نوسوسيال

دمشق:بقلم الدكتور هاني الخوري/ كورونا الفيروس السياسي…

508

الجميع يلاحظ ان وباء كورونا المفزع والخطير قد تم استثماره من قبل معظم القوى السياسية المهيمنة العالمية كوسيلة هجوم على العدو او المنافس والية لتشويه سمعته او اظهار نجاحه بالمعالجة والمواجهة مقابل فشل الاخرين، وان فيروس كورونا هو نجمة التحولات السياسية والاقتصادية لعام 2020.
فمنذ البداية تم الاشارة الى كون الصين مصدر انتشار الوباء عالميا وان تهاونها بالتعامل مع اسواق الحيوانات البرية الحية او او بطء الاعلان عن هذا الوباء ربما يكون السبب لسرعة انتشار هذا الوباء، وتم تقديم روايات مختلفة عن مختبر ووهان المتعاون مع معد باستور للامراض المعدية وبان هذا المختبر هو مصدر تسريب الفيروس، وتم اتهام الخفافيش والاشارة الى ثقافة الطعام الصينية وتوجيه الانظار لادانة النظافة وطرق الطعام في الصين، ووجهت اصابع الاتهام لمختبر ووهان تبعا لكون اجراءات الوقاية او السلامة فيه لم تكن بالسوية المناسبة او الامنة وتمت المتابعة بالاشارة بطرق مختلفة ان البضائع ربما تكون وسيلة انتشار او عدوى للفيروس وتم التوجيه لمقاطعة البضائع الصينية عالميا وحدث توجه لدى عشرات الدول لمقاطعة البضائع الصينية ولو مؤقتا وعلى الاقل ايجاد وسائل لتعقيمها كون هذا الفيروس بادعائهم يعيش على الاسطح ولاوقات طويلة، وكانت الماكينة الاعلامية حينها والامريكية منها خاصة منشغلة بالافزاع العالمي من كورونا التي اجتاح الصين ولم تكون اوربا او امريكا تشعر بثقل انتشاره فيها، ولكن سرعان ما ظهر انضباط الصين وسرعة انشائها لاكبر مستشفى مؤقت عالمي لمعالجة مصابي كورونا في ووهان وشاهدنا كيف انجز بعشرة ايام مع بدايات شهر شباط الماضي وسرعان ما ظهرت الية معجزة في سرعة ضبط الوباء في الصين وبان ووهان تجاوزت الخطر وبطور ضبط الوباء فيها وظهرت فيديوهات لحجم الكادر الطبي الاسعافي والتمريضي والاطباء وانضباطيتهم وحجم التعامل مع تكنولوجيا التعرف على الاشخاص وشبكة الجيل الخامس ودورها في ضبط ومتابعة المصابين بكورونا والوصول للمشتبه بهم الذين خالطوا المصاب، وظهر ايضا كيف استثمرت الروبوتات في تعقيم الابنية والطرق وخدمة المرضى، للحفاظ على التباعد الاجتماعي وحماية الكادر الطبي والتمريضي، وظهر كيف ان الانضباط الشعبي الصيني الذي اذهل العالم ادى الى هذا الانجاز الوطني، ضبط الوباء العالمي خلال شهر من المعالجة وشهرين من بدء الاصابات وضبط رقم الاصابات عند الثمانين الفا والوفيات عند الثلاثة الاف وفاة للمصابين والتي تم تعديها لاحقا الى خمسة الاف وفاة.
