نوسوسيال

إنتخابات الرئاسة الغرنسية وسباق الأحزاب على الترشيح

690

                     / باريس:مكتب نوس سوسيال /

يصوت أعضاء حزب “الجمهوريون” اليميني في فرنسا، بدءا من الأربعاء إلى غاية 4 كانون الثاني/ ديسمبر، لاختيار مرشحهم للانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان/ أبريل 2022. ويتنافس خمسة مرشحين في انتخابات تمهيدية لنيل أصوات المشاركين في مؤتمر الحزب من أجل خوض السباق الرئاسي.

تتسابق خمس شخصيات سياسية لتمثيل “حزب الجمهوريون” اليميني الفرنسي في السباق لقصر الإليزيه وهم: ميشال بارنييه وكزافييه برتران وإيريك سيوتي وفيليب جوفان وفاليري بيكريس.

وسيتم الحسم في اسم مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية الفرنسية خلال اقتراع داخلي على دورتين، الأولى في 1و 2 كانون الأول/ ديسمبر والثانية في اليومين التاليين. ويحق لـ140 ألف عضو في الحزب التصويت في هذه الانتخابات التمهيدية.

ورغم أن كزافييه برتران وفاليري بيكريس يبدوان الأوفر حظا، فإنه يبقى من الصعب توقع هوية الرابح في هذا التنافس الحزبي. وقد يكون ميشال بارنييه الحصان الأسود في هذا السباق مستفيدا من سمعته الدولية التي نالها بإدارته لملف البريكسيت ووفائه لحزب “الجمهوريون”.

ونقدم لمحة عن المرشحين وخصال كل واحد منهم حسب الترتيب الأبجدي.

ميشال بارنييه مدير مفاوضات البريكسيت الوفي للجمهوريين

في عمر السبعين، يملك ميشال بارنييه مسيرة مميزة رغم نقص نسبي في شعبيته. حيث شغل عدة مناصب وزارية بدءا من وزارة البيئة ثم وزارة الشؤون الأوروبية ووزارة الخارجية ووزيرا للزراعة. كما تولى مسؤوليات أوروبية بشغله منصب مفوض السياسية الداخلية في الاتحاد (1999-2004) والسوق الداخلية للخدمات (2010-2014). وعاد بارنييه إلى الأضواء بين (2016 و2021) بتوليه منصب المفاوض الرئيسي عن الاتحاد الأوروبي في ملف البريكسيت.

وقد حصل بارنييه الذي بقي وفيا لحزبه على أكبر عدد من التزكيات للمشاركة في السباق التمهيدي لخوض الانتخابات الرئاسية ما يجعله مرشحا لأن يكون مفاجئة الانتخابات الداخلية للجمهوريين بعد كزافييه برتران وفاليري بيكريس.

المرشح للانتخابات التمهيدية لحزب "الجمهوريون" الفرنسي ميشال بارنييه خلال تجمع انتخابي، 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021.
المرشح للانتخابات التمهيدية لحزب “الجمهوريون” الفرنسي ميشال بارنييه خلال تجمع انتخابي، 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021. © أ ف ب

ويتمثل برنامجه الاقتصادي والاجتماعي في تخفيض المخصصات الاجتماعية وزيادة عدد ساعات العمل الأسبوعية وزيادة مرتبات العاملين في قطاعي الصحة والتعليم.

وفي ملف الهجرة، يقترح بارنييه الحد من لم الشمل العائلي للأجانب والتقليص بمقدار النصف في هجرة اليد العاملة إلى فرنسا وعدد الطلبة الأجانب.

كزافييه برتران يضع خبرته في الميزان

بعد أن غادر حزب “الجمهوريون” في ديسمبر/ كانون الأول 2017 مؤكدا أنه سيكون المرشح للانتخابات الرئاسية لعام 2022 بدون المرور باقتراع داخلي، يجد كزافييه برتران نفسه مجبرا على خوض انتخابات أولية داخل الحزب واستعادة بطاقة الانتساب حتى يتمكن من التصويت. وتضع استطلاعات الرأي برتران كمرشح أول بين قادة الحزب لنيل أكبر عدد من الأصوات في انتخابات نيسان/أبريل المقبل. ويبقى على موظف التأمين السابق إقناع مناضلي الحزب باختياره. ويضع برتران شهرته وخبرته في الميزان حيث شغل مناصب وزارية ومحلية كثيرة بين 2002 و2016.

