نوسوسيال

بقلم محمد أرسلان علي : الكويت والتغيير الديموغرافي لعفرين

:

525

 

كثيراً ما يتم تداول معلومات وأخبار عن مؤسسات خيرية رسمية في الكويت تساهم وتدعم وتمول بناء مستوطنات ومساجد ودور تحفيظ القرآن في عفرين تحت مسميات مساعدات خيرية، إلا أنها في واقع الحال ليست سوى دعم لاحتلال مدينة عفرين من قبل الاستعمار التركي ومرتزقته الانكشاريين من جنسيات مختلفة تستوطن هذه دور ومساكن أهل المدينة بعد طرد أهلها وسكانها في العراء ليسكنوا المخيمات على أطراف مدينة عفرين المحتلة.
أمرٌ ملفت للانتباه أن تقوم مؤسسات رسمية في الكويت بهذا العمل في وقت كانت هي أي دولة الكويت قد تم احتلالها من قبل الجارة على زمن صدام، وراح حكامها يستنجدون دول العالم لتحرير مدنهم وإعادة سكان الكويت لوطنهم رغم أنهم كانوا في دول عربية ولم يعيشوا في مخيمات منتظرين مساعدات من مؤسسات ومنظمات دولية.
الظلم الذي وقع على الكويت في تسعينيات القرن المنصرم جراء احتلالها من قبل صدام جعلت دول وشعوب العالم تتعاطف معهم انسانياً وأخلاقياً، وأن كل ما فعله صدام في الكويت من تعيين حكام ومسؤولين وإداريين محسوبين عليه، لم يعترف بهم أحد سوى صدام وحده لا غير. لأن الكل كان يعلم أن أهل الكويت هم أصحابها الحقيقيون وهم وخدهم من يعين وينتخب أي مسؤول أو إداري أو حتى موظف في أي مؤسسة كانت. وعليه كان التعاطف الكبير من العالم والشعوب مع شعب الكويت لتحرير وطنهم من هذا الاحتلال الصدامي الذي دمر الكويت والعراق معه بهذا الاحتلال سيئ الصيت والذي سيكون وصمة عار عليهم وسيكتب في التاريخ أن العراق كان سبباً لمآسي الكويتيين كما كان سبباً لمآسي الشعب العراقي بكل مكوناته وطوائفه.
الآن وبعد ثلاثة عقود من تحرير الكويت كنا نأمل من الشعب الكويتي ودولة الكويت التي ذاقت قهر الاحتلال وذلّ ترك الوطن والمدينة والبيت، أن تعرف معنى أن يترك الانسان بيته وهو مجبر على ذلك ليأتي شخص غريب ويستوطنه، وكنا نتمنى أن تكون الكويت من الدول المدافعة عن أحقية الشعوب في البقاء في مناطقها حرة وأبية وأن تقف ضد أية عملية احتلال وتهجير لأي شعب كان وأينما كان. هذا كان المأمول والتمني من دولة وشعب عاشت الاحتلال ولاقت التهجير وقتل من أبنائها الكثير والذين لا يُعرف حتى الآن مكان دفنهم أو هل هم أحياء أم لا.
لكن أن تقوم الكويت التي عانت وعاشت الاحتلال بمساعدة دولة الاحتلال التركي على احتلال عفرين وشرعنة هذا الاحتلال بتقديم الدعم المادي لهم لبناء مستوطنات ومساجد ودور عبادة لتحفيظ القرآن في منطقة محتلة وتم تهجير أهلها لخارج المدينة والذين يسكنون في المخيمات وهو على مشارف مدينتهم، ويسمعون الأخبار عن كيفية قيام مؤسسات خيرية كويتية بالتغيير الديموغرافي وبناء تلك المستوطنات لأناس غريبين عن المنطقة، فهذا يعتبر من المصائب الكبيرة التي لا يمكن تعريفها حتى في علم النفس ولا حتى في العلوم الاجتماعية المعنية بنفسية الشعوب التي عاشت الظلم لتتحول لأداة بيد الظالم للقضاء على شعب آخر في مكان ما من هذه الجغرافيا.
كيف يتحول المظلوم الذي عاش الاحتلال واستغاث بكل دول العالم ليحرر أرضه وهو الآن أي الكويت بنفسها تساعد المحتل التركي على احتلال مناطق أخرى وتهجر شعبها وكأن الكويتيين لم يعيشوا الاحتلال. إنه عار على الكويت والكويتيين بنفس الوقت أن يسمحوا لمؤسسات رسمية تتخذ من أرضهم منطلقاً لها لتقوم بمساعد محتل أخر على احتلال مناطق وتهجير شعبها تحت أي مسمى كان.
ثم ما هي فائدة بناء مساجد ودور تحفيظ القرآن في منطقة محتلة قد تم تهجير أهلها الحقيقيون. عن ماذا سيتكلم الخطيب في هذه المساجد وهو مبني على أرض تم أخذها عنوة من أصحابها المهجرين أصلاً. هل سيتكلم عن أن الإسلام دين رحمة ومغفرة ولا يقبل هذا الدين السرقة والنهب والفساد والتهجير وعدم الكيل بمكيالين وأوفوا العهد ووووالخ. وما فائدة حفظ القرآن إن لم نطبقه في مواقفنا وأعمالنا وسلوكياتنا. أم أنه لا مانع أن حفظت القرآن أن تسرق وتزني وتقتل ووووالخ.
إنه نداء من شعب تم تهجيره واحتلت قراه ومنطقته من قبل تركيا ومرتزقتها الانكشاريين، للكويتيين شعباً وحكومة هل تدركون أنه بسكوتكم هذا عن هذه المؤسسات التي تساند وتدعم الاحتلال والظلم، وأنه بتقديم المال والدعم لبناء المستوطنات والمساجد هذه تساهمون في يرفع مهجري عفرين أيديهم يدعون فيه عليكم ليلاً ونهاراً وجهاراً بأن يهديكم الله لصالح الأعمال وليس لطالحها هذا في احسن الأحوال بكل تأكيد، لأنه ثمة دعوات تنهال عليكم نخجل أن نكتبها، لكن تيقنوا أنهم يقولونها في قلوبهم صبحاً وعشيا.