نوسوسيال

غريب حسو: قفزة 15 آب رسّخت فلسفة المقاومة لمواجهة الظلم والاستعباد

392

 

                                               /  كتبت : الصحفية دعاء يوسف /

                                                              في جريدة روناهي

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

 

 

 

بمناسبة ذكرى الثامنة والثلاثين لانطلاقة الكفاح المسلح لحزب العمال الكردستاني في 15 أب 1984 بقيادة القائد الملحمي معصوم قورقماز (عكيد) الذي أطلق الرصاصة الأولى التي حطمت حاجز الخوف وبعثت الأمل في الشعب الكردستاني لأجل الحياة الحرة الكريمة بعد ثبات عميق استفردت الزميلة جريدة روناهي بنشر لقاء مع الرئيس المشترك لحركة المجتمع الديمقراطي غريب حسوأجرته الزميلة الصحفية دعاء يوسف ونحن في هيئة تحرير نوس سوسيال الدولية ننشره لأهميته اليوم خصوصا بعد تصاعد التهديدات التركية والهجمات المستمرة على شمال شرق سوريا حيث

 أكد الرئيس المشترك لحركة المجتمع الديمقراطي غريب حسو، بأن قفزة 15آب وضعت الأساس لانطلاق حركة التحرر الكردستانية نحو الحصول على حقوق الشعب الكردي، وأشار إلى أن الشرارة الأولى أنارت طريق الحرية وكسرت حاجز الخوف لدى الشعب الكردي، وبيّن بأن ثورة روج آفا نِتاج وامتداد لقفزة الخامس عشر من آب.

 

في الخامس عشر من آب عام 1984سُطّر تاريخ جديد في باكور كردستان، حيث أطلق عليه يوم “انبعاث حياة جديدة”، حيث اعتُبِر هذا اليوم كصرخة الكرد الأولى في وجه السياسات الشوفينية والسياسات التعصبية التي تنكرت لوجود الكرد، ليكتب تاريخاً جديداً عند الإعلان عن قفزة الخامس عشر من آب والتي نحتفل هذه الأيام بالذكرى الـ 38 لانطلاقتها.

القائد عبد الله أوجلان تحدّث عن قفزة 15 آب فقال: “نهض الشعب الكردي في باكور كردستان مرة جديدة وبدأ كفاحه المسلح، وهذا يدل على أنهم لم يقبلوا بالعبودية والاحتلال، الكرد أصبحوا ذوي قوة وسلطة وقادرين على مقاومة المحتلين، وسطّرت هذه القفزة حياة جديدة ومقاومة جديدة في تاريخ الشعب الكردي”.


بداية النهاية لدولة الاحتلال التركيّ

اجتمعت مجموعة ثورية يسارية كردية في العاصمة الفعلية لكردستان آمد بتاريخ 27/11/1978 وعقدوا المؤتمر الأول الذي أُسس فيه حزب العمال الكردستاني، وتم انتخاب القائد عبد الله أوجلان ممثلاً  للحزب، وعلى أثره قام الجيش التركي بانقلاب عسكري في 12 أيلول 1980، وبعد الانقلاب زاد الضغط على الحركات اليسارية والاشتراكية في تركيا، حيث تم اعتقال العديد من كوادر حزب العمال الكردستاني، وزجهم في السجون، وطبق على الكرد سياسة كم الأفواه والاعتقال والقتل والزج بالسجون، وبقي الحال هكذا حتى جاء يوم 14 تموز 1982، الذي أعلن فيه شهداء سجن آمد العسكري بالمقاومة والنضال بدءاً من الرفيق خيري دورموش الذي بدأ “بصيام الموت” حتى الشهادة ثم تبعه العديد من رفاقه في السجن.

وفي حزيران 1984 اتخذ قرار لإنقاذ ما تبقى من مقاومة 14 تموز، فعقد حزب العمال الكردستاني المؤتمر الثاني في منطقة لوليان لبدء الكفاح المسلح في 15 آب 1984، وبحسب الوثائق نتج عن الاجتماع إطلاق عمليات عسكرية في بوطان وهكاري، حيث تم تحديد ثلاثة أماكن لتنفيذ العمليات، وكانت تلك الأماكن مخافر شمزينان وشاخة وأروه، حيث أطلق المناضل والقائد معصوم قورقماز (عكيد) حينها الطلقة الأولى في عملية أروه، إيذاناً ببدء الكفاح المسلح، فاكتسبت تأييداً واسعاً، وجاءت هذه الخطوة بعد 28 انتفاضة كردية جرى قمعها وإسكاتها، ولذلك عرف الشعب الكردي قفزة 15 آب بيوم انبعاث لحياة جديدة، وكان هذا التاريخ قيام الجناح العسكري للحزب تحت اسم “قوات تحرير كردستان”.