كزافييه برتران يضع خبرته وشهرته في ميزان الانتخابات التمهيدية لحزب "الجمهوريون"، 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021.
كزافييه برتران يضع خبرته وشهرته في ميزان الانتخابات التمهيدية لحزب “الجمهوريون”، 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021. © أ ف ب

ويمكنه فوزه على مارين لوبان في الدور الثاني للانتخابات الإقليمية في 2015 من تقديم نفسه كطرف قادر على صد اليمين المتطرف.

وفيما يتعلق بأبرز النقاط في برنامجه، يقترح برتران زيادة ساعات العمل الأسبوعية إلى 39 بدلا من 35 وزيادة ميزانية الأمن والعدالة ومراجعة الدستور لكي يتمكن البرلمان من تحديد حصص هجرة سنوية والتقليص في الهجرة العائلية وتشديد شروطها.

إيريك سيوتي أكثر المرشحين يمينية

صنع إيريك سيوتي (56 عاما) اسمه من خلال صياغته لقانون تمت المصادقة عليه في 2010 يهدف إلى مكافحة التغيب المدرسي من خلال قطع المساعدات الاجتماعية عن العائلات التي يتغيب أطفالها عن الدروس. كما كان مكلفا بالملف الأمني في حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية (الاسم السابق لحزب الجمهوريون).

ويمثل سيوتي التيار الأكثر يمينية في حزب “الجمهوريون” برفضه الانضمام إلى “الجبهة الجمهورية” المتطرفة لدعم إيمانويل ماكرون ضد مارين لوبان في الدور الثاني لرئاسيات 2017. ويؤكد سيوتي أنه يفضل دعم إيريك زمور في مواجهة ماكرون في حال وصولهما إلى الدور الثاني لرئاسيات 2022.

إيريك سيوتي يمثل التيار الأكثر يمينية بين المرشحين للانتخابات التمهيدية لحزب "الجمهوريون".
إيريك سيوتي يمثل التيار الأكثر يمينية بين المرشحين للانتخابات التمهيدية لحزب “الجمهوريون”. © أ ف ب

ومن أبرز النقاط في برنامج سيوتي، زيادة ساعات العمل الأسبوعية وإنشاء “معتقل غوانتانامو فرنسي” يوضع فيه الأشخاص المسجلون على قائمة “الأكثر خطرا”. وفي ملف الهجرة، الذي يركز عليه سيوتي ويجعل منه أقرب إلى اليمين المتطرف، يدعو سيوتي إلى إنهاء حق الحصول على لم الشمل العائلي بطريقة آلية والخروج من نظام “منطقة شينغن”.

فيليب شوفان مرشح “القطاع العام”

في عمر 57، يعد فيليب شوفان الأقل شهرة بين الشخصيات الخمس المرشحة لتمثيل حزب “الجمهوريون” في رئاسيات 2022. وسلطت الأضواء على طبيب التخدير في مستشفى جورج بامبيدو بباريس في 2020 بسبب الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة فيروس كورونا حيث كان ضيفا دائما في القنوات التلفزيونية. وشغل شوفان مناصب محلية منذ عام 2001 كما انتخب نائبا في البرلمان الأوروبي بين عامي 2009 و2019.

برز اسم فيليب شوفان خلال الأزمة الصحية لجائحة فيروس كورونا ليتقدم بترشحه لتمثيل حزب "الجمهوريون" في الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
برز اسم فيليب شوفان خلال الأزمة الصحية لجائحة فيروس كورونا ليتقدم بترشحه لتمثيل حزب “الجمهوريون” في الانتخابات الرئاسية الفرنسية. © أ ف ب

وكان شوفان مقربا من الرئيس السابق نيكولا ساركوزي قبل أن يساند مرشح الحزب في انتخابات 2017 فرانسوا فيون. وعكس منافسيه في الحزب الذين يطالبون بالتقليص في عدد الموظفين في فرنسا، يقدم شوفان نفسه على أنه “مرشح القطاع العام”.

