نوسوسيال

بقلم:آلدار خليل سيا سي كردي سوري / تركيا المريضة بِداء أردوغان..

351
ترك العثمانيون حقبة سوداء وراءهم بعد فترة حكم في المنطقة دامت لقرابة أربعة قرون؛ التي اتسمت بالإبادة الدينية، العرقية، الثقافية وحتى السكانية تحت شعار “الدين”. وبحجة تحقيق الاستقرار حدثت العديد من المذابح التي لا تزال محفورة في ذاكرة وتاريخ المنطقة ومنها ما حدث في آمد وديرسم المجازر التي توسعت لتشمل كل المسيحيين في المنطقة وعلى رأسهم السريان والأرمن ومذابحهم المعروفة وأيضاً ما حصل بحق العرب وفي المقدمة عمليات التتريك والصهر في بوتقة الدولة العثمانية.
غزا العثمانيون مصر بذريعة الدفاع عن الدين الإسلامي والشريعة. لكن؛ كانت أهدافهم غير ذلك تماماً، حيث قاموا أيضاً بعمليات الصهر والإبادة ومحاربة الثقافة ووصلت بهم الأمور لاقتحام الأزهر الشريف بالرغم من رمزيته العريقة، وكذلك مذبحة الجوازي التي لا تزال حية والتي قام بها العثمانيون قبل 200 عام في بنغازي بليبيا وراح ضحيتها بالآلاف؛ ناهيكم عن الإعدامات التي قام بها جمال باشا السفاح في سوريا ولبنان وغيره من السلاطين.ما يفعله أردوغان اليوم بإصراره على إعادة الهيمنة العثمانية ليست إلا رغبة لإحياء صيتها السيء وممارساتها بشكل عملي، لا بل يقوم بأفعال أسوأ منها، حيث في إطار المقارنة التاريخية ما فعلتها داعش يتطابق تماماً مع ممارسات العثمانيين بشكل علمي وعملي وكذلك ممارسات أردوغان تتطابق مع الاثنين تماماً مع تجاوز أردوغان للسوء أكثر كما ذكرنا. لذا؛ فإنه ومع كل هذه المدة من الحكم والهيمنة؛ فقد شهد بدايات عام 1900 تراجعاً للدور العثماني وبدأت مرحلة السقوط والانهيار وتخلص العالم من هذا الوباء الذي لازم المنطقة وعاث فيها فساداً ودماراً. وبالرغم من أن ذلك التاريخ لم تنساه الشعوب؛ فإن أردوغان اليوم يعمل على إعادة ذلك بكل فخرٍ.
لطالما نتحدث عن التطابق العملي لأفعال أردوغان مع الحقبة العثمانية البائدة وإنه أسوء منها؛ فإن أردوغان أيضاً يختار الانهيار والسقوط بعد كل ما فعله في المنطقة ولا زال مستمراً، حيث إن أحد الأسباب الرئيسية لسقوط العثمانية وهي ذاتها التي ستسقط أردوغان؛ تلك المجازر التي تمت بحق أهالي وشعوب المنطقة، فكما أحيت العثمانية كل ما يخلق العداء بينها وبين الشعوب؛ يعمل أردوغان اليوم ويسلك في الاتجاه ذاته؛ ما يؤكد بأنه سيكون أمام النتائج ذاتها حتماً وبشكل أفظع.
بالرغم من مذابح العثمانيين وبطشهم إلا إنهم حاولوا الحفاظ على العلاقة مع الكرد، حيث حافظ العثمانيون على نفوذهم في المراحل التي كان هناك تحالف بين العثمانيين والكرد؛ بالرغم من استغلالهم السيء للتحالفات. لكن؛ اليوم أردوغان لا يمارس الاستغلال والبطش فحسب، وإنما ينسف كل شيء ويسعى للإبادة دون هوادة؛ لا بل يُحيي بالوسائل المتبعة اليوم العداء التاريخي مع الكرد وغيرهم ويغلق كل سُبل اللقاء وحتى يلغي التعايش المشترك للشعوب على الأقل بين الكرد والأتراك ليثبت إنه أسوأ من العثمانيين ذاتهم، ويؤكد بأن ما حصل للكرد في آمد وديرسم وللسريان والأرمن والعرب وغيرهم في المنطقة سيكرره هو في أي مكان يعلو فيه إرادة هذه الشعوب وبشكلٍ أفظع؛ فهذه الممارسات بمثابة قرار له نحو الانهيار وانهيار أركان نظامه وتوجهه نحو مأزق لا نجاة فيه بعدما لطّخ تاريخ حكمه في المنطقة بالدم والغطرسة والإبادة ودعم الإرهاب. أما على الصعيد التركي؛ فممارسات أردوغان ليست في خدمة تركيا لا شعباً ولا مستقبلاً؛ ذلك أنّ الصمت الداخلي أمام أردوغان يخلق استياءً شعبياً عالمياً من الشعب التركي ذاته الذي لا بد أن يؤكد بأنه بريء من هذا المسلك والتوجه بأي شكلٍ من الأشكال.
آلدار خليل : سياسي كردي سوري