نوسوسيال

بقلم عبد الرحمن العيسى : الإحصاء الاستثنائي بين انتكاسة الوعود والفشل

390

 

في الخامس من شهر تشرين الأول من كل  عام , تمر الذكرى التاسعة  والخمسون للإحصاء الاستثنائي الجائر, الذي طُبق على أبناء الشعب الكردي في الجزيرة   في العهد الانفصالي عن الوحدة السورية المصرية حين تحالف حزب البعث مع حركة القوميين العرب وحزب إخوان المسلمين بالمشاركة في الانقلاب الانفصالي بقيادة عبد الكريم النحلاوي والضباط الشوام, حيث مارست الزمرة البعثية والقومجية العربية مع اخوان المسلمين  بصدور المراسيم والقرارات المجحيفة بحق الشعب الكردي, هذه العقلية ا لعنصرية الشوفينية نكران الآخر , و بموجب المرسوم التشريعي رقم /93/ المؤرخ في 23 آب 1962م, إذ أنه بتاريخ 5/10/1962م, قامت السلطات السورية بتنفيذ بنود ومقررات هذا المرسوم , حيث بذلك تم تجريد حوالي 120 ألف من المواطنين الكرد من جنسيتهم الوطنية (من بينهم من أدّوا خدمة العلم– كما جرد بموجبه رئيس أركان الجيش السوري “توفيق نظام الدين”), لتبدأ معاناة إنسانية, ما زالت انعكاساتها المقيتة مستمرة قدماً إلى يومنا هذا .. لقد قسّم هذا الإحصاء المواطنين الكرد في سوريا إلى ثلاث فئات الأولى: أكراد  متمتعين بالجنسية السورية , الثانية : أكراد جردوا من الجنسية , وسجلوا في القيود الرسمية على أنهم ( أجانب محافظة الحسكة) , و تعطى لهم بطاقة تعريف حمراء ، ولا تخولهم هذه البطاقة في الحصول على جواز سفر أو المغادرة خارج القطر أو النوم في الفنادق أو الاستملاك. الثالثة: أكراد جردوا من الجنسية, ولم يتم قيدهم في السجلات الرسمية نهائياً، وأطلق عليهم وصف “مكتومي القيد” فيميز وجودهم ورقة صفراء، ولا يملكون أية وثائق رسمية, باستثناء شهادة التعريف من المختار أو سند الإقامة، وبالتالي لا يتمتعون بأي حق من حقوق المواطن.

وبعد مرور سبع وأربعون سنة على مرور هذا الإجراء الشوفيني, ما يزال ساري المفعول, دون أن تلغى نتائجه الكارثية على المنطقة, وذلك بالرغم من المحاولات الحثيثة التي قامت وتقوم بها الحركة الوطنية الكردية في سوريا من أجل إلغائه, من خلال إيصال معاناة هؤلاء المواطنين إلى القوى الوطنية المختلفة من فعاليات سياسية وثقافية واجتماعية ودينية ، وإلى لجان حقوق الإنسان في الداخل والخارج ، الأمر الذي أدى إلى توسيع دائرة التضامن مع هؤلاء المجردين من الجنسية ، وبعد ذلك ازدادت المطالبات من مختلف هذه القوى بضرورة إيجاد حل وطني ديمقراطي ينهي مشكلة الإحصاء ويزيل كل آثارها الضارة , إضافةً إلى الوعود التي تكررت من قبل السلطة بحل هذه المشكلة ( خلال لقاء السيد رئيس الجمهورية بالفعاليات الاجتماعية والدينية والسياسية أثناء زيارته لمحافظة الحسكة عام 2002م– خلال لقائه مع قناة الجزيرة الفضائية عام 2004م عقب أحداث القامشلي – خلال أدائه لخطاب القسم الثاني تحت قبة مجلس الشعب عام 2007م – توصيات المؤتمر العاشر لحزب البعث ” الأخير ” عام 2005م ….) .
هنا نتساءل لماذا هذه الانتكاسة في الوعود المقطوعة ؟! ولماذا هذا الفشل من قبل الحركة الوطنية الكردية في محاولاتها المتكررة ؟!
لعل أهم سبب كان وراء الفشل هو حالة الانقسام  في صفوف الحركة الكردية وتفرقتهم وهدر طاقات الحركة في مهاترات جانبية وقمع حزب البعث في سوريا والعراق الشعبين الكردي والعربي والتي لاتتردد في قمع أي تحرك لها إذا أضطر الأمر , والسبب الرئيسي الآخر هو إيمان السلطات البعثية   بالعقلية الشوفينية فيقمع الشعب الكردي في سورياوالعراق , التي مارست المزيد من حلقات مسلسل العنصرية بحق أبناء  ألشعب   الكردي ( الحزام العربي المشؤوم – الإحصاء الاستثنائي الجائر – المرسوم السيئ الصيت 49 – التعريب – التهجير القسري ….  والاعتقال والتعذيب وعدم الاعتراف بالآخر    الخ ) .واليوم تمارس السلطات البعثية الأسدية بقيادةالرئيس بشار الأسد بقمع وقتل الشعب السوري بعربه وأكراده أبشع أساليب القتل والتهجير والتغيير الديموغرافي.

إن استمرار السلطات البعثية والأسدية في هذه الممارسات يعتبر عملاً مخالفاً لأبسط معايير حقوق الإنسان والمواثيق الدولية , كما أنها تعتبر مخالفة للدستور السوري أيضاً , حيث أن ذلك لا يخدم المصلحة الوطنية بأي شكل من الأشكال , وتؤثر سلباً على الوحدة الوطنية , وتبقي مئات الآلاف من أبناء هذا الوطن معرضين للإبادة البطيئة من خلال افتقارهم إلى أبسط متطلبات الحياة, الأمر الذي يدفعهم إلى الهجرة الداخلية والخارجية على حدٍّ سواء, خاصة ً بعد سنين الجفاف التي حلت بالمحافظة.
فهل تتحمل الحركة الكردية مسؤولياتها الملقاة على عاتقها لتحقيق مطالب أبناء شعبنا, وفي مقدمتهم ضحايا الإحصاء ؟؟
وهل من مراجعة وطنية مسؤولة للسلطات السورية لسياساتها الخاطئة , وتسير بالتالي بالاتجاه الصحيح , لما في ذلك من تعزيزٍ للوحدة الوطنية , وابتعادٍ عن انتكاسة الوعود

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,  الكاتب في سطور ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

الكاتب عبد الرحمن عيسى من كتاب جريدة السوري التي تصدر في محافظة الرقة له مفالات عديدة وهو من قبيلةالولدة العربية – وعشيرة الناصر وناشط سياسي في شمال شرقي سوريا