 

الخامس عشر من آب كسر حاجز الخوف

 

وحول ذلك تحدث لصحيفتنا الرئيس المشترك لحركة المجتمع الديمقراطي غريب حسو، حيث قال: في البداية نهنئ القائد عبد الله أوجلان وجميع الشعوب التواقة للحرية من عوائل الشهداء والوطنيين والثوار بحلول الذكرى الثامنة والثلاثين لقفزة ١٥ آب.

وتابع حسو: “تعتبر قفزة الخامس عشر من آب بداية لمقاومة جديدة مختلفة كسرت حاجز الخوف، وأعلنت بشكل رسمي عن وجودها، فالانتقال من مرحلة التخطيط السياسي الفكري إلى مرحلة التشكيل العسكري والمقاومة بالسلاح احتاج إلى وقت من التخطيط والشجاعة وإلى روح ثورية مناضلة لا تخاف من السير في طريق الحرية”.


ونوه حسو: “في 15 آب كانت بداية النهاية لدك عرش الفاشية التركية وطغيانها العسكري الإرهابي، الذي يحاول اليوم أن يستعيد عافيته العسكرية والسياسية الفاشلة والمنهارة بمحاولات لإنهاء الثورة، لقد باتت عاجزة عن إيجاد حلول سلمية ديمقراطية، لتتخذ الآلة العسكرية المدمرة لكل الشعوب بما فيها الشعب التركي نفسه الذي بات يعيش في الأوهام والفقر والبطالة”.


قفزة 15 آب لها معنى كبير، ومكانة عالية في نفوس الكرد وخاصةً الشعب الذي يقطن روج آفا فثورة روج آفا والانتصارات التي حققتها هي بفضل روح المقاومة والصمود التي زرعها مقاومة 15 آب، وقد كان لحركة التحرر الكردستانية، أثراً إيجابياً كبيراً على حياة الشعب الكردي في الأجزاء الكردستانية الأربعة، وكانت نقطة البداية الجديدة في مسيرة حزب العمال الكردستاني، ليبدأ قرار المقاومة ضد جميع أشكال الظلم والاعتداء وانعدام الحقوق ورفض سياسة الإنكار والإبادة المفروضة من قبل الحكومة التركية على الشعب الكردي المقاوم.


ملحمة ومقاومة عصرية ووطنيّة لبناء حياة حرة

وأوضح حسو بقوله: “إن قفزة 15 آب تعبّر عن أسطورة تاريخية وملحمة ومقاومة ثورية عصرية ووطنية بجوانبها الفلسفية لإعادة بناء حياة حرة، وإنعاشها لروح الثقافات الفكرية والمجتمعية والبيئية، مبنية على أسس حقيقة وقيم مجتمعية ومبادئ أخلاقية ثورية بطابعها الوطني والإنساني والثقة القيادية الكبيرة بالذات والتضحية بالنفس واختيار سياسة استراتيجية صحيحة خلّفت ورائها 38 عاماً من الانتصارات والإنجازات والمعجزات، وحققت خطوات تاريخية هامة جداً من النواحي الوطنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والدفاع المشروع، وبناء وتعزيز العلاقات بين جميع الشعوب في المنطقة وحمايتها من أي خطر”.

وبيّن حسو: “بالإضافة إلى أنها سمحت للقضية الكردية بالدخول كموضع نقاش على الساحات التركية بشكلٍ أساسي، وعلى طاولة النقاش الدولي كقضية يُتطلب حلها، وقد حققت رابطاً بين الأجزاء الأربعة لكردستان المنقسمة منذ زمن طويل لتجمع بينها في الهدف المشترك وهو الوحدة والمقاومة من أجل إعادة الوطن كردستان والاعتراف بشعبه”. وأشار حسو: “أثبتت قفزة آب بأن المرأة لم تُخلق كعبدة وخادمة يُستهلك جهدها ويباع جسدها من دون مقابل وإنما لها الحق في الحياة الحرة الكريمة، وذلك عن طرق تسليحها وإفراغ مكان لها في الصفوف الأمامية للحرب وإعطائها الحق في ممارسة السياسة والعمل في كافة مجالات الحياة، وتم تعميم فلسفة أيديولوجية التحرر الجنسوي والثورة الجنسية في كردستان، كما رسخت فلسفة المقاومة في مواجهة الظلم والدفاع عن الحقوق الأساسية للشعب الكردي وأبسطها حق الحياة وذلك لتحقيق العدالة والمساواة وبالتالي جعل الشعب الكردي طليعة لحل القضايا الوطنية في الشرق الأوسط”.الإدارة الذاتية من أهم منجزات قفزة 15آب

 


تعد الإدارة الذاتية إحدى أهم مفرزات قفزة 15 آب التي أطلق شرارتها الكرد ولكنها ألقت بظلالها الإيجابية على المجتمعات العربية والأرمنية والسريانية وقلبت التوازنات في المنطقة وفرملت الكثير من المشاريع الاستعمارية، فجعلت من شعوب شمال وشرق سوريا شعباً محارباً يقف في وجه الظلم، ولأول مرة بعد مدة من الخذلان والتعسف أصبح قادر على تحديد مصيره، ورسم طريقه بإرادته الذاتية الحرة.

