نوسوسيال

مخيم الهول والصمت الدولي

439

رغم أن معظم دول العالم أقرّت بأن وضع هذا العدد الكبير من عوائل الارهابيين الذين تم وضعهم في مخيم الهول بعد القضاء على آخر معقل لهم في بلدة الباغوز، إلا أنها نفس هذه الدول لا تهتم بمواطنيها الذين تركوا بلدانهم والتحقوا بداعش. عدم المبالاة هذه ربما تكون الدافع في نشاط خلاياه في المنطقة وسعيهم إعادة تنظيم صفوفهم من جديد على الأقل عبد سلسلة عمليات الاغتيال التي طالت زعمائهم خلال الفترة المنصرمة. عدم مبالاة المجتمع الدولي لهذه الدرجة وحتى رفض بعض الدول من استقبال مواطنيهم الارهابيين ومحاكمتهم على أراضيها، كأنها تريد أن تقول؛ ليس لي أي علاقة بهم.

محاولة داعش الاخيرة في الحسكة والتي تمت بدعم تركي مباشر وفق اعترافات عناصر داعش الذين استسلموا لقوات سوريا الديمقراطية، ربما كانت تركيا أيضاً هي المحرض والداعم للمحاولة الأخيرة في مخيم الهول لنشر الفوضى مرة أخرى في المنطقة. خاصة أن هذا المخيم يحتوي على عدد كبير جداً من الارهابيين الذين كانوا يوماً ما مقاتلين أو إدرايين أو مسؤولين في دولتهم المزعومة، وأنهم يتحينون الفرصة للعودة ثانية. محاولة فاشلة أخرى كانت أمس في مخيم الهول كما كانت محاولتهم في سجن الحسكة قبل شهور عدة، لكن بكل تأكيد لن تكون الأخيرة.

تركيا لن تتخلى عن أدواتها حتى يتم استخدامهم إلى آخر درجة إن كان في سوريا أو العراق أو نقلهم لأماكن أخرى مثل أوكرانيا كما فعلت ونقلتهم إلى ليبيا وأرمينيا. فهذه الفصائل الارهابية وغيرها ارتهنت لتركيا أردوغان وتؤتمر بأمرهم وهم مستعدين بأن يكونوا بيادق تحت طلب تركيا وأردوغان متى ما شاء وأينما شاء. ولربما يستفيدون من حالة عدم الاستقرار التي يعيشها العراق في الوقت الراهن ويتمددوا هناك مرة أخرى لنشر الفوضى ويعيدون الزمن إلى الوراء. ونفس الأمر ينطبق على سوريا حيق نرى تحركات داعش الأخيرة وقيامهم ببعض العمليات العسكرية وسيطرتهم على بعض الأماكن، كل ذلك يوحي بأن هذا التنظيم الارهابي رغم أنه تلقى ضربة صاعقة بمقتل زعيمه، إلا أنه يستطيع تجميع عناصر مرة أخرى ليقوموا بعمليات وكأنهم يبعثون برسائل مفادها؛ أننا ما لزنا على قوتنا وبمقدورنا أن نجمع صفوفنا ونقوم بعمليات في أماكن مختلفة.

محاولات سيقوم بها داعش الآن وغداً ولن يدع الفرصة تفوته كي يعود للمشهد ثانية وإن أعلن عن دولته المزعومة في مكان آخر، إلا أن بقائه في سوريا والعراق وبالقرب من تركيا سيطون دافعاً معنوياً كبيراً لهم والاستفادة من حالة الفوضى التي ضربت المنطقة بشكل عام بعد توغل القوات الروسية في أوكرانيا. فروسيا مهتمة الآن فيما ستكون نتائج اجتياحها هناك وباتت سوريا في المرتبة الثانية بعدما كانت من أولويات روسيا وبوتين. الزخم الروسي في سوريا لم يعد كما السابق وهذا بالتحديد ما ستستفيد منه داعش من أجل استعادة هيبتها وسيطرتها على بعض المناطق على الاقل في هذه الفترة.

تركيا التي تسعى للاستفادة من هذه الفوضى أيضاً وبما أنَّ الكل عيونه على ما يدور في روسيا وأوكرانيا وتأثير ذلك على دول العالم من الناحية الاقتصادية، إلا أنها أي تركيا ستعمل على تنفيذ ما لم تنفذه في الماضي وستتحين الفرصة للانقضاض على المناطق التي كانت تتمنى أن تحتلها. العراق الذي يعيش حالة من هدم الاستقرار نتيجة التقلبات السياسية التي يعيشها خاصة بعد فشل البرلمان من انتخاب رئيس للدولة وعدم تشكيل الحكومة حتى الآن، هذه الفوضى ربما سيكون لها تأثير كبير جداً في قادم الأيام على العراق بشكل عام. عدم توافق الأحزاب فيما بينها على المحاصصة وحالة التوافق الذي كان بينهما طيلة الانتخابات التي جرت في العراق، الآن في هذه الفترة يفقد العراق هذه الحالة التوافقية ويصر كل طرف على احقيته في تشكيل الحكومة من دون الطرف الآخر، وكذلك عدم توافق الكرد على رئيس يزيد الطين بلّة في حالة عدم الاستقرار هذه.

هذه الفوضى في العراق وسوريا وتأثير الحرب الروسية الأوكرانية سيلقي بظلاله على هذه المنطقة إن كان بشكل مباشر أو غير مباشر، وما محاولات داعش في سجن الحسكة قبل الآن ومخيم الهول في هذه الفترة، إلا دليل على أن الفوضى لم تنتهِ وما زال أمام قوات سوريا الديمقراطية والمؤسسات السياسية الكثير م العمل لاتخاذ كافة التدابير كي لا يقع الأسوأ وتنتقل المنقطة برمتها للفوضى بكل معنى الكلمة، والذي لم يستفيد منه سوى القوى الطامعة في احتلال المناطق وبسط نفوذها في هذه الفترة.

عدم المبالاة هذه ستستمر نظراً لمواقف الدول التي لم تتغير إلى الآن وكذلك محاولات تركيا دعم داعش لن تتوقف في ظل الفوضى التي تعيشها المنطقة، حيث تسعى تركيا لضرب مشروع الادارة الذاتية التي استطاعت أن تدير شؤون المجتمعات حتى الآن رغم حالة الحصار التي تعيشها. أمام شعوب المنطقة في شمال وسرقي سوريا مسؤوليات تاريخية تقع على عاتقهم في حماية مكتسباتهم وبنفس الوقت عدم نجاخ تركيا وداعش في الوصول لهدفهم في نشر الفوضى من خلال تمكنهم من السيطرة على مخيم الهول والتي ستكون هدية لهم من السماء قد جاءتهم.

قوات سوريا الديمقراطية التي استطاعت أن تفشل مخططهم وأوهامهم في سجن الحسكة هي قادرة على إفشالها في أي مكان أيضاً، نظراً لتجاربهم في محاربة هذا التنظيم الارهابي ومعرفتهم بنواياهم ونوايا تركيا في القضاء على هذا المشروع الديمقراطي الوليد في المنطقة. بكل تأكيد الحق لوحده لن يكون عامل انتصار في كل الأوقات إن لم يكن هناك قوة تصون هذا الحق. وأن قوات سوريا الديمقراطية والتي قدمت أكثر من مائة شهيد في سجن الحسكة وعملت على حماية العالم من أخطر ارهابيي العالم، هي قادرة أن تكون على قدر المسؤولية مرة أخرى في حمايتهم ثانية وافشال كافة مخططاتهم.