نوسوسيال

بقلم:الدكتور توفيق حمدوش/ الشعب السوري الحلول الغائبة والمستقبل الغامض.

578

 

قامت الثورة الشعبية في سوريا من أجل الحرية والديمقراطية والعيش الكريم، في العام ٢٠١١، لكن وبعد مرور ستة أشهر تغير مسار الثورة وبفعل فاعل، حتى تحولت إلى عسكرة وتخالف الأهداف التي قامت من أجلها. كانت الثورة السورية في البدايات شعبية، عفوية، هدفها الخروج من الواقع المروري

الذي كان يعيشه المواطن، حيث كانت المطالب الشعبية لا تتعدى بعض الإصلاحات التي تحفظ كرامة المواطن. وفي البداية لم يكن اسقاط النظام الهدف المنشود للجماهير الشعبية، لكن مجابهة الجموع المحتشدة بالحديد والنار من قبل الأجهزة الأمنية للنظام من جهة، وعسكرة الثورة من قبل

بعض الجهات الإقليمية التي دعمت الإخوان المسلمين الذين سرقوا اهداف الثورة من جهة اخرى، فافرغت من محتواها الحقيقي.فجبهت المظاهرات السلمية بالرصاص الحي، وبخاصة أن النظام السوري اختار الحل العسكري لقمع الشعب في سوريا، فكانت مطالبه عادلة وممكن التحقيق وبأقل

الخسائر الممكنة، لكن النظام الديكتاتوري القمعي الظالم، قابل شعبه بالقتل والدمار، ما أدى إلى تراجع المد الشعبي السلمي أمام الى قتل النظام الهمجية، ومع مرور الوقت ارتهنت المعارضة السورية بغالبيتها لبعض الدول التي أرادت دمار سوريا، وأصبحت تنقذ اجنداتها كتركيا التي دفعت

الأمور بتحويل الجيش الحر الى مجموعات وعصابات للنهب والسلب والقتل والارتزاق لصالحها، وأصبحت كابوسا لتدمير ما تبقى من الوطن. ما أدى إلى هجرة الملائم حتى وصل أعداد المهاجرين أرقاما مخيفة، وبات اكثر من نصف سكان سوريا خارج الديار، هذا غير الهجرة الداخلية التي تجاوزت الملائيين

ايضا، وسكن الغالبية من هؤلاء شمال وشرق سوريا، حيث كان الملاذ الآمن لهم.في ظل تلك التحولات أصبحت الساحة السورية مرتعا لظهور الكثير من التنظيمات والمجموعات الإرهابية من أبرزها داعش والنصرة، لتسيطر على الساحة السورية تحت مسميات عدة، والسبب في ذلك بكل تاكيد المعارضة

السورية التي لم تكن بالمستوى المطلوب، في تبني المطالب الشعبية، حيث ترك ذلك انطباعات سيئة لدى الداخل السوري. لذلك تخلت معظم الدول عن الشعب السوري بعدما كان عدد الداعمين يتجاوز ١٣٠ دولة، حتى المساعدات الأممية لم تعد تصل الى المحتاجين من النازحين في الداخل والخارج، في ظل

تنصل معظم الدول عن التزاماتها تجاه السوريين.وطغت المصالح الإقليمية والدولية على مصلحة الشعب السوري، وعلى رأس تلك الدول تركيا التي كان همها الاول محاربة الكرد ومشروعهم الديمقراطي بمشاركة شعوب المنطقة كافة، لأنها تخاف من الديمقراطية التي ينشدها أهالي

شمال وشرق سوريا، الذي سيؤثر حتما على الداخل التركي المهزوز، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود أكثر من ثلاثين مليون كردي في شمال كردستان، ومساحتها يقارب نصف مساحة تركيا.ومن ثم تأتي إيران وهي من ساهمت بشكل كبير في بقاء النظام في سوريا، وكان المشروع الإيراني في تأسيس الهلال

الشيعي من أولويات نظام الملالي، ونظرا لأن الحكم في سوريا بيد الطائفة العلوية الموالية لإيران، وسوريا باتت مزرعة لهم سيحاولون بشتى الوسائل البقاء على هذا النظام الذي لم يعد مقبولا من الشعب السوري، والولي الفقيه في إيران لديه مفاتيح للعب عليها، وكان سوريا هي إحدى المحافظات

 

الإيرانية ولها مصالح كبيرة تريد تحقيقها في سوريا. وهناك الروس الذين ادخلوا بشكل مباشر في العام ٢٠١٥ حيث كان النظام يترنح للسقوط، وخرج من سيطرته ما يقارب سبعون بالمئة من الأراضي السورية، لتقلب الواقع على الأرض وتسترجع المساحات عن طريق الغرف السرية والمقايضات وعمليات

 

البيع والشراء مع الاتراك. ومع كل اسف أنزلقت المعارضة السورية إلى حضن تركيا لاستخدامهم كمرتزقة لمحاربة الشعب الكردي، فاحتلت عفرين وسري كاتبه وكري سبي، تحت حجج ومسميات كاذبة لا أساس لها، وبخاصة أن الكرد اختاروا البقاء ضمن سوريا موحدة، وبناء نظام ديمقراطي حر

ودولة لا مركزية، هدفها العيش المشترك. وتلك المعارضة اختارت محاربة الإدارة الذاتية التي أثبتت جدارتها في جميع المجالات، وحافظت على الأمن والامان، وحتى تركيا تعلم أن الإدارة الذاتية تحتضن

جميع شعوب واديان ولغات شمال وشرق سوريا، وهدفها بناء دولة مدنية ديمقراطية حرة تكون لجميع السوريين دون إقصاء وتهميش، وعلى جميع السوريين يداً بيد من أجل بناء سوريا المستقبل لكل السوريين.
المانيا:د. توفيق حمدوش