وحول ذلك أكد حسو بالقول: إن “شرارة قفزة 15 اب الثورية ما زالت مستمرة وحية، فمن روح مقاومة أروه وشمزينان إلى مقاومة روج آفا وشنكال ومناطق الدفاع المشروع، ومقاومات الحماية التي يبديها الشعب منذ ثمانية وثلاثين عاماً، لقد كان صدى تأثير قفزة 15 آب وانتشارها واسعاً ليتدفق الآلاف من شبيبة جميع شعوب المنطقة بصورة تطوعية نحو حرب الشعب الثورية مما أعطى قوة ثورية وطنية واجتماعية لتحقق الانتصارات التي نعيش فيها اليوم”.

وأردف حسو: “كما غيّرت قفزة 15 آب الكثير من المفاهيم الإصلاحية البالية وقدمت بدلاً عنها مفاهيم ثورية مقاومة تمتاز بروح وفلسفة العصر، الفلسفة والفكر الذي نشره القائد عبد الله أوجلان من الإرادة الحرة والعيش المشترك والديمقراطية الحقيقية والتي أصبحت نموذجاً ورمزاً للكثير من الشعوب التي تتطلع لتطبيق هذه المفاهيم في مجتمعاتها، ونستطيع القول بأن جميع الفئات العسكرية التي تأسست في روج آفا، وغيرها من “وحدات حماية المرأة، وقوى الأمن الداخلي (الأسايش)، وقوات سوريا الديمقراطية، ووحدات حماية الشعب، وغيرها) ما هي إلا امتداد لطلقة 15 آب الأولى التي أطلقها القائد معصوم قورقماز (عكيد)”.


التحرر الفكري وتسليح العقول بالمعرفة لتحرير الملايين

إن أي ثورة تحتاج لحمل السلاح من أجل النصر، ويعد القسم العسكري أهم من الأقسام الأخرى “السياسية والاقتصادية والثقافية” لديها، فما يؤخذ بالقوة لا يعاد إلا بالقوة وبخاصةٍ في مواجهة دول أصبح فيها السلاح هو من يتحدث عوضاً عن العقل والإنسانية كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وتركيا وغيرها، إنما في ثورة روج آفا فيأتي في المقدمة التحرر الفكري، وتسليح العقول بالمعرفة لمواجهة العقول الجاهلة والمتخلفة قبل مواجهة الجسد فالطلقة قد تكون قاتله لشخص أما التحرر الفكري سيحرر الملايين؛ هذا ما أكده حسو وأضاف: “الثورة الكردية بقيت لسنوات تحاول الحصول على حقوق الكرد من خلال الفكر والسياسة والإقناع وقد تركت المجال العسكري آخر الخيارات، حتى بدأت الدولة التركية باستخدام العنف بأبشع التفاصيل لمحاولة قمع الثورة بالإبادة، فلم تعد الخيارات متاحة، وبقي الخيار الوحيد هو التوجه نحو النضال والرد بالمثل”.  ورأى حسو: أنه رغم ذلك لم تنسَ الثورة جذورها التي سقيت بفكر وفلسفة قائد الشعوب عبد الله أوجلان بل استمرت على خطاه وقيمه الإنسانية، ليشهد العالم نضج ثمارها، مزيلةً القناع عن الوجه الحقيقي لدولة الاحتلال التركي إقليمياً ودولياً، وما سببته من دمار في الحرب العالمية الأولى وقسّمت المجتمعات جغرافياً، وكونها اليوم طرفاً أساسياً في الحرب العالمية الثالثة، إن الاحتلال التركي يحاول إعادة الأوضاع إلى ما قبل قفزة 15آب، لتحارب الشعوب بأسلوب سياسة الإبادة الجماعية، والاحتلال والتغيرات الديمغرافية، واستهداف المدنيين، ورموزنا بالمسيرات الحربية على مدار الـ 24 ساعة دون تردد، معلنةً الحرب على إرادة النظام الديمقراطي والمتمثلة بإرادة الشعوب فقط لأجل حماية عنصريتها وفاشيتها المتطرفة”.

وطالب غريب حسو في ختام حديثه، جميع الشعوب التواقة للحرية والعدالة وجميع منظمات المجتمع المدني والقوى السياسية والوطنية والشعب الكردستاني وكل شعوب شمال وشرق سوريا الالتفاف لحماية الإنجازات والقيم التاريخية لقفزة 15 آب، التي أعادت إلى الشعوب روح الانبعاث من جديدة لبناء ثورة مجتمعية عصرية خلّاقة بطليعة المرأة والشبيبة وكافة شرائح المجتمع.