نوسوسيال

القاهرة:بقلم سيد عبد الفتاح/ القاضي محمد و”فتنة” زينه ورتي:

549

رئيس مركز القاهرة للدرسات الكردية الاستاذ سيد عبد الفتاح

القاضي محمد و”فتنة” زينه ورتي

في البداية لا بد أن أؤكد على أمرين مهمين للغاية، الأول هو أنه ليس من حق أحد أن يتدخل في الشئون الداخلية للكرد، والثاني أنني على يقين أن الإخوة الكرد سوف يجتازون “فتنة” زينه ورتي بسلام، ولن يكون هناك أي وجود لسيناريوهات المواجهة والصدام والاقتتال، فجميع الأطراف في الأزمة الأخيرة على يقين كبير وإدراك كامل لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، والجميع يتحلى بالروح القومية والوطنية، وحريص أشد الحرص على الإخوة الكردية مهما كان عمق الأزمة وشدة الخلاف.
ولهذا فإنني متفائل للغاية في أن الأزمة التي تشهدها منطقة زينه ورتي سوف تنتهي على خير، والغمة سوف تنجلي بفضل الأخوة الكردية والعقلاء من الأطراف كلها.
وبعد أن أكدت على أنه ليس لأحد أن يعطي لنفسه الحق بالتدخل في الشؤون الكردية الداخلية، وربما ليس له أن يتدخل بين الأشقاء الكرد، إلا أن كلماتي هذه أبعد ما تكون عن محاولة التدخل فهي في الحقيقة أراها بمثابة واجب عليّ القيام به نحو الشعب الكردي الذي أعتبر نفسي أحد المناضلين من أجل حصوله على حقوقه المشروعة، ونحو القضية الكردية الإنسانية المشروعة التي أعمل بما أوتيت من جهد وقوة لكي تنال ما تستحقه من فهم ودعم وتأييد.
ولست في موقع الحكم في هذه الأزمة، أو أن أضع المسؤولية فيها على طرف، أو أنحاز لطرف فيها ضد طرف، فأنا على مسافة واحدة من جميع الأطراف، كما أنني في حل من مناقشة وتحليل موقف كل طرف ومنطلقاته واعتباراته ـ رغم معرفتي بأبعاد الأزمة كاملة ـ لكنني بحكم الأخوة أجدني مطالبًا بالدعوة إلى نزع فتيل أزمة يعلم الله ونحن جميعًا تداعياته الوخيمة على كل الأطراف، بل سيدفع ثمنها الشعب الكردي نفسه وهو ليس طرفًا فيها.
المؤكد في الأزمة/ الفتنة أن هناك “آخر” لا يضمر خيرًا للشعب الكردي كله سواء في باشور أو باكور أو روجافا، ومن مصلحته وحده أن تشتعل “جذوة” الأزمة فتلتهب نيرانها لتلتهم في طريقها الكل، بما يحقق في النهاية مصلحة هذا الـ”الآخر” المجهول/ المعلوم للجميع.
وحتى إن ظن طرف من أطراف الأزمة الكردية أنه ربما يدافع عن حقوقه أو مصالحه أو أنه قد يحقق مكسبًا ما مهما كان حجم هذا المكسب، فإنني أود أن ألفت نظره وأنبهه إلى أن ما يتصوره مكسبًا في حقيقته خسارة، خسارة له هو بذاته، كما أن ما يراه مكسبًا هو بالتالي خسارة لأخيه الكردي، ما يعني أن هذا الذي يظن نفسه رابحًا هو في الحقيقة خاسرًا دون أن يدري، لأن خسارة أخيه تعني خسارته، ومكسب أخيه يعني مكسبه.
لن أدعو الإخوة الكرد أطراف الأزمة إلى أن يتعقلوا ولا يستدرجوا للمكيدة المدبرة ضدهم، فثقتي فيهم جميعًا لا تتزعزع وأنهم يعرفون ما يُحاك لهم بليل ونهار.
ولن أطالبهم بضبط النفس وعدم الانجرار للصدام. ولن أطالبهم بالإسراع إلى اللقاء والحوار المخلص الأخوي، فهم سيفعلون ذلك من أنفسهم فهم إخوة ويعرفون حقوق الأخوة.
فقط في النهاية أذكرهم ـ وأنا أعرف أنهم لم ينسوا ـ بكلمات ووصية الزعيم والمناضل الكردي الشهيد قاضي محمد.
يا شعبي المظلوم !
ها أنا ذا في اللحظات الأخيرة من حياتي، أقدم لكم بعض نصائحي: ـ تعالوا أناشدكم بالله أن لا يبغي بعضكم على بعض.. توحدوا وتعاضدوا.. اثبتوا أمام عدوكم.. لا تبيعوا أنفسكم لعدوكم بثمن بخس.. وإن تودد عدوكم لكم محدود وينتهي حين تتحقق أهدافه.. فهو لا يرحمكم أبدًا، ومتى وجد الفرصة واستنفدت أغراضه، فإنه ينتقم منكم لا محالة ولا يعفو عنكم ولا يرحم. إن أعداء الكورد كثيرون، هم ظلمة، مستبدون ولا يرحمون.. وعلامة وطريق نصر أي شعب أو أمة، يكمن في وحدتهم واتحادهم، وكذلك في المناصرة، وإلا فهم يرزحون تحت وطاة المتجبرين.
إخوتي! لا يخدعنكم العدو.. فعدو الكورد عدو أيًا كان لونه وجماعته وقومه.. لا شفقة له ولا ضمير، ولا يرحمكم، ويوقع بينكم الفتنة والتقاتل، ويثير بينكم الأطماع.. وعن طريق الخدعة والأكاذيب، يحرّض بعضكم ضد بعض. وهكذا كانوا دائمًا، فالبغض والكراهية متأصلان فيهم طوال التاريخ ولحد اللحظة.
تأكد أن الكوردي أفضل لك.. والعدو يحمل البغض والكراهية في قلبه..
رحم الله الشهيد قاضي محمد.. ونجا الشعب الكردي من الفتن ومؤامرات أعدائه.. وحفظ الأخوة الكردية..
ــــــــــــــــ
• رئيس مركز القاهرة للدراسات الكردية