نوسوسيال

ســــوريـــا وعشر سنوات من الصراع والإنهيار الإقتصادي

587

تقرير: حسن ظاظا

ناك خطأ يقع فيه الكثيرون عند تناول ما يحدث على الساحة السورية وهو الاعتقاد أن الصراع الدائر هناك منذ 2011 هو صراع بين الشعب الثائر من جهة والنظام الحاكم من جهة أخرى وتحول هذا الصراع من الحالة السلمية إلى الحالة المسلحة عقب الرد العنيف والبالغ القسوة والدموية من النظام تجاه المتظاهرين السلميين في رفض قاطع لمطالبهم المشروعة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية،
ثم تشكل ما يشبه معسكرين الأول مع النظام والثاني ضده، لكن الحال على الأرض يوضح وبشكل قاطع صراعات وحسابات وتحالفات واختلافات وخصومات وتفاهمات القوى والأحلاف الدولية على الأراضي السورية وبصورة يعجز معها حتى المتخصصون عن تصنيف المعسكرات وحساب من مع من، ومن ضد من، في ظل وضعية معقدة ومتداخلة بطريقة لن تجد لها مثيلًا خارج سوريا، لكن تتابع الأحداث قد يرجح أن التحالفات والتفاهمات هي من حددت شكل الصراع والثورة منذ البداية وليس العكس.
يمكن تفسير ذهاب نظام بشار الأسد للحل العنيف والدموي لتأثره بطريقة والده حافظ الأسد فقد ورث عنه عسكرة وعنف الرد كما ورث المنصب، فقد سبقه بارتكاب مذبحة حماة عام 1982 وراح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين واختفاء آلاف آخرين دون أدنى أثر حتى يومنا هذا، وأيضًا اعتماد النظام على طوئفة منظومة الحكم بحيث أصبح الطائفة العلوية التي ينتسب لها آل الأسد هي الممسكة بكافة مفاصل الدولة وبالأخص المؤسسة العسكرية منذ عهد الرئيس الأب والذي استولى على الحكم بالتدريج فبعد اشتراكه في انقلاب فبراير 1966 وتولى وزارة الدفاع على إثره وعقب هزيمة يونيو 1967 والتي فقدت سوريا بسببها مرتفعات الجولان البالغة الأهمية ورغم أنه كان وزير الدفاع وقائد سلاح الطيران أثناء الحرب فقد نجح في استغلال عدم الاستقرار السياسي بعدها والقيام بانقلاب عسكري عام 1970 ثم تولى الرئاسة عام 1971 وجاء اشتراك سوريا في حرب 1973 وتوقف العمليات العسكرية بعقد اتفاق فض الاشتباك مع إسرائيل عام 1974 وهو لا ينهي الحرب من الناحية الرسمية ولكن يتضمن بقاء الجولان تحت سيطرة إسرائيل وهو ما يجعل منها لاعبا أساسيا في ما يجري على الساحة السورية من حيث تفضيلها لبقاء نظام الأسد في عهدي الأب والابن والذي حافظ على هدوء جبهتها الشمالية دون إطلاق رصاصة منذ العام 1974 وهو ما يفسر عدم حماس الغرب الأميركي والأوروبي ناهيك عن الحليف الروسي للعمل على إزاحة الأسد عن سدة الحكم رغم ارتكابه مجازر مروعة وتغيير شبه كامل للخريطة الديموغرافية داخل سوريا ونزوح الملايين من اللاجئين داخل البلاد وخارجها في واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية في العصر الحديث.وعلى الأرض تتقاطع المصالح وتتضارب من حيث دعم إيران اللامحدود لحليفها القديم الجديد لأن سقوطه يعني بالتبعية التأثير على نفوذها في العراق وقطع خطوط الإمداد لحزب الله -ذراعها في لبنان- وسيضعف أسطورتها المرتكزة على دعاوى معاداة أميركا وإسرائيل والعمل على تحرير القدس وتريد بالمقابل ثمن ما قدمته للنظام سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا طوال سنوات وهناك عمليات الإعمار والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات بعد أن تضع الحرب أوزراها عند تفاهم جميع الأطراف المؤثرة والداعمة لأدوات تلك الحرب على الأرض.
وهناك روسيا التي لن تقبل بأي حال من الأحوال خروجها من منطقة نفوذها وتواجدها الوحيدة في منطقة المتوسط والشرق الأوسط والتي تضمن لها ناهيك عن التواجد العسكري والنفوذ السياسي مكاسب اقتصادية ضخمة فهناك تجربة منتجاتها من مختلف أنواع الأسلحة على الشعب السوري في ميدان مفتوح وهو ما أدى لارتفاع مبيعات الأسلحة الروسية حول العالم في العقد الأخير ونصيبها من عقود الإعمار والاقتصاد السوري وورقة هامة في علاقاتها مع إسرائيل من حيث ضمان ضبط الجبهة السورية المتاخمة لها وعدم انفلاتها أو تحولها لنقطة انطلاق لأي تهديد لدولة الاحتلال في ظل اعتماد نظام الأسد شبه الكامل على الغطاء السياسي الروسي خصوصًا في مجلس الأمن مما يمنع أي تحرك دولي ضده بغطاء أممي.

