دافع الرئيس الأمريكي “جو بايدن” مرارا وتكرارا عن حاجة الولايات المتحدة لإنهاء “حروبها الأبدية” في الشرق الأوسط، ما دفع بعض المراقبين إلى القول بأن الانسحاب من سوريا قد يكون الخطوة الأقرب.

ونظرا لانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان في أغسطس/آب الماضي والتزامها بمغادرة العراق على الأقل من الناحية النظرية، فقد تصاعدت التكهنات بأن انسحابا مشابها قد يحدث في سوريا حيث لا يزال هناك ما يقرب من 900 جندي أمريكيوتتركز القوات الأمريكية في سوريا في الشمال الشرقي مع “قوات سوريا الديمقراطية” في الحرب ضد فلول تنظيم “الدولة الإسلامية”. وتم إرسال القوات الأمريكية إلى سوريا للمرة الأولى في عامي 2014 و2015 بدعوى محاربة التنظيم دون إذن من نظام “بشار الأسد”.

 

لكن بعد هزيمة التنظيم، انخرطت القوات الأمريكية عن غير قصد في نزاعات إقليمية أخرى، بما في ذلك الاشتباكات المستمرة بين تركيا و”وحدات حماية الشعب الكردية” وتتصدى بشكر دائم قوات سوريا الديمقراطية للإعتداءات التركية المستمرة عل شمال شرق سوريا

فيما يتعلق بـ”وحدات حماية الشعب الكردية” التي لعبت دورا حاسما في هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية”. وضغط الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” على واشنطن أكثر من مرة لسحب قواتها من المناطق الكردية حتى تتمكن تركيا من التدخل.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، وافق الرئيس “دونالد ترامب” بشكل مثير للجدل على طلب “أردوغان” وسحب القوات الأمريكية فجأة من جزء من شمال شرق سوريا، وهو الانسحاب الذي تلاه على الفور عملية تركية في المنطقة.

وبالرغم أن “ترامب” وعد بالانسحاب من سوريا، إلا أن الجدل الدائر حول الحادث دفعه إلى الاستمرار في تمركز القوات هناك حتى نهاية فترة رئاسته. ومع ذلك، أكد “بايدن” مرارا وتكرارا ضرورة إنهاء “الحروب التي لا نهاية لها” في الشرق الأوسط، ما دفع بعض المراقبين إلى القول بأن الانسحاب من سوريا قد يكون التالي في سلسلة الانسحابات.

لكن في الوقت نفسه، تحدث الخبراء عن عوامل معقِّدة، بما في ذلك التزامات أمريكا تجاه الشركاء الإقليميين. وقد أشار بعض المسؤولين في واشنطن إلى أن الولايات المتحدة ليس لديها خطط فورية للمغادرة، وأنه تم إرسال “تأكيدات” إلى قادة “قوات سوريا الديمقراطية” بأن الولايات المتحدة ستبقى.

والعامل الثاني المعقد هو الرأي العام بشأن الوجود الأمريكي في سوريا. فبينما أيد غالبية الأمريكيين الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، تشير استطلاعات الرأي إلى أن معظمهم يؤيدون استمرار الدور الأمريكي في مكافحة الإرهاب في سوريا والعراق.

وتشمل الاعتبارات الأخرى التداعيات السياسية التي قد يسببها الانسحاب الثاني لإدارة “بايدن” التي عانت بشدة في استطلاعات الرأي بسبب سوء إدارتها للانسحاب من أفغانستان. كما ينبغي الإشارة إلى أن نطاق مهمة الولايات المتحدة في سوريا يعد محدودا للغاية إذا قورن بمهمة “بناء الدولة” في أفغانستان وفي العراق ما قبل 2011.