وفي برنامجه، يقترح شوفان تقليص الضرائب وزيادة عدد الأسرة في السجون وترحيل كل أجنبي يرتكب جرائم خطيرة بالإضافة إلى الخروج من اتفاقيات “شينغن” وإنهاء الحق الآلي في لم الشمل العائلي للمهاجرين.

ولعل أبرز نقطة في برنامج شوفان هو إعادة توزيع مهام 200 ألف موظف لإخراجهم من المكاتب وتوليهم مهمات ميدانية ومضاعفة عدد طلبة الطب بهدف إنهاء “التصحر الصحي”.

فاليري بيكريس مرشحة وسط اليمين والعائلة

تعد فاليري بيكريس (54 عاما)، المرشحة الثانية الأوفر حظا مع كزافييه برتران لتمثيل الحزب في رئاسيات 2022 واضطرت إلى طلب بطاقة انتساب لتتمكن من المشاركة في مؤتمر الحزب بعد انسحابها منه عقب الانتخابات الأوروبية في عام 2019. وعكس منافسها الرئيسي برتران، دعت رئيسة منطقة “إيل دو فرانس” منذ 2015 إلى تنظيم انتخابات داخلية لاختيار ممثل الحزب في الرئاسية.

فاليري بيكريس تعد المرشحة الثانية مع كزافييه برتران لنيل تمثيل حزب "الجمهوريون" في الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
فاليري بيكريس تعد المرشحة الثانية مع كزافييه برتران لنيل تمثيل حزب “الجمهوريون” في الانتخابات الرئاسية الفرنسية. © أ ف ب

وخاضت بيكريس مسيرة سياسية محترمة حيث انتخبت مرتين نائبة في الجمعية العامة وشغلت منصب وزيرة التعليم العالي ووزيرة الميزانية والناطقة باسم الحكومة بين الأعوام 2007 و2012.

وتعد بيكريس مرشحة وسط اليمين لكنها شددت من خطابها حول الهجرة استعدادا لمؤتمر حزب “الجمهوريون” في كانون الأول/ ديسمبر 2021.

بخصوص برنامجها، تقترح بيكريس زيادة ساعات العمل الأسبوعية إلى 39 بالنسبة إلى الشركات وتقليص مخصصات التقاعد للتمكن من زيادة الرواتب. كما تقترح بيكريس ترحيل الأجانب الذين يمثلون تهديدا للأمن العام خصوصا من الذين يتبنون خطابا إسلامويا متشددا. كما تريد بيكريس تشديد شروط لم الشمل العائلي.

ولعل أبرز ما يميز بيكريس هو تركيزها على السياسة العائلية وزيادة مخصصات الأطفال.

 

عمدة باريس آن هيدالغو تعلن ترشحها للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2022

عمدة باريس الاشتراكية آن هيدالغو خلال إعلان ترشحها للانتخابات الرئاسية الفرنسية في مدينة روان 12 سبتمبر/أيلول 2021.

أعلنت عمدة باريس الاشتراكية آن هيدالغو الأحد ترشحها للانتخابات الرئاسية الفرنسية المزمع إجراؤها شهر أبريل/نيسان 2022. وقالت هيدالغو (62 سنة ) في مدينة روان (شمال غرب)، “قررت أن أكون مرشحة لرئاسة الجمهورية الفرنسية”. وتعد هيدالغو أول امرأة تتولى منصب عمدة باريس في تاريخ فرنسا، وهي الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الاشتراكي الذي سينظم انتخابات تمهيدية لاختيار مرشحه للرئاسيات انضمت عمدة باريس الاشتراكية آن هيدالغو إلى قائمة المترشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجري في 10 أبريل/نيسان 2022 إذ أعلنت الأحد ترشحها قائلة من مدينة روان (شمال غرب)، “قررت أن أكون مرشحة لرئاسة الجمهورية الفرنسية”.

وتعد المرشحة البالغة 62 عاما، الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الاشتراكي. لكن سيتعين عليها توسيع حضورها على الصعيد الوطني إذا كانت تتطلع لتصبح أول رئيسة لفرنسا.

وتدخل المعركة الانتخابية كشخصية تثير الاستقطاب، إذ أحدثت حملتها للتخفيف من تواجد السيارات في باريس وجعل المدينة أكثر صداقة للبيئة انقساما في أوساط سكان العاصمة.