طبعا تراجع الانتاج الصناعي العالمي والصيني وتوقفت السيارات والقطارات وحظرت المدن والطيران العالمي، وظهر هبوط البورصات عالميا، ولكن حين تحول الوباء الى جائحة عالمية، وانتقلت الانظار الى حالة انتشار الوباء سريعا في اسبانيا وايطاليا وظهر الرعب الشعبي الاوربي، وتصاعد ارقام المصابين في بريطانيا وفرنسا والمانيا ظهرت نقاط ضعف الاتحاد الاوربي وترهل روابطه، وشاهدنا التجاهل الكبير للدول الاوربية الغنية والكبيرة لاحتياجات الصحة في البلدان المصابة والتي تحتاج الى تضامن واهتمام اوربي تبعا للاتحاد لا بل ظهر نوع من التنافس على المنافس وعلى المشافي وعلى الكمامات والمعقمات وظهرت اخبار السطو على بضائع الاخرين الصحية وظهرت اصوات التفف من الايطاليين بقيمة الاتحاد الاوربي وهنا ظهرت سريعا ارادة الصين وروسيا للمساهمة في معالجة الوباء والمساهمة الانسانية للعلاج عندهم وظهر الامتنان للشعب الايطالي والاسباني والصربي لهذه الاستجابة الانسانية التي جاءت من دول المعسكر الاخر المحسوب على رتبة العداء السياسي ولم تاتي المساعدة من اخوة التعاون والاتحاد الاوربي.
فاذا ظهر في كل الخطوات السابقة طرق الاعلام والسياسيين في الاساءة للاعداء السياسيين فظهر التشكيك بالارقام الصينية، وبانها سبب انتشار الوباء وان تتحمل الخسائر ويجب ان تعوض وظهر وزير الخارجية الامريكي مرار الذي يقول فيروس ووهان او الفيروس الصيني في محاولة للصق التهمة نهائيا بالصينيين حيث ظهر اتجاه للامريكيين لاعتبار الوباء وسيلة ناجعة لضرب الماكينة الصينية وادخال الصين في متاهة التراجع الاقتصادي والسياسي كيف وان الصين تعد فوق المليار ونصف مليون مواطن، وليس معروف عنها تفوقها بالجهاز الطبي ما عدا الجهاز الطبي العسكري، فكيف استطاعت عبر ثلاثة الاف ضحية فقط ضبط اخطر فيروس عالمي الانتشار يهدد البشرية، وما هي الخبرات والتقنيات التي استخدمتها ليتم الاستفادة منها عالميا، وهل كانت الدول مستعدة لمثل هذا الفيروس وهذه الجائحة العالمية ضمن اعتبارات الحرب البيولوجية وحروب الجيل الرابع .
ولكن مع انتشار الوباء في ايطاليا واسبانيا وباقي الدول الاوربية وظهر رئيس الوزراء الايطالي باكيا، وظهور رئيس الوزراء البريطاني كيف ينادي بثقافة القطيع وان يقوم الناس بتوديع احبائهم وظهر ان الفيروس يؤثر اكثر على كبار السن بمعنى انه سيحصد كبار السن الكثر في اوربا .
وحين جاء دور الولايات المتحدة الامريكية والتي ظهر استهتار رئيسها بالوباء واعتباره مجرد انفلونزا صعبة كون فترة حضانتها طويلة ولا يظهر فيها الاعراض فلم يكن بحسبانه ان يغلق الاقتصاد وكان التاخير وسيلة لانتشار واسع في امريكا فيعد ان ظهر قراره في الغاء الطيران مع اوربا، واقتصار السفر عن طريق بريطانيا كطريقة لاظهار تحالفه مع بريطانيا ودعمها سياسيا واقتصاديا سرعان ما ظهر سرعة انتشار الوباء في نييوروك وفي العديد من الولايات المتحدة الامريكية وظهرت صعوبة انصياع الامريكيين للحظر الصحي مقابل الانضباط الصيني السريع والمباشر لتوجيهات واوامر حكوماتهم وسرعان ما ظهر هرم الامبراطورية الامريكية ضعف الجاهزية الطبية انتشار الفايروس في السفن العسكرية الكبيرة سرعة هبوط البورصات وانهيار الشركات الامريكية واحتياج الاقتصاد في 11 اذار الى حزمة دعم اقتصادي توازي تريليون دولار لم تهدا اسواق الاسهم مما استدعى سرعة الاعلان عن حزم تحفيز اقتصادي عالمية في قمر العشرين