نوسوسيال

بقلم الكاتب السوري حسان يونس : تضارب وتلاقي المظلوميات الكردية والفلسطينية.

499

 

 

 

 

 

 

 

بقلم الكاتب السوري: حسان يونس.

 

 

 

ارتكبت قيادات المكتب السياسي في حركة حماس الكثير من الأخطاء القاتلة لصالح انتمائها الاخواني، بدءا من مباركة رئيس المكتب السياسي السابق في الحركة  خالد مشعل للاحتلال والاستباحة التركية لمناطق الشمال السوري وبالاخص منطقة عفرين فيما عرف بعملية “غصن الزيتون” في آذار 2018 م، حيث رأى السيد مشعل أن ذلك الاحتلال وتلك الاستباحة التركية، التي لا تقل ولا تختلف في شيء عن الاستباحة الصهيونية الاستيطانية للأراضي الفلسطينية: “تعبر عن الإرادة التركية”.
لم يذهب اسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي الحالي لحركة حماس، بعيدا عن سلفه، فالرجل لم يترك مناسبة منذ  الهجوم الاسرائيلي على سفينة “مافي مرمرة”  في ايار 2010م، الا وامتدح وشكر وقدّر وتمسح بحزب العدالة والتنمية الاخواني الحاكم في تركيا.

الا ان السلوك الاسوا للحركات الفلسطينية الاخوانية، في التماهي مع الاستباحة التركية للشمال السوري، صدر عن جمعيات اخوانية إسرائيلية – فلسطينية من عرب 48، دعمت بناء مجمعات استيطانية لصالح سياسات التغيير الديمغرافي التركية في نواحي مختلفة من منطقة عفرين في سياق تتريك واخونة المنطقة وابتلاعها ديمغرافيا.
ونشطت في هذا الإطار  جمعية “العيش بكرامة” التي يقع مقرها الرئيس في بلدة “الطيرة” داخل أراضي الثماني وأربعين في إسرائيل واطلقت حملتين لجمع التبرعات وبناء مجمعات استيطانية في عفرين باسم حملة  “دفء القلوب الرحيمة”، وحملة “بسمة” كما نشطت جمعية “فلسطين 48”.
وبحسب تقرير نشره المركز الكردي للدراسات في 8 شباط 2022، تحت عنوان “المنظمات الخيرية قاطرة التغيير الديمغرافي في عفرين”، فإن المنظمات الفلسطينية المذكورة تنطلق من دوافع اخوانية مذهبية، وقد شاركت الجمعيتان المذكورتان الى جانب منظمات تركية وكويتية وقطرية اخوانية، في بناء نحو 28 قرية استيطانية في منطقة عفرين ، تتوزع في مناطق شران والشيخ حديد وجنديرس وبلبل وراجو .

هذه الارتكابات تخلق اشكالية في مقاربة الأكراد السوريين للقضية وللمظلومية الفلسطينية وخاصة سكان منطقة عفرين الذين هجروا من بيوتهم واستبيحت ممتلكاتهم وثقافتهم وارواحهم واصبحوا نازحين في مخيمات تنتشر في منطقة الشهباء شمالي حلب، أسوة بالفلسطينيين المهجرين والنازحين في مخيمات متعددة في الأردن وسورية ولبنان والأهم في غزة، حيث تجري الآن حرب وماساة نادرة الحدوث، تقارب الملحمة.

أكد القادة الميدانيون في حماس وكذلك القيادة السياسية المنتشرة في قطر وتركيا ان جسم الحركة المقاتل حاليا في قطاع غزة ليس على صلة بالقيادات الاخوانية الضالة والغارقة في الجاه والنعيم في قطر وفي تركيا.
عمليا انفصل هذا الجسم المقاوم الملحمي عن ذلك الراس الاخواني الفاسد واستعاض عنه بقادة ميدانيون نشأوا في السجون وتحت القصف وفي الانفاق ولم يتلوثوا بالارتباطات الاخوانية مع السياسات التركية.
براءة كتائب القسام المقاتلة في قطاع غزة من قيادات حماس الاخوانية، تجلت بوضوح في تقرير موسع نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية في 8 تشرين الثاني الجاري حول عملية طوفان الأقصى.
نقلت الصحيفة الامريكية عن كل من طاهر النونو، المستشار الإعلامي لحركة حماس والسيد الحية، عضو المكتب السياسي للحركة إن “الهجوم تم التخطيط له وتنفيذه من قبل دائرة ضيقة من القادة في غزة الذين لم يشاركوا التفاصيل مع ممثليهم السياسيين في الخارج، مما ترك الجميع مندهش من ضراوة الهجوم وحجمه ومداه”.
والدائرة الضيقة المقصودة هي يحيى السنوار الذي أصبح عام 2012، ممثل الجناح المسلح لدى القيادة السياسية لحماس والذي أصبح كذلك قائد حركة حماس في قطاع غزة منذ عام 2017، وكذلك محمد ضيف الرئيس الغامض لكتائب القسام، وكان الرجلان من المخططين الرئيسيين لهجوم 7 تشرين الاول. الذي استغرق بناء القدرات اللازمة له سنوات، لكن قرار إطلاقه ظل سرًا يخضع لحراسة مشددة من قبل عدد صغير من قادة حماس في غزة الذين لم يبلغوا المشاركين حتى اللحظة الأخيرة لمنع اعتراض القرار من قبل أجهزة المخابرات.
ما ذكره تقرير نيويورك تايمز يتفق مع ما نقلته قناة “روسيا اليوم” عن رئيس دائرة العلاقات الوطنية لحركة حماس في الخارج علي بركة في 13 تشرين الاول الفائت، من أن “الحركة لم تبلغ أحدا من الحلفاء والأصدقاء بعملية “طوفان الأقصى”.
اذاً، فوجيء كلا من مشعل وهنية بعملية 7 تشرين الاول ولم يكونا على اطلاع أو تنسيق حول العملية وهو مؤشر على أن القيادات الميدانية لا تثق بهذا الثنائي وامتداداته. لذا فإن المقاتلين حاليا في حماس وقائدهم محمد الضيف هم نموذج مختلف عن الانتماء الاخواني الذي يمثله الثنائي هنية ومشعل ولا يجوز تحميل الجسم المقاوم الباسل الذي يصنع الأساطير فوق الأرض وتحتها ارتكابات تجار القضايا والمواقف هؤلاء.
وهذه نقطة مهمة في إعادة بناء مقاربة محايدة غير عاطفية من الحرب الجارية في القطاع، إن أصحاب المظلوميات والقضايا المتشابهة مدعوون إلى التضامن والتكاتف في مواجهة القتلة المتشابهين، بل والمتطابقين، ذلك أن التعاون الأمني والعسكري والاستخباري والتجاري بين تركيا وإسرائيل في ذروة القصف الإسرائيلي على غزة لا يدع مجالا للشك أن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الحماسية الخلبية وتصريحات حليفه في السلطة دولت بهشتلي هي حاجز دخاني من أجل تمرير التعاون التركي الإسرائيلي أمام الرأي العام.