عشر سنوات من الصراع في سوريا.. من احتجاج لحرب  و الانهيار الانهيار الاقتصادي

بعد مرور عشر سنوات على اندلاع الصراع السوري، لم تنجح الاضطرابات العاصفة التي بدأت باحتجاجات سلمية في مارس آذار 2011 في زحزحة الرئيس بشار الأسد عن منصبه.فالأسد يبسط هيمنته على أجزاء كثيرة من البلاد، ساعده في ذلك وجود عسكري روسي وفصائل شيعية إيرانية.وبعد مرور عشر سنوات لا تزال تركيا، خصمه، تسيطر على قطاعات من الشمال الغربي ولا يزال للولايات المتحدة وجود في الشمال الشرقي، وهي منطقة رئيسية لإنتاج النفط والقمح.لكن التحدي الأكبر أمام الأسد الآن هو الاقتصاد.فالاستياء السائد بعد الحرب من الفساد وعلو أسعار السلع الغذائية وانهيار العملة وانقطاع الكهرباء المتكرر ونقص البنزين.. كلها أمور فاقمت من المصاعب التي تواجهها أُسر كثيرة فقدت بالفعل عزيزا عليها أو أكثر.وهذا التسلسل الزمني يوضح كيف اشتعلت الحرب بعد أن بدأت باحتجاجات سلمية مطالبة بالديمقراطية ثم تحولت إلى صراع متعدد الأطراف انزلقت إليه قوى عالمية وفقد فيه مئات الآلاف أرواحهم وتشرّد الملايين.* مارس آذار 2011 – المظاهرات الأولى التي بدأت في درعا بجنوب سوريا احتجاجا على حكم الأسد سرعان ما انتشرت في شتى أنحاء البلاد. وردت قوات الأمن بموجة اعتقالات وبإطلاق النار.* يونيو حزيران 2012 – القوى العالمية تجتمع في جنيف وتتفق على الحاجة إلى انتقال سياسي، لكن الانقسامات حول كيفية تحقيق ذلك ستقوض سنوات من جهود السلام جرت برعاية الأمم المتحدة.* يوليو تموز 2012 – الأسد يشن غارات جوية على البلدات والمدن التي تمردت على حكمه، والمحتجون الذين كانوا سلميين يوما باتوا يحملون السلاح، ومقتل الآلاف.

* أغسطس آب 2013 – واشنطن تقول إن استخدام الأسلحة الكيماوية خط أحمر، لكن مئات المدنيين يلقون حتفهم في هجوم بالغاز على الغوطة الشرقية ذات الكثافة السكانية العالية الواقعة على مشارف دمشق والتي كانت تسيطر عليها المعارضة. ولم يلق الحدث ردا عسكريا من جانب الولايات المتحدة.

* يناير كانون الثاني 2014 – جماعة منبثقة عن تنظيم القاعدة تسيطر على مدينة الرقة ثم تنطلق لتسيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق، وتعلن قيام دولة خلافة وتطلق على نفسها اسما جديدا هو الدولة الإسلامية.

* سبتمبر أيلول 2014 – واشنطن تشكل ائتلافا مناهضا للدولة الإسلامية وتبدأ ضربات جوية وتدعم القوات الكردية لوقف المد الجهادي، لكن يتولد احتكاك مع حليفتها تركيا.

* مارس آذار 2015 – في الوقت الذي تفقد فيه قوات الأسد السيطرة على الكثير من البلدات والمدن التي انتفضت على حكم حزب البعث، يقوض متشددون إسلاميون بمساعدة جهاديين أجانب جاؤوا إلى سوريا حركة تمرد مسلح رئيسية تضم متظاهرين سابقين ومنشقين عن الجيش.

* سبتمبر أيلول 2015 – روسيا تنضم إلى الحرب في صف الأسد وتنشر طائرات حربية وتقدم مساعدات عسكرية تُغير بسرعة، وبمساعدة إيران، مجرى الصراع مع مقاتلي المعارضة.

* أغسطس آب 2016 – قلقا منها من تقدم الأكراد عند الحدود، تتوغل تركيا في سوريا بمساعدة مقاتلين متحالفين معها وتقيم منطقة خاضعة لسيطرتها اتسعت في عام 2018.

* ديسمبر كانون الأول 2016 – الجيش السوري وحلفاؤه يهزمون مقاتلي المعارضة في حلب، أكبر قاعدة حضرية لهم، بعد أشهر من الحصار والقصف، في خطوة أبرزت حجم الزخم الذي اكتسبه الأسد.

