نوسوسيال

بقلم : منى مكرم عبيد / نجاح الحوار الاستراتيجى بين القاهرة وواشنطن

443

فى العاشر من ديسمبر من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمى لحقوق الإنسان، بمناسبة تبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، الذى يعد واحدًا من الإنجازات الكبرى للمنظمة الأممية، ومشاركة المصرى محمود عزمى فى صياغة هذا الإعلان الذى أصبح نواة العمل الحقوقى وأحد أهم معايير حقوق الإنسان عالميًّا.

ومع إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى أن عام 2022 سيكون عامًا للمجتمع المدنى فى مصر، من المهم إحياء هذه الذكرى بشكل يتناسب مع الحدث، من أجل ترسيخ مفاهيم المواطنة وقيم حقوق الإنسان، حتى يشعر المواطن بأن هناك تغيرًا جوهريًّا فى تعامل الدولة مع حقوقه، وبالتالى الالتزام بالواجبات المطلوبة منه، وتعزيز الوعى بكيفية انعكاس منظومة حقوق الإنسان على المجتمع، والتلاقى بين جميع الأطراف من أجل المصلحة المشتركة.

بلا شك نحن فى مرحلة مهمة من تاريخ الوطن من حيث توفير حياة كريمة للمواطنين، والمبادرات التى يقوم بها الرئيس السيسى مثل برنامج تكافل وكرامة، حياة كريمة، أو بناء وحدات سكنية آدمية لسكان العشوائيات وغيرها من الحقوق الاقتصادية المهمة التى أصبح لها ركن مهم فى أجندة الحكومات المتعاقبة منذ تولى الرئيس السيسى قيادة البلاد فى 2014، ووضع حد لتراخى الدولة لعقود طويلة فى تطوير البنى التحتية والنظر بعين الاعتبار لحقوق المصريين المهمشين تاريخيًّا

بلا شك إن مشاركة المجتمع المدنى مع الحكومة فى تفعيل آليات حقوق الإنسان وقيم المواطنة والتسامح كلها أمور تنعكس على التنمية المجتمعية، وخلق حالة حوار جاد فى المجتمع نحو تحديد أجندة عمل الدولة حتى عام 2050، وبالتالى ضمان مشاركة كل فئات المجتمع فى وضع خارطة طريق مستقبلية تسير عليها الحكومات القادمة من أجل البناء على ما هو قائم، وليس الهدم ثم البناء من الصفر، كما اعتادت الحكومات السابقة.

هذا يدعونى للانتقال نحو كيفية تقديم مصر بالصورة التى تستحقها خارجيًّا، فمثل هذه المبادرات والأفكار التى تنتشر فى المجتمع سيكون لها صدى كبير خارجيًّا، وبالتالى دعوة الدول الأجنبية للتعرف على المبادرة المصرية فى بناء وحدات سكنية، برامج تكافلية لمحدودى الدخل، بل بناء سجون جديدة مجهزة وفقًا للتطورات التى طرأت على المجتمع بدلًا من السجون المتهالكة والتى كانت سببًا محوريًّا فى انتقاد أوضاع السجون وحقوق السجناء.

الحقيقة أن نجاح الحكومة فى تطبيق رؤية الرئيس السيسى فى إعلان 2022 عامًا للمجتمع المدنى، والذى سيكون نواة للتواصل مع دول العالم خارجيًّا، خاصة أن الدول الأجنبية تضع فى الاعتبار التعامل مع المنظمات المدنية المستقلة أكثر من التعامل مع المؤسسات الحكومية، وبالتالى منظمات المجتمع المدنى سيكون لها دور محورى فى تقديم صورة حقيقية عن مصر، وليس الصورة الذهنية الموجودة فى الذاكرة منذ عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك.

وحسب خبراتى فى التعامل مع المؤسسات الأمريكية يضعون فى الاعتبار ضرورة استقلالية منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدنى، لذلك مع عودة الحوار الاستراتيجى بين مصر والولايات المتحدة، الذى كان متوقفًا منذ 2015، لا توجد أحسن من منظمات المجتمع المدنى لتكون خير سفير لتقديم مصر الجديدة التى تضع فى اعتبارها التنمية الاقتصادية والثقافية جنبًا إلى جنب التربية المدنية والحقوق السياسية للمواطنين، وأنها تسير فى طريقين لا ينفصلان عن بعضهما البعض، وبلا شك سيجنى المجتمع ثمار ذلك خلال السنوات العشر المقبلة، فالترهل الذى ضرب مؤسسات الدولة فى 40 عامًا سابقة سيكون له نهاية خلال سنوات قليلة، ولكن يبقى السؤال: كيف يمكن تسويق كل هذه الإنجازات؟.

الفكرة تتلخص فى كيفية تكوين شراكات بين المؤسسات المصرية والأمريكية للعمل التنموى وخاصة فى الريف والحضر، والاهتمام بالتربية المدنية لتكون نواة تشكيل الوعى، فسبق أن كانت لى تجربة من خلال تأسيس ورئاسة جمعية النهضة بالتعليم، حيث الاهتمام بالتربية المدنية التى تعد النواة الأولى للمشاركة الفعالة للمواطن فى المجتمع، كى يكون جزءًا فاعلًا منه وليس عبئًا عليه، وبالتالى هذه الشراكات هى الضمانة الأولى والأهم لتحقيق الحوار الدبلوماسى بين البلدين فيما بعد، فى علاقات وثيقة لعقود طويلة.

كما قلت المجتمع المدنى هو النواة التى يمكن البناء عليها فى التواصل مع البرلمانات الأجنبية والمؤسسات الخارجية، فليست المؤسسات الحكومية يمكنها أن تقوم بهذا الدور، لذلك على الحكومة شجاعة اتخاذ القرار فى توفير المناخ للمنظمات المدنية كى تكون شريكًا حقيقيًّا فى التنمية، وتقديم مصر بالصورة التى تستحقها، وليس كما يسعى البعض للتقليل منها، فهل ننجح فى هذه المهمة، وتحويل مبادرات الرئيس إلى واقع ملموس، أم تحارب هذه المؤسسات أفكار الرئيس وتحبط هذه الخطط العملاقة التى تجرى لأول مرة فى تاريخ البلاد فى العصر الحديث؟!.

 

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, من هي الكاتبة منى مكرم عبيد,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

منى مكرم عبيد أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وشغلت مناصب عديدة، منها خبيرة للبنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لها أيضًا مؤلفات عديدة بالإنجليزية والعربية والفرنسية، وحصلت على وسام جوقة الشرف برتبة ضابط من الرئيس الفرنسي ساركوزي وذلك لدعمها للعلاقات