واختارت هيدالغو روان، التي يحكمها الاشتراكيون، لإعلان قرارها في محاولة لترك بصمتها خارج باريس.

وأشارت إلى أن نشأتها في عائلة متواضعة، إذ كان والدها كهربائيا ووالدتها خياطة، تعد شهادة على مدى قدرة فرنسا على مساعدة الأطفال على تجاوز “الأحكام المسبقة المرتبطة بالطبقية”.

لكنها حذرت من ازدياد عدم المساواة، مؤكدة أن “نموذج الجمهورية يتفكك أمام أعيننا” وأضافت “أريد بأن يحظى جميع الأطفال في فرنسا بذات الفرص التي كانت لدي”.

تظهر الاستطلاعات بأن هيدالغو لن تحصل إلا على ما بين سبعة وتسعة في المئة من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان/أبريل، إذا تم اختيارها لتمثيل الاشتراكيين.

أول امرأة تتولى منصب عمدة باريس في تاريخ فرنسا

وآن هيدالغو تنحدر من أصول إسبانية، وهي أول امرأة شغلت منصب عمدة باريس في تاريخ فرنسا. وهي مدعومة من الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي فضلا عن “الخضر”.

ولدت هيدالغو في مدينة “سان فرناندو” الإسبانية عام 1959 في كنف عائلة هاجرت إلى مدينة ليون الفرنسية عام 1961. وعلى الرغم من عودة العائلة إلى إسبانيا بعد ذلك بسنوات، إلا أن الشابة هيدالغو، التي كانت تحلم بالعيش في يوم من الأيام بباريس، فضلت البقاء في فرنسا إذ حصلت على الجنسية الفرنسية عام 1973.

درست هيدالغو في جامعة “جان مولان” في ليون وحصلت في عام 1982 على شهادة في العلوم الاجتماعية ثم على ماجستير في قانون العمل والنقابات. وهي الشهادة التي مكنتها من المجيء إلى باريس عام 1984 بعد أن عينت مفتشة في مجال التوظيف والعمل في بلدة شوفيه لا رو” بضواحي العاصمة.

فازت في مارس/آذار 2010 في الانتخابات البلدية بالعاصمة الفرنسية على منافستها اليمينية نتالي كوسيسكو موريزيه، لتتربع على رأس بلدية باريس لعشر سنوات.

وحدد العاشر من أبريل/نيسان 2022 كموعد الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية على أن تجري الدورة الثانية في 24 من نفس الشهر.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد انتخب في السابع من مايو/أيار عام 2017 لولاية مدتها خمس سنوات وتولى منصبه يوم 14 من نفس الشهر .

 

الانتخابات الرئاسية الفرنسية: استطلاعات باهتة ومنافسة غير رسمية من إيريك زمور تخيم على حملة لوبان

زعيمة حزب "التجمع الوطني" مارين لوبان.

تواجه مارين لوبان، مرشحة حزب التجمع الوطني (اليمين المتطرف) في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة صعوبات عديدة تمنعها من فرض نفسها في النقاش السياسي. وبالإضافة إلى تراجعها في استطلاعات الرأي، فقد تمت إزاحتها من المناظرة التلفزيونية التي دارت الخميس على قناة “بي إف إم” الخميس بين جان لوك ميلنشون زعيم حزب “فرنسا الأبية” (اليسار الراديكالي) ومنافسها غير الرسمي الصحافي والكاتب المثير للجدل إيريك زمور.

القلق يسود الموقف في صفوف حزب التجمع الوطني (اليمين المتطرف) بعد انطلاقة محتشمة لحملة زعيمة الحزب مارين لوبان الانتخابية في إطار الرئاسيات الفرنسية، يوم 12 أيلول/سبتمبر 2021 من مدينة فريجوس جنوب غرب فرنسا.

فبعد العزيمة والإرادة السياسية اللتين رافقتا إعلان ترشحها، يبدو أن مارين لوبان تواجه صعوبات جمة لفرض نفسها في النقاش السياسي وفي بعث ديناميكية جديدة داخل حزبها.

