مضت القرون الخمسة على أحداث معركة تشالديران التي جرت على أرض كردستان بتاريخ يوم/ 23 آب 514/ بين السلطنة العثمانية _ تركيا _ بقيادة السلطان سليم ياوز الأول من جهة و الامبراطورية
الصفوية _(ايران _ بقيادة الشاه إسماعيل الأول من جهة أخرى, حيث كان العثمانيون يخضون هذه المعركة ظاهريا تحت غطاء ديني وهم يعتبرون حالهم حماة المذهب السني الرئيسي و السيا سي في الاسلام لمواجهة الصفويين الذين بدورهم كانوا يعتبرون أنفسهم حماة المذهب
الشيعي وهم من أتباع على بن أبي طالب و شيعته ويعتبرون أنفسهم من أهل البيت و الأحق بخلافة المسلمين . لكن حقيقة الأمر كتن صراع نفوذ بين الدولتين للسيطرة على كردستان التي تعطي للمنتصر الافضلية لبسط سيطرته على كامل بلاد الرافدين و بلاد الشام .
جرت هذه المعركة الحربية على أرض كردستان شرق مدينة وان في سهل تشالديران وكانت وقودها الكرد حيث شارك أبناء كردستان بمعظمهم مع الجيش العثماني بعد وساطة من إدريس البدليسي ا
الذي بعث بخطاب الى السلطان العثماني يؤكد من خلاله استعداد الامارات الكردية الوقوف الى جانبه و محاربة الصفويين الشيعة بشريطة الحفاظ على استقلاليتهم الذاتية في إدارة شؤون اماراتهم وهو
ما وافق عليه السلطان و كانت المشاركة الكردية فعالة و مؤثرة في انتصار الجيش العثماني على الجيش الصفوي وهزيمته شر هزيمة .
هي المعركة الفاصلة التي قسمت كردستان بموجبها و وفق معاهدة قصر شيرين 1639 الحدود بين
شرق كردستان و شمال كردستان والتي لازالت حتى الآن هي نفسها تلك الحدود التي تستند الى معركة تشالديران. كما أنها و للمرة الاولى في التاريخ الى قسمين تحت سيطرة دولتين محتلتين هما
تركيا و ايران . ومنذ ذلك التاريخ و الكرد ينقسمون على انفسهم و يقسمون من جانب الدول المحتلة حتى وصلوا الى ما هو عليه الحال الآن, وطن مجزأ و مقسم بين أربعة دول, و شعب مقسم على نفسه و أحزاب سياسية منقسمة على ذاتها, وهكذا …
تشالديران لها مدلولات هامة في تاريخنا, فهي ليست مجرد معركة عسكرية كبيرة جرت بين دولتين كبيرتين وقتها و سقط ضحيتها عشرات الالاف من القتلى من الجانبين , بل هي تعتبر بداية الانقسام و
التجزئة و التبعية و فقدان الارادة الحرة و التحول الى مستعمرة دولية يمارس بحق شعبها ابشع أنواع المجازر و الانتهاكات الفظيعة و سياسات التتريك و التفريس و التعريب والعمل على صهر الامة الكردية و الغائها من الوجود عبر الابادة الثقافية . لذا فإن الثالث و العشرون من آب عام 1514 يعتبر
يوم أسود في تاريخ الامة الكردية و جرح لم يندمل منذ 506 أعوام ولا زال ينزف وسيستمر بالنزف والقيح ما لم تتوحد القوى السياسية و المجتمعية و الشخصيات الثقافية جميعها حول رؤية واحدة مشتركة ألا وهي حل القضية الكردية وإقرار الحقوق المشروعة للشعب الكردي وفق المواثيق
والمعاهدات الدولية وخاصة مبادئ حقوق الانسان و مبادئ الرئيس الامريكي ويلسون الاربعة عشرة حول حق الامم في تقرير مصيرها و بحسب معاهدة سيفر في 10 آب 1920 و التي اقرت هذه الحقوق المشروعة من خلال البنود 62 – 63 – 64 و بضمانات دولية . لكن القوى الاستعمارية المنتصرة في
الحرب اتفقت فيما بينها و قسمت كردستان الى أربعة أجزاء و من ثم عقدت معاهدة لوزان في 24 تموز 1923 مع مصطفى كمال اتاتورك ولم يرد ذكر للقضية الكردية و سحقت آمال و تطلعات هذا الشعب في الظفر بالحرية وتحقيق استقلاله .
يجب على كل كردي أن لا ينسى هذا اليوم و التاريخ المشؤوم , وأن يعمل و يكافح من أجل ازالة هذا الاجحاف و الظلم الكبير الذي الحق به وذلك من خلال الضغط على القوى والاحزاب و الشخصيات السياسية و الاجتماعية لتوحيد صفوفها و السعي من اجل تمثيلها بالمحافل الدولية واقرار حقها في
الحرية و العيش فوق ارضها بسلام, خاصة وان غدا الاثنين الرابع و العشرين من هذا الشهر آب 2020 سيتم عقد جولة جديدة من المفاوضات لحل الازمة السورية في جنيف, لا بد أن يشارك الكرد بموقف موحد في هذه المفاوضات والى جانبهم كل الشعوب و القوى الديمقراطية المحبة و الداعية للسلام و الحرية .