينهم .. رسم منظراً مذهلاً و مميزاً .. !!
لم أتفاجأ به .. كان يشرب النور من بين أصابعي .. فقد كنت أبحث له عن القصب أثناء الرحلات المدرسية في غوطة دمشق ليرسم و يخطط بها ..
تابعته برسوماته و إبداعاته .. و كم من وسيلة إيضاح أبدعتها لي أنامله الصغيرة لدروسي ..
تذكرت أن جذوره في حديقة بيتي الترابي الذي عشت فيه ..
رجعت بذاكرتي إلى فترة الإعدادية و الثانوية .. عندما كنت ارسم و ألون اللوحات الفنية و مشاركتي بكل المعارض التي تقيمها المدرسة ..
لم اتمكن من دراسة الفنون لكلفتها العالية .. كما ان بلدتي بعيدة عن العاصمة التي توجد فيها كلية الفنون الجميلة .. فدرست معلمة صف ….
رجعت بذاكرتي لعائلتي ..
كان والدي رحمه الله متعلم و يرسم لي الحصان و الأشكال الهندسية ..
و أخي الذي كان يرسم لوحات رائعة .. إلا أنه درس الحقوق ..
ثم الأسر القريبة لعائلتي ..
كان قريبي فنان تشكيلي متميز .. لكنه لم يحترف الفن لأسباب ايديولوجية ..
و آخر احترف الرسم و ترك الطب … مع انه كان ناجحاً كطبيب ..
ولو درس ابني الطب لأبدع فيه .. لكنه فضل دراسة الفنون الجميلة .. و تابعته خلال مسيرته الدراسية .. إلى ان وصل إلى العالمية .. و أصبح فنان تشكيلي عالمي ..
بذلك .. أكون قد حققت حلمي .