ويشكل الصحافي المثير للجدل والمحسوب على العنصريين إيريك زمور، الذي لم يعلن بعد عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، أحد العقبات أمام مارين لوبان. فإضافة إلى أنه يصطاد على “أراضيها الإيديولوجية” عبر السعي إلى استقطاب ناخبي اليمين المتطرف فإنه أصبح حاضرا بكثافة في وسائل الإعلام والنقاشات الإعلامية إذ يحاول فرض بعض مواضيعه المفضلة، كملفي الهجرة والإسلام.

وكثف إيريك زمور من تواجده في وسائل الإعلام إلى درجة أنه حل ضيفا الخميس الماضي في الحوار الذي نظمته قناة “بي إف إم” الإخبارية الفرنسية بالرغم من أنه لم يعلن رسميا عن خوضه غمار الانتخابات الرئاسية التي تجرى في شهر نيسان/أبريل 2022. وتكاد المحاضرات التي تنظم حول كتب إيريك زمور تكون تجمعات انتخابية.

وبخصوص تراجع شعبية حزب التجمع الوطني، يقول جان إيف كامو، العالم السياسي والخبير في شؤون التيار اليميني المتطرف لفرانس24 “حزب التجمع الوطني وجد نفسه اليوم في وضعية حرجة لأن إيريك زمور خلق الإثارة حول فرضية ترشحه للانتخابات الرئاسية وجلب اهتمام وسائل الإعلام”.

وأمام حضور شبه يومي لزمور على وسائل الإعلام الفرنسية، تعقد الوضع أكثر بالنسبة للرئيسة السابقة لحزب التجمع الوطني مارين لوبان التي تزيدها قلقا استطلاعات الرأي، وذلك قبل 7 أشهر فقط من موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وتحديدا، تظهر استطلاعات الرأي تراجع نسبة تصويت الفرنسيين لصالح مارين لوبان إلى أقل من 20 بالمئة. فعلى سبيل المثال، يشير استطلاع للرأي أجراه معهد “هاريس” لمجلة “شالانج” الأسبوع الماضي حصول مارين لوبان على ما بين 18 و19 بالمئة من الأصوات بعدما بلغت هذه النسبة 28 بالمئة في الصيف المنصرم. فبالإضافة إلى فقدانها 10 نقاط في غضون أشهر قليلة فقط، فهي لم ترقى إلى مستوى النتيجة التي حصدتها في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 2017 والتي بلغت انذاك 21,3 بالمئة.

“لا نبالي بزمور”

في صفوف التجمع الوطني، الجميع يكرر أن إيريك زمور لا يشكل خطرا على مارين لوبان. هذه الأخيرة قالت بدورها الثلاثاء الماضي خلال زيارة لبلدة “تور دي بان “في منطقة “إيزر”: “لا شيء يزعجني. أنا في صدد خوض غمار الانتخابات الرئاسية للمرة الثالثة. وهذا يكسبني التجربة والخبرة. الحملة الانتخابية طويلة”. وأضافت “أملك الهدوء والصبر الذي يملكه المحاربون القدماء”.

من جهته، يقول جوليان سانشيز، المتحدث باسم حزب التجمع الوطني (اليمين الفرنسي المتطرف) لفرانس24: “نحن لا نبالي بإيريك زمور. نعم أنصارنا يحبونه، لكن التصريحات التي يدلي بها لن تجعل منه رئيسا جيدا. أما مارين لوبان، فلا تكتفي فقط بالحديث عن المشاكل، بل تقترح الحلول”.

وتابع فيليب أولفييه، مستشار مارين لوبان: “أمتهن السياسة منذ عدة سنوات. سياسيون كثر احتلوا المرتبة الثالثة في استطلاعات الرأي، لكن لم يصل أحدهم إلى النهاية. فعلى سبيل المثال، جان بيير شيفنمون حصل على 14 بالمئة من الأصوات وفق استطلاعات الرأي لكنه لم يتعدى 5 بالمئة في الجولة الأولى خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2002. نفس الشيء قيل حول السترات الصفراء، لكنهم لم يفوزوا بأي شيء في نهاية المطاف. نحن مرتاحون وواثقون في حزب التجمع الوطني”.