* مارس آذار 2017 – إسرائيل تعترف بشن غارات جوية استهدفت حزب الله في سوريا، بهدف إضعاف قوة إيران بعد أن قويت شوكة فيلق القدس التابع لها وفصائل شيعية جاءت من أفغانستان ولبنان.

* أبريل نيسان 2017 – الولايات المتحدة تشن أول هجوم بصواريخ كروز على قاعدة جوية تابعة للحكومة السورية بالقرب من حمص بعد هجوم بالغاز السام على مدينة خان شيخون التي تسيطر عليها قوات المعارضة.

* نوفمبر تشرين الثاني 2017 – القوات الكردية  تهزم الدولة الإسلامية في الرقة. وتمكنت القوات الكردية من تحرير شمال شرق سوريا وتحقيق الأمن والأمان والتصدي لهجمات الجيش التركي و المرتزقة الذين خانوا وطنهم السوري وارتكبواأبشع المجازر الدموية

* أبريل نيسان 2018 – بعد أشهر من الحصار والغارات الجوية، يتمكن الجيش المدعوم من روسيا من استرجاع الغوطة الشرقية قبل أن يسترد جيوبا أخرى في وسط سوريا، ثم معقل المعارضة الجنوبي في درعا في يونيو حزيران.* سبتمبر أيلول 2018 – صفقة روسية تركية بشأن إدلب والشمال الغربي الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة تسفر عن وقف القتال على الجبهات والحد من غارات القصف التي أودت بحياة مئات المدنيين في آخر معقل كبير للمعارضة.* مارس آذار 2019 – مع سيطرة حلفاء الولايات المتحدة المحليين على المنطقة الأخيرة لتنظيم الدولة الإسلامية في الشرق، تقرر واشنطن إبقاء بعض القوات في سوريا بعد أن قالت سابقا إنها ستنسحب.

* أبريل نيسان/ديسمبر كانون الأول 2019 – القوات المدعومة من روسيا تشن حملة في الشمال الغربي تنتهي في أغسطس آب بالسيطرة على مدينة خان شيخون التي كانت موقعا إستراتيجيا للمعارضة وهدف هجوم كيماوي كبير على المدنيين.* قمة روسية تركية في أكتوبر تشرين الأول تؤدي لانحسار القتال، لكن موسكو تستأنف هجوما كبيرا في ديسمبر كانون الأول يفضي إلى توغل أكبر في معقل المعارضة الأخير.* ديسمبر كانون الأول 2019/مارس آذار 2020 – الهجوم الذي قادته روسيا في شمال غرب سوريا يتسبب في نزوح نحو مليون مدني وحدوث أسوأ أزمة إنسانية منذ بدء الصراع. وترسل تركيا آلافا من جنودها عبر الحدود لمحاولة صد الهجوم كما تقول إنها لن تمنع اللاجئين السوريين من محاولة الوصول لأوروبا وتفتح حدودها. ويفر الآلاف إلى اليونان.* مارس آذار 2020 – تركيا وروسيا تتفقان على وقف إطلاق النار في إدلب وتتعهدان بدوريات مشتركة وممر آمن بالقرب من طريق إم4 السريع.* مارس آذار/أغسطس آب 2020 – سوريا تكافح للتصدي لانتشار جائحة كوفيد-19 التي زادت من مصاعب الحياة فيها.* مايو أيار 2020/مارس آذار 2021- نقص حاد في الوقود والسوريون يصطفون لساعات للحصول على الخبز المدعم، في علامات على تهاوي الاقتصاد. والحكومة تضطر لترشيد توزيع الإمدادات وتطبيق زيادات قوية في الأسعار.* مايو أيار 2020 – ظهور أول مؤشرات علنية على حدوث خلاف بين الأسد وابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف الذي نشر لاحقا تسجيلات مصورة عن الأمر على وسائل التواصل الاجتماعي.* يونيو حزيران 2020 – الولايات المتحدة تعلن عن أشد عقوبات أمريكية على سوريا، “قانون قيصر”، وهي عقوبات توسع من سلطة مصادرة أرصدة كل من يتعامل مع سوريا بغض النظر عن جنسيته وتشمل قطاعات من التشييد والبناء إلى الطاقة.* ديسمبر كانون الأول 2020/مارس آذار 2021 – إسرائيل تصعد ضرباتها الجوية في أجزاء عديدة من سوريا، وبخاصة في الشرق، وتضرب أهدافا لمنع توسع النفوذ الإيراني.* فبراير شباط 2021 – إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تنفذ ضربة جوية بشرق سوريا على طول الحدود العراقية مستهدفة هيكلا تابعا لما وصفته بميليشيا مدعومة من إيران. وسوريا تصف الهجوم “بالجبان”.* مارس آذار 2021 – الليرة السورية تهوي لمستويات جديدة ويجري تداولها بسعر يقرب من 4000 ليرة للدولار، مع ضعف الاقتصاد وسط نقص حاد في العملة الأجنبية.