نوسوسيال

الدكتور توفيق حمدوش:يحدد أفكار وسلوك تخدم الأستقرا ر بالشرق الأوسط

545

 

 

لم تزل عوامل عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط هي النافذة في تحديد الشرط السياسي و المجتمعي في تلك المنطقة المهمة من العالم ،اذ أن هذه العوامل ببعديها الداخلي و الخارجي،

الذاتي و الموضوعي، تغدو بدورها و تستمر بوصفها مصدرا لتهديد الأمن و السلام الاقليمي و الدولي ، فالعالم الذي أمسى قرية صغيرة أكثر من أي وقت مضى بات أكثر عرضة لتلقي الآثار والتوابع التالية على اشتعال الأزمات في كل منطقة منه بحيث أصبح التمييز بين ما هو محلي و ما هو إقليمي و

 

دولي من الأحداث و الازمات قياسا إلى طبيعة الإرتدادات والمساحات التي تصلها آثارها و نتائجها ، بات أمرا أكثر صعوبة و تداخلا . على أن أسباب عدم الأستقرار في الشرق الأوسط رغم حيوية هذه المنطقة و ارتباطها بشبكة مصالح تقع مراكزها خارج حدوده و متعلقة فعليا بالنظام الدولي هي في غالبيتها

ذات مصادر ذاتية ثقافية / دينية واثنية ،دون أن استبعاد الصراعات الدولية على المنطقة التي تغذي تلك الأسباب و تزيدها أوارا . سيما إذا أستثنينا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وركزنا على الصراعات الاخرى فصراع المحاور مثالا لا حصرا ، محور المقاومة و الممانعة الإيراني ومحور الوسطية و العملية

البراغماتية المواجه له يستبطنان أثناء صراعهما في الحقيقة محمولات عقائدية ذات جذور دينية و مذهبية مختلطة و متداخلة مع عناصر اثنية وجيو استراتيجية ، و ابتعاد أحد المحاور عن المخاطرة و أخذ زمام المبادرة أثناء الأحداث الدولية ،قدم خدمة للمحاور الأخرى وافادها من حيث لا تدري ، وليس

أستهداف نظام صدام حسين وإسقاطه في العراق بموجب التدخل الأمريكي دون مشاركة مفاعيل عربية بعكس ما حصل في حرب تحرير الكويت الا العامل الاساس الذي قدم الساحة العراقية على طبق من ذهب أمام النفوذ الإيراني الذي تحكم بالمسار السياسي الجديد الذي بدأ سيرورته في االحالة

العراقية ، وهنا أصبح العراق لقمة سائغة للنظام الإيراني الذي ما لبثت أن قويت شهيته للتدخل في أكثرمن موقع يخص الدول العربية ، مثل سوريا ولبنان واليمن و دول الخليج إلى أن وصل بالايراني حدود قطع طرق المواصلات النقل البحري في مياه الخليج و تهديد عموم الملاحة الدولية في المنطقة

وأصبحت اقوى الدول العربية مستهدفة و على مرمى من المطامع الإيرانية مباشرة ، يأتي على رأس تلك الدول و في مقدمتها المملكة العربية السعودية التي استهدفت من قبل إيران عبر البوابة اليمنية و الحرب في اليمن . وما يمكن قوله بخصوص الحالة الإيرانية التي تريد الهيمنة على مقدرات

المنطقة و توظيفها خدمة للارادة الفارسية يمكن قول أكثر منه بخصوص التدخلات التركية في شؤون الدول العربية لا سيما سوريا ,لقد جاء احتلال الشمال السوري من قبلها وتدخلها عسكريآ في شمال العراق و أقليم كوردستان العراق وبناء أكثر من ثلاثين قاعدة عسكرية هناك ليظهر وجه تركيا

البشع واطماعها الكبيرة في المنطقة و سوريا ، كما زاد من تعميق و فضح النزعة التركية تلك تدخلها السافر في ليبيا وعبثها في الوضع الليبي ، وهو ما يلفت النظر و بقوة إلى حقيقة و ابعاد المشروع التركي الذي يصل بها إلى الحلم بعودة الإمبراطورية العثمانية وما يعنيه ذلك من عمليات شاملة

تستهدف وجود الشعب العربي قبل الكردي ويؤكد أن الدور الإقليمي لتركيا و تدخلاتها في منطقة الشرق الأوسط هي بالفعل من الخطورة بمكان حيث لا تقل عن الخطر الايراني بل تتجاوزه . على الدول العربية وحكامها الوعي بهذه المخاطر و العمل بمقتضاها ، الأمر الذي يفرض عليها البحث في توفير

عوامل الردع و الكبح لهذين النمطين من التدخل بحيث يحد من فعاليتهما و يقلص من اخطارهما و الدول التي يمكن أن تلعب دورآ قياديآ في هذا المسار هي المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية ودولة الإمارات العربية المتحدة ، فعلى هذه الدول

الاستمرار في بناء تحالف متين يصل إلى مدى بعيد وشامل ، تنضم إليه قوى شعبية وقوميات أخرى و على رأسها الشعب الكردي الذي يعيش على أرضه التي أقتسمتها دول أربع سوريا والعراق وإيرن وتركيا ، هي جميعا أما أطراف صراع أو مواضيع صراع حاصلة في المنطقة ، سيشكل هذا التحالف

الشامل قوة لا يستهان بها بحيث يكون قادرآ على تغيير المعادلة الحاصلة بفعل سياسات هاتين الدولتين المارقتين في الشرق الأوسط تركيا و ايران . وسيكون المدخل العملي للبدء بهذا التحالف الشامل دعم قوات سوريا الديمقراطية ومجلس سوريا الديمقراطية و ترسيخ وجودهما وتعظيم

فعاليتهما في الشأن السوري بما يحد من آثار المتدخلين الإيراني و التركي من جهة ويسهم في ترسيخ القيم التي تصلب البناء الوطني في سورية على الضد من مصلحتهما من جهة أخرى . ثم لا تقف المسألة عند هذه الحدود بل يجب أن تصل جهود هكذا تحالف حد دعم المعارضة الإيرانية والتركية

والذهاب بالمعركة مع هذين النظامين إلى داخل حدودهما ، فذلك وحده كفيل بردع التدخلات الإيرانية التركية وكبح جموحهما وطموحاتهما الأستعمارية وهو وحده القادر على الدفع قدما نحو تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ، ولعلي من خلال طرح هذه المادة السريعة أخط جهدا أوليا و متواضعا لإطلاق دراسات و ابحاث سياسية وإقامة ورش عمل دبلوماسية تعمل على هذه الافكار وتفتتح مسارا جادا في هذا المسار