وعلى الرغم من كل هذه التطمينات، يبدو أن مارين لوبان ليست هادئة تماما أمام يحدث من تطورات سياسية في تيار اليمين المتطرف كما تزعم. والدليل أنها اختارت القيام بزيارات ميدانية إلى الأقاليم الفرنسية رفقة بضعة صحافيين محليين مع منح الأولوية لنقاشات سياسية هادفة.

فخلال يوم الخميس، وهو اليوم الذي تم تنظيم فيه المناظرة بين إيريك زمور وزعيم حزب “فرنسا الأبية” جان لوك ميلنشون، اختارت مارين لوبان زيارة بلدة “هايانغ” بمنطقة “لاموزيل” (شرق فرنسا) رفقة بعض الصحافيين وتحدثت كثيرا عن موضوع يهمها بالدرجة الأولى وهو منح “الأفضلية للفرنسيين” في جميع مجالات الحياة.  وفي سؤال حول ما إذا انتهت لقاءات الحزب مع حلقة إعلام أوسع أجاب فليب أوليفييه: “بالطبع لا. الاستراتيجية التي تكمن في المزج ما بين الزيارات الميدانية بمشاركة صحافيين محليين وأخرى رفقة ممثلي الصحافة الوطنية ستتم وفق الحاجة “.

إشارات إنذار حقيقية

من جهته، أضاف جان إيف كامو لفرانس24 “اختيار مارين لوبان الحديث مع الصحافة المحلية بعيدا عن الصحافة الوطنية المناهضة لها، هي استراتيجية رابحة بالنسبة لها وينظر إليها بشكل إيجابي”.

وواصل: “المرأة (مارين لوبان) التي أظهرت خلال المناظرة مع إيمانويل ماكرن بأنها تعاني من نقائص في قضايا ’تقنية‘ تريد أن تبين بأنها أصبحت تتحكم في هذه المسائل اليوم. والدليل على ذلك هي الزيارة التي قامت بها إلى مصنع الفولاذ بمنطقة ’إيزير‘”.

“بدأت حملة مارين لوبان الانتخابية تظهر بعض إشارات التعب”، وفق ما قاله أوليفييه روكان أستاذ العلوم السياسية والباحث الشريك في معهد الدراسات والبحوث في العلوم.  وتابع “الاستراتيجية المزدوجة المتبعة من قبل مارين لوبان، والتي تمزج بين خطاب معتدل حول بعض المواضيع الهامة لليمين المتطرف كالهجرة، جعلتها تفقد بعض المناصرين وتضعف سياسيا. والدليل أن جزءا من اتباعها أصبحوا يفضلون خطاب إيريك زمور حول الهجرة”.

وواصل: “هناك نوع من الحماس والاهتمام بإيريك زمور وبأفكاره بالرغم من أن النتائج التي تفرزها استطلاعات الرأي بشأنه ضعيفة لغاية الآن”.

تعبئة ضعيفة ونقص حاد في الأموال

بعد الهزائم التي مني بها حزب التجمع الوطني (اليمين الفرنسي المتطرف) في الانتخابات االمحلية والإقليمية، يرى أولفييه روكان “أن مارين لوبان قد تأخرت في تعبئة مناصريها وأصبحت غير قادرة على بعث ديناميكية جديدة في صفوف الحزب” مضيفا أن “هناك شكا أن لا يقنع ملصقها الانتخابي حول الحريات أنصارها الذين باتوا على وشك مغادرة الحزب”.

وفي الحقيقة، من غير السهل تعبئة المناصرين في وقت لا تزال خزينة الحزب فارغة وديونه بلغت 22,9 مليون يورو في 2019. هذا الوضع المالي الكارثي يعطل عملية إيجاد قروض بنكية جديدة لتمويل الحملة الانتخابية، الأمر الذي جعل مارين لوبان تدق ناقوس الخطر وتنبه الرئيس ماكرون مؤخرا بشأن الصعوبات التي تواجهها من أجل تمويل حملتها الانتخابية، خاصة وأنها لا تستطيع أن تطلب قروضا مالية من بنوك غير أوروبية (مثلما قام حزب الجبهة الوطنية في 2014 بمناسبة الانتخابات المحلية) أو من الشركات الخاصة.

برين تارنو/ طاهر هاني/ نوس سوسيال / سيدار رشيد