توازي خمس تريليونات دولار وان الولايات المتحدة ستقدم حزم دعم اقتصادي للشركات المنهارة والتقنيات الطبية وللعائلات المتضررة تصل الى 2.2 تريليون دولار وظهرت بعدها سرعة تهاوي الاقتصاد من خلال انهيار اسعار النفط اثر الخلاف بين السعودية وروسيا والذي كان متوقعا في ظل انخفاض الاستهلاك العالمي للنفط بنسبة الثلث على الاقل وتراجع النفط الى اقل من نصف اسعاره خلال اسبوع في ظل عدم الاتفاق على اليات لخفض انتاج النفط في اطار اوبك بلاس وظهر هذا الانهيار مناسبا للدول الصناعية المستهلكة للنفط لتخفيض فاتورة التكلفة وهنا ظهرت هذا الحرب في الاسعار موجهة ضد روسيا وفنزويلا وايران كوسيلة سياسية لضرب البلدان المعادية لامريكا، وبان اضرار الخليج والسعودية قابلة للتجاوز بالصناديق السيادية التضحية بجزء من الربح مقابل التحكم بالأسواق وحين ظهر صبر واستيعاب روسيا وايران وغيرها لموجة الانهيارات على اعتبار ان المعاناة الاقتصادية والاجتماعية ازدادت ولكنها معهودة وظهر الهبوط السريع للبورصات والاسهم والشركات في دبي والخليج العربي وسرعان ما ظهرت هذه الحرب مهددة اولا لمنتجي النفط الصخري في أوربا مما اثار جنون ترامب اكثر واضطراره للانتقال من حالة تقبل الخلاف بين السعودية وروسيا وتوجيه الامر للإضرار بالروس والايرانيين للادراك بان البيت الامريكي ظهرت عيوبه انهيار بالشركات وباصحاب الاعمال الصغيرة والمتوسطة والاضطرار لاعلان اغلاق الولايات وحجرها صحيا ولاية تلو الاخرى حتى اكتملت الولايات الخمسين فتحولت الحرب البيولوجية من الية لتدمير الاقتصادات الشرقية المنتجة والصاعدة الى حالة تهديد للاتحاد الاوربي والاتحاد الامريكي ايضا ورغم ظهور خلية الازمة الصحية يوميا على وسائل الاعلام للتخفيف من فزع الامريكيين وطمانتهم بان الامر متحكم به، وانهارت كل انجازات ترامب الاقتصادية وكل زيادة الانتاج الامريكي وارتفاع اعداد الوظائف المفقودة الى ثلاثة ملايين وظيفة وحالة بطالة ولو مؤقتة فاقت الثلاثين مليون عاطل عن العمل، ورغم مزايا اقتصاد البترو دولار الذي يسمح بطباعة الدولار بلا رصيد ولكن ظهر الخلاف واضحا بين مناصري الانتاج والاقتصاد الحقيقي بدعم من ترامب والنخبة المالية والتقنية التي تسعى الى الانتقال الى عصر الثورة الصناعية الرابعة وحماية البيئة والانتقال الى الوقود البيئي وانترنت الجيل الخامس والعملات الالكترونية واحداث ركود اقتصادي عالمي عميق يكمله اسقاط للاقتصاد الامريكي بصيغة الدولار.
في هذه الازمة تظهر اصابع الكالت والنخب المالية وجمعيات الاخوة التي تخطط الى انتقال عالمي عبر هجومات بيولوجية تؤدي الى تغيرات عالمية تنقل العالم الى عالم ما بعد كورونا عبر فرض الوشم الالكتروني بعد اكتشاف الفيروس وبدأت تظهر نظريات المؤامرة وعمق طروحاتها واحتمالية صحتها وبان العالم يواجه ازمة متعمدة غير مسبوقة لمزيد من السيطرة على العالم وعبر تنازع بين قوتي عائليتي السيطرة العالمية بين داعمي اقتصاد الذهب وبريتون وودز باعتماد الدولار وبديله العملة الالكترونية المعتمدة على الذهب، وهي الداعمة للصين وروسيا وذات النفوذ الكبير في بريطانيا وفرنسا وايطاليا والمانيا والعائلة الداعمة للاقتصاد الحر النيو ليبرالي القائم على عملة بدون رصيد عبر توازنات البترو دولار التي تتحول الى توازنات العملة الرقمية المعتمدة على قيمة الشركات التقنية العالمية وشركات الادوية والوقود البيئي.
