نوسوسيال

المانيا – بقلم مروان فلو : ميزيوبوتاميا و أزمة الهوية

318

عند دراسة منطقة ميزيوبوتاميا والتشكيلة السكانية فيها نستنتج أن قادة تلك المنطقة قادتها بحد السيف ومن ثم جعلت ايديولوجيتها ،( دينية ، فلسفية) سائدة في تلك المجتمعات ، من هنا نشأت العصبيات الدينية الإيديولوجية …التي آلت إلى مجتمع القطيع .

عبر التاريخ نشأت قطعان متعددة كل قطيع ربط نفسه بالسلطة وتحولت مع الزمن الى مفهوم قومي ، ديني ، فلسفي ، علماً أنهم بالأصل شعب واحد فرقتهم ايديولوجيات الحكام الاقوياء كلٍ وفق زمانه، وأصبحت هذه القطعان تتحارب و ما زالت حتى يومنا هذا .

تلك الايديولوجيات بمفهوم هذا العصر ساهمت وبشكل كبير جداً في تقسيم المجتمع الواحد بدل تجميعهم,  وساهمت في تشكيل مجتمعات تتناطح مع بعضها البعض,و كل مجموعة تتناحر مع الاخرى في سبيل الصنم القائد والذي مات منذ زمن بعيد جداً .,

في هذا السياق تشكلت الدول ، و أصبحت كل دولة أو مجموعة بشرية تنسب كل شئ لنفسها وتنكر الاخرين فالاشوريين ينسبون المنطقة لهم والسريان ينسبون سوريا لهم مثلاً والكورد ينسبون إلى ذات المنطقة لهم, وبعد دخول الايديولوجية الدينية ،اليهودية ( الموسوية ) المسيحية ( العيسوية )

الاسلامية ( المحمدية ) أصبحت الدول تُطبَع بطابعها الديني ، وبعد الحرب العالمية الأولى وتقسيمات سايكس بيكو تحولت المنطقة إلى دول قومية على وجه غير حق ، فأصبح كل مَن يتكلم العربية بغض النظر عن أصوله الأثنية، القومية ،العرقية عربي  وهكذا تم تعريب سوريا والعراق وكل ما يسمى

بالوطن العربي وتم تغذية هذه الفكرة بِربطها بالأصول الدينية مثل لغة أهل الجنة العربية ، ولا يدخل الجنة الا العربي …ونتيجة قوة السلطة وخاصة الدينية أصبح معظم شعوب المنطقة يعتقدون بهذه الفكرة ويدافعون عنها، وبدأت دائرة الكراهية بين مكونات تلك المجتمعات حلقة الكراهية ضمن الشعب الواحد في الأساس كما أسلفنا سابقاً، وأصبح من يتبنى فكرة العروبة رُغم أنه غير عربي الدم يعادي بني جلدته من الكورد والاشور والسريان والكلدان و..ليس لشيئ فقط ليحقق مكاسب شخصية ضيقة ،كما ظهرت الاحزاب التي تنهج النهج ذاته وأصبحت عائقا في توحيد المجتمع بدل تقسيم ، من هنا جاء السيد أوجلان بفكرة الشعوب الديمقراطية التي نقضت التجارب التي مرت بها البشرية منذ الدولة السومرية حتى دول اليوم واكتشف مرض الشعوب بالعصبيات الدينية ،القومية، الإثنية وأخيراها الحزبية .
استطاعت الإدارة الذاتية متمثلة في( قصد و مسد ) من تكريس هذه الفكرة في تجربتها في إدارة شمال شرق سوريا أو روژ ٱڤا كما يسميها الكورد لتنشئ تعاون بين كل مكونات المجتمع ،وتحيد المفهوم الديني القومي الإثني عن إدارة تلك المنطقة في التجربة السورية، وأثبتت أنها الانجح على الاقل في الساحة السورية ،حيث استطاعت أن تشكل قوى أمنية ، عسكرية ،سياسية من كل مكونات المجتمع دون تميز عرقي ديني إثني في المنطقة لتكون التجربة الأولى للفكر الأوجلاني في الواقع العملي ومازالت التجربة في بداياتها،  ظهرت بعض العيوب التي يتم تداركها تباعاً ،فالمراجعة الدائمة واكتشاف الاخطاء وإعادة تصحيحها هو المنهج التي تسير عليه تلك الإدارة .
المطلوب منا كمجتمع أن نقف خلفها و نشجعها وليكن نقدنا موضوعياً يصب في خدمة التصحيح لا أن يكون هداماً كما تفعل بعض المنظمات المرتهنة للخارج ، نحن اليوم أحوج ما نكون الى كل طاقات مجتمعنا لنصل الى مجتمع مثالي وفق الظروف المتاحة و أن يكون دليلنا الصبر مفتاح الفرج .

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,  الكاتب في سطور ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

مروان فلو ناشط وكاتب من أبناء حي الأكراد الدمشقي -ركن الدين – لهمقالات عديدة, وناشط سياسي مقيم في المانيا .