ولا يخفى ايضا البعد السياسي في طبيعة الفيروس حيث لم يتوجه للشباب والاطفال قوة العمل القادمة ولكن نحو الشيوخ وكبار السن الذين يشكلون عبئا على التطور الاقتصادي والاجتماعي لاوربا وامريكا وحتى الصين وبدأت ماكينة الفيروس تحصد الوف كبار السن من مآويهم ، وظهرت اصابع المجموعات الداعمة لضبط التزايد السكاني لا بل التوجه لتراجع عدد السكان العالمي الى حدود ملياري شخص عبر الفوض والحروب وتعقيم الرجال ورفع تكاليف الحياة التي ظهر بعد توقف اقتصاديات معظم دول العالم بعد حظر اكثر من ثلاثة مليارات شخص منزليا بعيدا عن العمل والانتاج ماعدا العمل عن بعد عبر الشبكة.
ولا تتوقف الاثار السياسية هنا فالتوجهات نحو محاربة وضبط الاديان وتحويلها الى دين عالمي واحد عابر للاديان المختلفة والى دعم الالحاد ظهر في سياق انتشار الفيروس كورونا كيف ان الدين لا دور له في محاربة الفيروس واغلاق المعابد بكل انواعها ومنع التجمعات واغلاق الفاتيكان والمسجد الاقصى وكنسية المهد والقيامة وقم والنجف والمسجد الحرام في مكة وايقاف الحج والعمرة بكل انواعها مما اكد على ان هذا الفيروس موجه سياسيا ومن قوى مختلفة حسب مصالحها .
وحتى الصين وروسيا وكوبا قامت بنشر طواقمها الطبية لمساعدة ايطاليا وصربيا واسبانيا وغيرها من الدول للاستفادة من تجربة الصين الناجحة في ضبط الوباء والاستفادة من فرق المساعدة الطبية العسكرية الروسية الخبيرة في محاربة الامراض المعدية ومواجهة الحروب البيولوجية.
واستمرت الحروب السياسية كذلك على كل من يدعي توصله الى علاج شاف او لقاح ضد الفيروس واظهار مقدار الفزع العالمي مع منظمة دولية ممولة من حكومة الظل العالمية وظهرت شخصية بيل غيتس وتوقه للتوصل الى لقاح واستثماره في سبع لقاحات عالمية في سبع مراكز وشركات ادوية عالمية تتعامل مع مؤسسته الطبية والخيرية العالمية التي تدعي مساهتمها في حماية شعوب افريقيا لسنوات والتي تشمل تبرعاته بعشرات المليارات من الدولارات وظهر كيف انه المساهم الاول في منظمة الصحة العالمية خصوصا بعدما اوقف ترامب دعمها السنوي باربعمائة مليار دولار سنويا كيف رفع بيل غيتس مساهمته من مائة مليون دولار سنويا الى اضافة مائة وخمسين مليون دولار اضافية للتحكم بسياساتها في متابعة شؤون كورونا في كل دول العالم وربما فرض اللقاح القادم على كل دول العالم بالسعر الذي يراه مناسبا.
في عالم كورونا ليس هناك امم متحدة وجمعيتها العامة وليس هناك قرارات لمجلس الامن التي تعطل بسهولة هناك قرارات منظمة الصحة العالمية التي تفرض قراراتها بالتخويف والتفزيع والعقوبات الطبية ومنع المساعدات وتفرض سيطرتها على معظم الدول والتي تحولت الى اداة سياسية يقودها اشخاص مربوطين بالمصالح الاقتصادية لاصحاب شركات الادوية والمعقمات ومراكز البحث العلمي عن اللقاحات.
فهل هناك من شك بان كورونا اليوم هو من اهم لاعبي السياسة والتغيير العالمي اليوم فوق كل السلطات والدول المهيمنة ومنظماتها وعبر ادوات اعلامية واصابع قوى الظل العالمية.
دمشق في 27-4-2020
الدكتور هاني شحادة الخوري